دعا رئيس الوزراء اللبناني الأسبق عمر كرامي إلى "مؤتمر وطني يجمع كل اللبنانيين، وترتب فيه الانقسامات والاختلافات، وتضع السقوف لهذه الإنقسامات والخطوط الحمراء لهذه الاختلافات، وتوحيد الموقف من القضايا الكبرى التي تحيط بالمنطقة، والتي يتعرض لبنان لتداعياتها شئنا أم أبينا، وذلك قبل الدخول في متاهة الانتخابات، وحتى قبل التصارع أو التحاصص على الحكومة العتيدة". ووجه الرئيس كرامي من دارته في بيروت، كلمة إلى اللبنانيين، في مناسبة الذكرى 26 لاستشهاد شقيقه الرئيس رشيد كرامي، قال فيها:" أيها اللبنانيون: لقد ترك لكم رشيد كرامي إرثا تستعينون به على الزمن الصعب، وليس هناك أصعب من هذا الزمن، استحضروا الرشيد وإرث الرشيد فنحن أحوج ما نكون اليهما، حين يعلو صوت الغرائز يجنح الرشيد إلى صوت العقل، حين يستشري التطرف يقود الرشيد مسيرة الاعتدال، حين تصبح الكلمة للشارع وقوى الشارع، ينحاز الرشيد إلى الدولة ومؤسسات الدولة، حين تسود لغة العنف يعتصم الرشيد بلغة الحوار، وحين يكون الوطن في خطر، يصبح الرشيد درع الوطن، ويتلقى الخطر بصدره ذودا عن الوطن". واعتبر أن "الاقتتال المذهبي لعنة ومحنة وحرام، وما يحصل بين التبانة وجبل محسن جزء من خطة مشبوهة، أنتم فيها الوقود لحريق يقضي على أخضر طرابلس واليابس، وأعلموا يا أبناء الأحياء الواحدة والبنايات الواحدة، إنكم أهل وجيران وبينكم وحدة حال، ووحدة فقر ومعاناة، وبينكم مصاهرات وتجارات وعلاقات، فلا تسمحوا للجنون أن يتلاعب بالعقول والغرائز، وارتقوا فوق الجراح، وقولوا لا، القوا السلاح وقولوا لا، كونوا الشجعان والفرسان، كونوا المؤمنين الأتقياء، كونوا أم الصبي واباه وكل عيلته، وقولوا لا، ولا تتركوا طرابلس تغرق في حمام دم، في حروب عبثية لن يصفق لها الا عدوكم، وعدوكم هو عدو لبنان وعدو العرب وعدو الإسلام، إسرائيل". وأوضح أنه "لن يخوض في حديث الانتخابات أو الحكومات أو الأزمات"، واعتبر أن "لبنان اليوم هو بلد مؤجل، أي بلد مع وقف التنفيذ، وربما ليس لنا سوى سياسة النأي بالنفس على صعوبتها، بل على علاتها، والنأي بالنفس هذه المرة، لا ينبغي أن يكون مزيفاً ووسيلة للتحايل على الواقع، وإنما علينا أن نحدد شكله ومواصفاته وطرق تطبيقه بالإجماع". وأشار إلى أن المؤتمر الذي يدعو إليه "لا يمكن أن يقوم فقط بالرغبات، بل المطلوب إرادات الرجال"، وقال:"وإني ورغم كل ما أرى وأسمع وأشاهد، مؤمن بأن الوطنية اللبنانية لا تزال زينة الرجال في لبنان، وعلى هذه الوطنية أراهن وأبني الآمال، ونحن اليوم نتجادل حول الانتخابات، واني أكرر للمرة الألف لا خلاص للبنان إلا بقانون انتخابات عصري، يؤمن الحد المطلوب من التمثيل العادل والصحيح، ويخرجنا من بؤر المذهبيات القاتلة، ويفتح الأبواب أمام جيل جديد يضخ دماً جديداً نقياً في العمل البرلماني والسياسي"، مضيفاً: "لست هنا أطلب المستحيل، بل أدعو إلى احترام ما توافق عليه اللبنانيون في اتفاق الطائف، وصار في صلب دستورنا، فمنه ننطلق في مسيرة الانقاذ والنهوض". واعتبر "أننا عالقون في جدل بيزنطي بلا حكومة"، متمنياً "نجاح المساعي لقيام حكومة المصلحة الوطنية في هذه الظروف العصيبة"، لافتاً إلى أنه لا "يتردد في مصارحة الجميع بأن المطلوب هو حكومة انقاذ، أو حكومة طوارئ لديها مهمة واحدة ، وهي تثبيت الوحدة الوطنية وحماية السلم الأهلي والحفاظ على ما تبقى من المؤسسات الشرعية"، مذكراً أن "مواصفات حكومة الإنقاذ معروفة، فهي ليست حكومة توزيع الحصص والمغانم، ولا حكومة هذا الفريق أو ذاك، والأهم انها ليست حكومة فضفاضة، بل هي أقرب ما تكون إلى مجلس حكماء على غرار الحكومات الرباعية والسداسية التي كنا نلجأ إليها في المحن الوطنية الكبرى".