الرئيس القطري

أكدت دولة الإمارات العربية المتحدة، أن الإجراءات المشتركة مع المملكة العربية السعودية ومصر والبحرين ضد قطر جاءت بعد صبر طويل ونقض لاتفاقيات وقعتها قطر وأخلت بها ، وجاء ذلك في كلمة وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور محمد بن أنور قرقاش، أمام الدورة 148 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية التي عقدت اليوم بالجامعة العربية ، حيث أوضح أن الهدف المشترك لا يرتبط بسيادة قطر بل بالضرر الذي وقع على هذه الدول وعلى استقرار المنطقة.

ولفت إلى أنه من المهم أن يتغير التوجه الذي سعي إلى دعم التطرّف والإرهاب وإلى التدخل في الشؤون الداخلية لدولنا والعديد من الدول العربية الأخرى، كما أضاف أننا سنواصل إجراءاتنا ضد قطر بغية تغيير التوجه القطري وحماية داخلنا من هذه السياسات العدائية وضمان حقوقنا السيادية، متابعًا أننا نرى أن الحل ليس في التصعيد بل في الإطار السياسي من خلال الحوار المستجيب للمطالب الثلاثة عشر، داعيا إلى الحكمة والإدراك بأن الشفافية تجاه السجل السابق وضرورة تقييمه هو الطريق الوحيد للخروج من أزمة قطر .

وأشار إلى أن المنطقة لا تزال تعاني من التدخلات الإقليمية المستمرة في الشؤون الداخلية للدول العربية ومن أبرزها تدخلات إيران وحلفائها الجائرة في المنطقة من خلال استمرارهم في دعم الجماعات المتشددة وتدريب وتسليح الإرهابيين والميليشيات وفرض التطرّف والطائفية في عدد من الدول العربية لإدخالها في فوضى وصراعات داخلية ونشر ثقافة الكراهية والعداء في عدد من الدول العربية لإدخالها في فوضى وصراعات داخلية تستنزف من مقدراتها البشرية والمادية.

وجدّد الدعوة لإيران إلى الرد الإيجابي على الدعوات السلمية للإمارات العربية المتحدة للتوصل إلى حل سلمي لإنهاء احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى وذلك عبر الحوار والمفاوضات المباشرة أو من خلال اللجوء إلى التحكيم الدولي بما يتوافق مع ميثاق الامم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، مشددًا على أهمية هذه الدورة الوزارية في ظل تمدد ظاهرة الإرهاب في العالم العربي والتي ترجع بالأساس إلى عدم فاعلية إدارة الأزمات في حل الصراعات بالمنطقة، حيث قال إن النزاعات المتأججة والحروب الدامية التي تمر بها المنطقة تستمد قوتها من أطراف لا ترغب بالسلام، وضعت نصب أعينها أهدافا ضيقة وكرّست طاقاتها ومواردها في دعم التطرّف والإرهاب والطائفية بما يقوض بناء الدولة الوطنية ويعيق التنمية المستدامة للشعوب ويشكل تهديدا ليس للأمن الوطني فقط بل للأمن الإقليمي والدولي .وطالب في الإطار ذاته بضرورة وضع سياسات وإجراءات واليات قانونية وتشريعية ضمن الإطار العربي قابلة للتنفيذ ومكافحة هذه الجرائم.

وحول تطورات القضية الفلسطينية، أكد أن الممارسات الخطيرة والمخالفة للشرعية الدولية التي اتخذتها إسرائيل في محاولة منها لتغيير الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس عبر المساس بهويتها وبالمقدسات الإسلامية والمسيحية هو أمر مرفوض يلتزم العمل على ضمان عدم تكراره، موضحًا أن استمرارية احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية يشكل عامل أساسي لعدم الاستقرار الإقليمي .وأكد على ضرورة التوصل لتسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية مبنية على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.

وحول الأزمة اليمنية، أفاد قرقاش أن دولة الإمارات ترى أهمية الالتزام الكامل بدعم الشرعية الدستورية والحفاظ على وحدة اليمن واحترام سيادته واستقلاله ورفض التدخل في شؤونه الداخلية، مشددا على أهمية الحل السياسي في اليمن والذي يجب أن يعتمد على أسس ومرجعيات واضحة تتمثل في المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار اليمني والقرارات الدولية بما فيه قرار مجلس الأمن رقم 2216، كما لفت إلى دعم الإمارات لجهود المبعوث الاممي في سعيه لإيجاد تسوية سياسية للازمة اليمنية بين أطياف الشعب اليمني الشقيق، أما عن الأزمة السورية فأكد قرقاش ضرورة احتواء الأزمة السورية والسعي للتخلص من الجماعات الإرهابية والمتطرفة وبالأخص تنظيم داعش الذي بدأ بنقل عناصره من الحدود السورية اللبنانية إلى الحدود العراقية، مؤكدًا دعم دولة الإمارات لجهود الأمم المتحدة في عقد مفاوضات مع أطراف الأزمة السورية، مطالبا جميع الأطراف بالالتزام بالقوانين الدولية ووقف جميع أعمال العنف ضد المدنيين وحمايتهم وتوفير ممرات لإيصال المساعدات الإنسانية للشعب السوري الشقيق.

ودعا إلى مساعدة دول الجوار السوري لاستيعاب اللاجئين والعمل على الوصول إلى النازحين في داخل سوريا بما في ذلك عبر الحدود للتخفيف من معاناتهم ، كما أكد دعم دولة الإمارات لجهود العراق في حربها على تنظيم داعش وانتزاع وتطهير مناطقها من سيطرة التنظيم الإرهابي مشيدا بتضحيات أبناء الشعب العراقي مسنودة بقوات التحالف الدولي، وبشأن التطورات في ليبيا أوضح دعم الإمارات لكافة الجهود الدولية والإقليمية الساعية لتحقيق التوافق الوطني بما يساهم في تحقيق وحدة واستقرار ليبيا من منطلق الإيمان بأن الحوار الليبي والاتفاق السياسي الليبي هو السبيل الوحيد للسير بالعملية السياسية قدما.

ورحب بجهود غسان سلامة كمبعوث اممي جديد إلى ليبيا متمنيا أن يضيف زخما جديدا لعملية الحوار السياسي ، كما أعرب عن القلق إزاء تدهور الوضع الاقتصادي في ليبيا، مشددا على أهمية مواصلة تقديم المساعدات الإنسانية لليبيين في جميع المناطق. وجدد التأكيد على ضرورة أن تتجه الدول العربية والمجتمع الدولي نحو التحرك العاجل والفاعل لمعالجة جذور ومسببات الأزمات في المنطقة والتصدي للأطراف الراعية لتلك المخططات والمحتضنة لها، مع ضمان أن يكون الإطار العربي هو المرجعية بعيدا عن أية تدخلات خارجية لأن العرب أنفسهم هم الأجدر على حل قضاياهم.

وثمن قرقاش الجهود التي تقوم بها السعودية في تنظيم الحج والتي تكللت بالنجاح هذا العام، وتدعمه إرادة سياسية صلبة وعزيمة إدارية واستثمار ضخم لتسهيل الحج واستقبال ضيوف الرحمن، كمل لفت مجددا إلى وقوف دولة الإمارات مع مصر حكومة وشعبا في التصدي للإرهاب الغاشم، وقال "نحن واثقون أن مصر قادرة بإرادتها وتاريخها على القضاء على تحدي الإرهاب واجتثاثه"، مشيرًا إلى دعم الإمارات لأشقائها العرب لإرساء أسس التنمية والأمن والاستقرار والسلام في المنطقة العربية انطلاقا من مبادئ راسخة تؤكد مسؤوليتها في محيطها العربي بما يحقق طموحات الشعوب العربية في البناء والتنمية والاستقرار .