موقع "دورا أوروبوس" الأثريّ

عانى موقع "دورا أوروبوس" الأثريّ، الذي يقع بين مدينتي دير الزور والبوكمال، شرق سوريّة، من التدمير والنهب الشديد، إذ بيّنت المعلومات السابقة أنَّ أكثر من 300 شخص ينقبون في جميع أرجائه، ويبيع هؤلاء اللقى المكتشفة إلى تجار آثار، وقد سبّبت الحفريات في الحرم الأثري تخريبًا تجاوزت مساحته 80% من التل الأثري.

وأكّدت مصادر ميدانيّة، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أنَّ عناصر تنظيم "داعش" قد اتخذت من الموقع مكانًا للاختباء فيه، خوفًا من القصف الجوي لقوات التحالف الأميركي العربي، مشيرة إلى أنَّ "هذه المجموعات ساعدت سابقًا على نهب الموقع وتخريبه، عبر تسهيل عمليات التنقيب السري والتهريب والنقل، الذي تقوم به مافيات متخصصة بالآثار".
 
وتعدّ "دورا أوروبوس" مدينة هلنستية خالصة، دخلتها بعض الخصائص الرومانية، ولكن، وعلى الرغم من ذلك، عثر في دورا على سويات تاريخية مختلفة من الآشورية إلى الرومانية إلى البارثية إلى الإسلامية، والتي تمثلت في عدد كبير من المعابد والبيوت السكنية، إضافة إلى كنيس وكنيسة.
 
وكشفت الحفريات عن مدينة ازدهرت في عهد الفرس، وعن قصر أمير المدينة، واثني عشر معبدًا، وعن القلعة، والساحة وحمامات عدة، وسقوف ومنازل، وقوس نصر، وهياكل تدمرية، ومسرح التماثيل الحجرية، والعديد من الرسوم الجدارية الملونة، وأسلحة برونزية وحديدية، والكثير من القطع الفخارية.
 
وزودت اللوحات التزيينية التي عثر عليها في معابد "دورا" المؤرخين بمعلومات ثمينة عن تاريخ الفن والأديان والعبادات في الشرق العربي القديم، وبفضل الوثائق المكتشفة في المدينة تم التعرف بوضوح على التقلبات الداخلية التي عانتها هذه المدينة التي أرادها "السلوقيون" مستعمرة، فتطورت إلى مركز إشعاع حضاري واقتصادي وسياسي وقامت بدور ملحوظ في توسيع وانتشار "الهيلينية" في الشرق، لاسيما على ضفاف نهر الفرات.