دورية للشرطة الروسية

عشية الاعلان عن تدخله العسكري في سوريا، حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الهدف قائلا "لن ننتظر وصولهم الى بلادنا". ويعني ب "هم" الجهاديين السوريين والروس ايضا. فهل نجحت هذه الاستراتيجية بعد ستة اشهر؟

وافاد المجلس الروسي للشؤون الخارجية في تقرير اصدره في 15 اذار/مارس، غداة الاعلان عن سحب القسم الاكبر من القوات الروسية في سوريا، ان "عودة مقاتلي تنظيم داعش تشكل احد ابرز التهديدات التي تلقي بثقلها على روسيا اليوم".

ولم يكن الهدف الاول لبوتين الذي ارسل قاذفاتة الى سوريا، القضاء على حوالى 2900 جهادي روسي، واكثريتهم الساحقة من الجمهوريات المسلمة غير المستقرة في القوقاز. لكن التدخل كان يمكن ان يؤدي بصورة غير مباشرة الى نتائج ايجابية في القوقاز الروسي.

وكان بوتين اوجز الوضع بالقول "لا يمكننا ان نسمح بأن يكتسبوا اليوم في سوريا التجربة التي سيستفيدون منها لاحقا في بلادنا".

لكن بعض الخبراء لم يترددوا في الحديث عن حرب ثالثة بين الروس والشيشان، في سياق النزاع السوري الشامل.

وبعد حرب الشيشان الثانية مطلع الاعوام الالفين، اكتسب التمرد الشيشاني طابع الاسلمة تدريجيا، وتمدد في كل انحاء القوقاز الروسي. لكنهم بعدما اخفقوا في اقامة امارة في المنطقة، بدأت اعداد كبيرة من المقاتلين التوجه الى سوريا صيف 2012، اما المجموعات التي بقيت فاقسمت يمين الولاء لتنظيم الدولة الاسلامية.

وبالنسبة للنتائج التي تحققت بعد اكثر من خمسة اشهر على القصف الروسي، يقول وزير الدفاع سيرغي شويغو ان الطائرات الروسية قضت على نحو الفي جهادي روسي.

لكن الخبراء يحذرون من هذه "الارقام المرفقة بثلاثة اصفار" التي تطرحها السلطات.

وشدد الخبير اندريه كازانتسيف على ان "انسحاب قواتنا لا يعني ان التهديد الارهابي الذي يلقي بثقله على روسيا قد تراجع". وذكر بأن عمليات القصف الغربية في العراق وسوريا لم تمنع بالتالي من ان تتعرض اوروبا لاعتداءات شنها جهاديون قاتلوا في سوريا.

من جهته، قال غريغوري شفيدوف رئيس تحرير موقع "كافكازي اوزيل" المتخصص، ان "هذا التهديد يقلق السلطات الروسية منذ فترة طويلة. ففي السنة الماضية فقط، اشارت الى 650 شخصا قاتلوا في الخارج، في سوريا بالتأكيد" وعادوا الى روسيا.

-عشرات عادوا حتى الان-

ومنذ نهاية 2015، ضاعفت اجهزة الامن الروسية عمليات اعتقال ناشطين يسود الاعتقاد انهم ينتمون الى تنظيم الدولة الاسلامية وكانوا يخططون لتنفيذ اعتداءات في روسيا قبل ان يهربوا الى سوريا.

واوضح شفيدوف ان "تنظيم الدولة الاسلامية لم يلفت اليه الانظار فعلا في القوقاز الروسي. ولم يشن في 2015-2016 سوى ثلاثة هجمات لم تكن ذات اهمية". وكان عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية اعلنوا مسؤوليتهم عن عملية اطلاق نار قرب موقع سياحي في داغستان اواخر كانون الاول/ديسمبر.

وبالاضافة الى القوقازيين، تعرب السلطات الروسية عن قلقها حيال جهاديين من الجمهوريات المسلمة السوفياتية السابقة في آسيا الوسطى، ويقدر عددهم بين 5000 و7000 مقاتل في سوريا.

وحيال اتساع عمليات الذهاب من القوقاز الروسي الى سوريا والعودة المنتظرة، حاولت السلطات المحلية التشجيع على اقامة "مراكز مصالحة" مهمتها اعادة ادماج العائدين في المجتمع و"نزع صفة التطرف".

بدوره،اكد النائب ادالبي شكاغوشيف ان "عشرات منهم قد عادوا حتى الان وقدموا لنا معلومات حول تنظيم الدولة الاسلامية". واضاف ان "الذين اقترفوا جرائم في سوريا حكم عليهم بالسجن مع النفاذ"، مشيرا الى 60 جهاديا من انغوشيا وحدها.

لكن هذه المحاولات الخجولة تصطدم بالقوانين المتشددة للدولة الروسية التي تعتبر كل دعم لتنظيم الدولة الاسلامية جريمة تستحق عقوبات قاسية بالسجن، وفقا لتقرير مجموعة الازمات الدولية "أنترناشونال كرايزيس غروب".

واضاف التقرير ان "شهادات الذين عادوا من دون اوهام من سوريا والعراق، هي بالتأكيد السلاح الامضى ضد التجنيد"، ونصح السلطات الروسية بزيادة الاعتماد على المجتمع المدني وتخفيف الاجراءات القمعية".

وكان الرئيس الشيشاني رمضان قديروف ظهر شخصيا اوائل شباط/فبراير في ريبورتاج تلفزيوني الى جانب مجموعة من ثلاثين رجلا قيل انهم من الفارين من تنظيم الدولة الاسلامية. واكد انه "يثق" بتوبتهم.

واختصر قديروف منطق السلطات بالقول "اذا وصل احد السلفيين الى هنا، نوجه اليه انذارا واحدا فقط، وفي المرة التالية اقضي عليه".