واشنطن ـ رولا عيسى
أبهمت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" كيف تم تعقب "الجهادي جون" وقتله لأسباب أمنية واضحة، ولكن من الممكن تجميع التسلسل المحتمل للأحداث بالاعتماد على مصادر استخباراتية والتفاصيل المتاح ذكرها ومن خلال التجارب السابقة للغارات الجوية من دون طيار.
واستطاعت أجهزة المخابرات البريطانية التعرف على صوت "الجهادي جون" عن طريقة تقنيات خاصة بتحديد الصوت عندما ظهر للمرة الأولى خلال فيديو في آب / أغسطس العام الماضي، واستخدمت هذه التقنية الصوتية وحقق أثرًا جيدًا في أفغانستان، وتعني أن الموظفين في وكالة التجسس الحكومية في شلتنهام يمكنهم تحليل التسجيلات الصوتية التي تم جمعها من قبل طائرات التجسس "نيمرود "، حيث يمكن إنشاء ملف صوتي للمتطرفين بالطريقة التي تستخدم فيها الشرطة بصمات الأصابع، وبالفعل تم التأكد من صوت جون على الأرجح من خلال أحد المخبرين.
ويعتقد بأن القوات الخاصة المقنعة مثل قوة "ساس" تسللت إلى الرقة معقل "داعش" فضلًا عن استخدام وكالة المخابرات البريطانية "سي آي اي" و"إم 16" جواسيس في سورية.
وتعرف هذه المعلومات على مستوى الأرض بالاستخبارات البشرية، إلا أن الاستخبارات الإلكترونية تعد سلاحًا أقوى، ويشمل هذا اعتراض المكالمات الهاتفية المتنقلة للمشتبه بهم من خلال استخدام طائرات التجسس والأقمار الصناعية، كما يمكن للموظفين في الاستخبارات العسكرية البريطانية في قاعدة "ايوس نيكولاوس" في قبرص اكتساح الاتصالات المعقدة.
وتحاول الأهداف المتطرفة تجنب تعقب المطاردين لهم حيث لا يستخدمون الهواتف النقالة لمعرفتهم أنه يمكن تتبعها، وكذلك لا يوصلون هواتفهم بالإنترنت أو أجهزة الكمبيوتر لأن المتتبعين لهم من أميركا وبريطانيا يمكنهم معرفة عنوان "آي بي" للجهاز الذي يستخدمونه، والذي يتم التعرف عليه تلقائيًا من قبل الخادم، وبدلًا من ذلك يستخدمون رسائل فورية مشفرة إلا أنه يعتقد بأن منظمة الاتصالات الحكومية يمكنها فك هذه الشفرة.
وبعد تحديد موقع "الجهادي جون" في حزيران / يونيو، تم تعقبه بواسطة طائرات أميركية وبريطانية من دون طيار يديرها طاقم من سلاح الجو البريطاني "ادينغتون" في لينكولنشاير، والتي تبعد 2250 ميلًا عن مدينة الرقة، أو الطيارين الأميركيين في قاعدة القوات الجوية قرب لاس فيغاس على بعد 7200 ميل.
واستطاعت الطائرات من دون طيار على مدى أسابيع معرفة هدفها بشكل وثيق مثل مراقبته عند زيارة المسجد أو الأصدقاء أو التسوق لمعرفة روتين حياته وتحديد المكان الذي يمكن ضربه فيه مع إحداث أقل أضرار ممكنة.
وعند انطلاق الطائرات من دون طيار والتي تحمل صواريه "هيلفاير" يجب أن تمتلك تصريحًا لقتل الأهداف المهمة، وحصلت الطائرات على هذه الموافقة من الرئيس أوباما وديفيد كاميرون، وشوهد جون في آب/ أغسطس وكان مسافرًا في قافلة شملت نساء وأطفال، ولم يكن هجوم الطائرات من دون طيار قرارًا حكيمًا حينها.
وفي هذا الأسبوع تعقبت منظمة الاتصالات الحكومية "الجهادي جون" في طريقه إلى الرقة مع مجموعة من مسلحي "داعش"، وحينها تم نشر الطائرات من دون طيار للتحليق فوق معاقل المتطرفين لتحديد موقعه بالضبط من خلال التقاط صوته، وتم العثور عليه الأربعاء، ومن المؤكد أن الحكومة الأميركية والبريطانية تأكدت من موقع جون من خلال المراقبين من قوات "ساس"، وبعد التأكد من موقعه تم إبلاغه للطيارين الأميركيين في قاعدة "كريش الجوية" لتصفيته.
وتتبعت الطائرات من دون طيار جون طوال الخميس على بعد 50 ألف قدم أعلاه في انتظار قتله من دون إحداث أضرار، وشوهد جون عند الساعة 11:40 مساء خارجًا من أحد المباني وسط الرقة ويدخل سيارته مع ثلاثة من متطرفي "داعش"، وفي هذه اللحظة حدد أحد الطيارين موقع السيارة باستخدام الليزر لتوجيه صواريخ "هيلفاير" نحوها، وبعد 20 ثانية تم إطلاق الصاروخ نحو السيارة، وبالفعل أصاب السيارة بالقرب من موقع محكمة إسلامية وموقع برج الساعة حيث نفذ "داعش" العديد من عمليات الإعدام الجماعية.
وأفاد مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية الجمعة: "كنا نتتبع هذا الهدف لبعض الوقت وعندما سمحت الفرصة مع الحد الأدنى من الخسائر في صفوف المدنيين قمنا بالإطلاق"، وشوهد الانفجار على شاشات القوات الجوية الأميركية في ولاية نيفادا، إلا أن هذه لم تكن نهاية مهمة الطائرات من دون طيار، وكان على الطائرات الاستمرار في التحليق فوق الرقة لتقييم أضرار المعركة للتأكد من تصفية الهدف ونهايته، وشوهد جون وتم نقله إلى المستشفى ويعتقد بأنه مات.
وذكر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية: "لدينا طرق عدة لتحديد ما إذا كانت الغارات الجوية نجحت في قتل الهدف، ونحن نعلم حقيقة استخدام نظام الأسلحة لضرب أهداف مقصودة ويتم قتل الطرف المتلقي بهذه الطريقة".