أشاد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بوطنية وانتماء أهالي النوبة كطيف أصيل من أطياف الشعب المصري، نافيًا أن يكون هناك أي تمييز ممنهج يمارس تجاه النوبيين، مؤكدًا رفضه لوضع أي حقوق لفئة ما في صورة قانون، لأن ذلك يعد تكريسًا للتفرقة والتمييز بين عناصر النسيج المصري الواحد. وكان الإمام الأكبر قد التقى في مقر مشيخة الأزهر وفدًا من مجلس إدارة نادي "النوبة" العام، وبعض أعضاء "الجمعية المصرية النوبية للمحامين"، ورؤساء الملتقيات النوبية، وممثلين عن السيدات والشباب.  وقد تناول اللقاء مناقشة ملفات الشأن النوبي، والتي ذكرها رئيس مجلس إدارة نادي "النوبة" العام المستشار محمد صالح عدلان، حيث تمثلت مطالب النوبيين في العودة إلى 44 قرية نوبية على ضفاف بحيرة ناصر، والتي كانت مساكنهم الأصلية التي تم ترحيلهم منها قسرًا عام 1964، وكذلك وقف كل السلوكيات التمييزية التي يتعرض لها النوبيون، والتي كان أخرها حادثة إهانة صدرت عن إحدى المعلمات في معهد "القدس" الأزهري في الجيزة، حيث وصفت الطالبتين النوبيتين (بسملة وجهاد) بـ"السودانيين"، لسبب سمار بشرتهم. واستمع فضيلة الإمام الأكبر إلى رواية الطالبتين (بسملة وجهاد) لواقعة إهانتهما على يد المعلمة سعاد عبد الحميد، وذكرتا وصف المعلمة لهما بأوصاف لا تليق، وقامت بطردهما من الحصة لاعتراضهما على تلك الإهانة، واتهمتا مديرة المعهد بالتقاعس عن اتخاذ أي إجراء تجاه ما وجّه إليهما.  وعلى إثر سماع فضيلة الإمام لذلك استدعى على الفور الشؤون القانونية في المشيخة، وكلّفهم بفتح تحقيق عادل وفوري مع المعنيين بتلك الحادثة، وإلغاء كافة التحقيقات التي تمت من جهة قطاع المعاهد الأزهرية، وإيقاف المعلمة حتى انتهاء التحقيق، كما أكد فضيلته أن الأمر لا يعدو أن يكون ظواهر سلبية من بعض الأفراد، و أن المصريون يبادلون النوبيين كل مشاعر الحب والاعتزاز، ويرونهم رمزًا للأمانة والكفاح والوطنية، مشيرًا إلى أن شيخه الإمام القرني، صاحب البشرة شديدة السمرة، كان كثير العلم ومن أكثر الناس تأثيرًا فيه. من جانبه، رفض مستشار الإمام الأكبر السفيرعبد الرحمن موسى دعاوى التمييز، وكذلك دعاوى التقسيم، قائلاً "كلنا أبناء وطن واحد، وميزة هذا الوطن ومصدر قوته هو الاختلاف، بمعنى التنوع في أشياء كثيرة كاللون والثقافة والمفاهيم، وهذا الاختلاف المحمود هو رحمة من الله، وإثراء حضاري للمجتمع، فسقطات بعض الأفراد هنا أو هناك ينبغي ألا تكون ذات أثر في علاقاتنا، وينبغي تجاوزها، وعدم التعامل معها بحساسية، فالخطأ ليس له انتماء، كله مجرّمٌ ومُدَانٌ أيًا كان فاعله". هذا، وقد تناول اللقاء أيضًا التجاهل الذي يعيشه أهل النوبة، حيث أكد رئيس إحدى الجمعيات النوبية، والأستاذ في كلية الهندسة جامعة الأزهر الدكتورمحمد بحر على عدم تعرضه للاضطهاد على مدار عمره، وصولاً إلى شغل أعلى المراتب العلمية، إلا إنه أثناء العقود الثلاثة الأخيرة، لاحظ تجاهلاً للنوبيين ومشكلاتهم، مطالبًا الأزهر وشيخه بالوقوف إلى جانبهم ومساندة حقوقهم. وعبَّر أحد شباب الثورة النوبيين و يدعى خالد الباقر عن مطالب الشباب والمتمثلة في الشعارات الشهيرة للثورة المصرية "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية"، كما طالب الأزهر بإحداث حالة حوار بين فئات وأطياف المجتمع المصري كافة قائلاً "لا نرضى عن الأزهر بديلاً لرعاية الحوار الوطني بين كل فئات الشعب المصري".  وفي ختام اللقاء، عبّر الوفد عن امتنانهم لفضيلة الإمام الأكبر، موجهين الدعوة إليه لزيارة أرض النوبة، ليعطي زخمًا لقضيتهم ومطالبهم، وليكسر حاجز التهميش الذي يشعرون بوجوده، وليغلق باب فتنة وانقسام يحاول بعض المتآمرين جرّ النوبيين إلى فتحه، قائلين للإمام "شرف لنا أن تتحدثوا بمطالبنا ومشاكلنا، ونفوضكم في الحديث باسمنا، مطالبين بحل مشاكلنا".