مدينه العين تودّع بفخر ابنها البطل أحمد البلوشي

شيعت مدينة العين بعد عصر أمس، شهيد الوطن النقيب أحمد خليفة البلوشي، البالغ من العمر 28 عاماً، في مشهد مهيب، محمولاً على أكتاف رفاق السلاح، يتقدمهم والد الشهيد، وأشقاؤه وحشد كبير من أصدقاء الشهيد وأبناء المدينة، حيث وصل جثمان الشهيد ملفوفاً بعلم دولة الإمارات، وأديت صلاة الجنازة على روحه الطاهرة في مسجد القوات المسلحة، وثم ووري الجثمان الطاهر الثرى في مقبرة المطاوعة.

تنشئة وطنية

وترعرع الشهيد البطل في أكناف أسرة ينتمي جميع أفرادها للقوات المسلحة والشرطة، يتقدمهم والدهم المقدم المتقاعد خليفة سالم علي البلوشي، حيث لبى الشهيد نداء الواجب المقدس، وكان قد وجّه إلى أهله وأصدقائه قبل استشهاده رسالة عبر الـ«واتس أب»، حملت معاني سامية في الرجولة والشهامة والشرف، وتنم عن مدى حبه وانتمائه لوطنه الغالي الإمارات، ملبياً نداء الواجب الوطني المقدس، للذود عن حماه من كيد الحاقدين والطامعين، وهو يؤدي واجبه مع زملاء السلاح للدفاع عن الحق المغتصب في اليمن الشقيق.

وناشد في رسالته إخوانه وأصدقاءه قائلاً: «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني، أرجو وأرجو وأرجو المعذرة والسموحة منكم، إخواني إن كنت قد غلطت في حق أحد أو زعلته من دون قصد أو دراية، أو كان شال في خاطره، عليّ يعذرني، لأني مسافر في واجب وخدمة الوطن، وإذا في شيء في خاطره عليّ يكلمني والخاص مفتوح ورقمي موجود، استودعكم وطني وأحبتي، استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه... لبيك يا وطن».

وسام عز

بدوره، أعرب والد الشهيد المقدم المتقاعد خليفة سالم البلوشي، عن فخره واعتزازه بشهادة نجله، مشيراً إلى أن دماء الشهداء مشاعل نور وكرامة وأوسمة عزّ وافتخار، وأضاف: إننا نقدم شهيدنا وفلذة قلبنا الغالي أحمد عربون وفاء وولاء للوطن وقيادتنا الرشيدة، التي نعاهدها أن نقف خلفها ومعها صفاً واحداً، مؤكدين لحمتنا الوطنية، وأن بيتنا متوحد، وأن جميع أولادي السبعة هم فداء للوطن، لقد تربيت في هذه المؤسسة الوطنية، وعملت في سلك القوات المسلحة، وتشربت قيم الوفاء والولاء للوطن، وقمت بتربية أبنائي على هذا النهج الوطني، فنحن جميعاً مشاريع شهادة وكلنا جنود للوطن، وهذه الشهادة هي وسام شرف لي ولأسرتي ولقبيلتي مدى الحياة، فوطننا وقيادتنا تستحق منا أن نذود عنها بالدماء الغالية والطاهرة والزكية.

وقال عمّ الشهيد الدكتور سعيد سالم الشيخ البلوشي: إننا نقف اليوم وقفة عزّ وكبرياء، نعاهد الله والوطن وقيادتنا الحكيمة، وسوف نبقى الأوفياء، نقدم أرواحنا فداء للوطن، لقد أجزلت قيادتنا في العطاء، وعلينا أن نبادلها الوفاء والولاء.

وأضاف: صحيح قد يشعر الإنسان بالحزن لفقد فلذه كبده، وهذه طبيعة البشر، إنما عندما يكون ذلك في سبيل الله والوطن، فإن جميع الأحزان تتلاشى، وتصبح الشهادة رمزاً ومفخرة لنا جميعاً، فما قدمه الشهيد أحمد هو سطر خالد في تاريخ سجل دولتنا وقيادتنا، خطه بدماء زكية طاهرة، وأصبحت معنوياتنا في أعلى الدرجات، بحمد الله تعالى الذي شرفنا بالشهيد.

دماء طاهرة

وأضاف الدكتور أحمد بن سودين البلوشي: إننا نقف اليوم كأبناء دولة الإمارات وأبناء أسرة الشهيد وقبيلة الشهيد، وقفة عز وكرامة، فالدماء ترخص من أجل الوطن، لقد عاهدنا الله والوطن أن نكون الأبناء الأوفياء، فنحن نعتز بالدرجة الأولى أننا أبناء دولة الإمارات، نقف صفاً واحداً خلف قيادتنا الحكيمة والرشيدة، نؤكد لحمتنا الوطنية، مجسدين رؤية قيادتنا بأن يبقى البيت متوحداً، رافعين رايات المجد والفخار، نقدم الأرواح طاهرة زكية، نروي بها تراب الوطن، فالوطن يستحق منا أكبر وأكثر.

وأشار إلى أن: ما لمسناه في موكب التشييع من لحمة وطنية، جعل من الموكب المهيب عيداً وطنيا وفرحا، فهنيئاً للوطن بأبنائه الميامين الذي لبوا نداء الواجب المقدس، وهنيئاً للشهداء بالشهادة وهنيئا لأسر الشهداء بهذا الشرف الرفيع والوسام الذي نعتز به جميعاً.

على الدرب

كما أعرب محمد خليفة البلوشي، الشقيق الأكبر للشهيد، عن فخره بشهادة أخيه البطل، وقال: إننا إخوة الشهيد، نعاهد قيادتنا الحكيمة والرشيدة، أن نسير على نفس الدرب، ونحن أسرة تفتخر بأننا جميعا ننتمي للقوات المسلحة، نؤدي خدمة الوطن بكل شرف وإخلاص، فنحن 7 أشقاء، الوالد الذي سبقنا للخدمة في القوات المسلحة أنشأنا على هذه القيم النبيلة، واكتسبنا شرف الانتماء والوفاء للوطن.

وأضاف أن آخر محادثة كانت مع شقيقه أحمد كانت يوم الجمعة بعد الصلاة، حيث اتصل للاطمئنان على أوضاعنا، وكان في قمة السعادة والفرح والشعور بالعزة والكرامة وهو يؤدي واجبه الوطني، كان شابا خلوقا محباً لأهله باراً بوالديه، محتفيا بأسرته وفيا لأصدقائه، حيث عبر لهم عن ذلك برسالة نصية، وكان شابا رياضيا بامتياز، كان محبا للحياة، ويستعد لتكوين أسرته ويختار شريكة حياته، إلا أنه اختار الشهادة، ملبيا نداء الواجب والوطن.

كما تحدث ممثل الأوقاف والشؤون الإسلامية، مستعرضاً مناقب الشهيد ودوره الوطني، مشيدا بتضحيات أبناء الإمارات في الذود عن حمى الوطن والدفاع عنه وتوطيد الصفوف خلف القيادة الحكيمة والرشيدة، وهي تؤدي دورها ورسالتها، مهنأ في الوقت نفسه أسر الشهداء بهذا الشرف النبيل، تجسيدا للحمة الوطنية، مستعرضا مكانة وفضل الشهيد والشهادة عند الله عز وجل، حيث خصه الله بدرجة العليين في جنات الخلد، وجعله شفيعا لـ 70 من أهله، وقال إن الشهيد يرى مقعده في الجنة عند أول قطرة دم تسيل من جسده الطاهر، ويجار من وحشة القبر، ويؤمن يوم الفزع الأكبر.

مواساة

قدّم الشيخ سعيد بن طحنون بن محمد آل نهيان واجب العزاء إلى خليفة سالم البلوشي، والد الشهيد النقيب أحمد خليفة البلوشي.

وأعرب، خلال زيارته مساء أمس خيمة العزاء بمنطقة «الطوية» في العين، عن خالص تعازيه وصادق مواساته لوالد الشهيد وجده صغير محمد البلوشي وعميه سعيد ومحمد سالم وأسرته وعائلته .