الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الكندي جاستن ترودو

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مِن هجومه ضد شبكة "إن بي سي" الإخبارية وشبكات أميركية أخرى، وذلك بعد نشرها "تقارير كاذبة". وخصّ ترامب شبكة "إن بي سي" بهجومه وهدد بوقف تراخيص عملها وذلك بعد تقريرها عن رغبته في زيادة الترسانة النووية الأميركية عشرة أضعاف، ووصف الرئيس هذا التقرير بأنها "أخبار كاذبة" و"خيال محض".

ووفقا لتقرير الشبكة فإن ترامب طلب في اجتماع رفيع المستوى في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون في يوليو/ تموز الماضي، أن يعزز بشكل كبير المخزونات الأميركية من الصواريخ النووية، ونسبت "إن بي سي" التقرير إلى ثلاثة مسؤولين حضروا الاجتماع، وأكدت أن الطلب فاجأ الحاضرين، بمن فيهم رئيس الأركان المشتركة ووزير الخارجية ريكس تيلرسون.
ويعدّ هذا الموقف الذي يعدّ الثاني بين إدارة ترامب وشبكة "إن بي سي" خلال أسبوع، وكانت الشبكة أغضبت البيت الأبيض بعد نقل خبر مفاده أن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، نعت ترامب بأنه "أحمق". وهاجم ترامب الشبكة في تغريداته الصباحية، يوم الأربعاء، وكتب على تويتر "مع هذا الكم من الأخبار المزيفة الصادرة من "إن بي سي" والشبكات الإخبارية، في مرحلة ما سيكون من الملائم الطعن على رخصها؟ يا له من أمر سيئ للوطن!".

وتحدث عن الأمر مرة أخرى في نفس اليوم أثناء استقبال جاستين ترودو، رئيس وزراء كندا، ونفى تقرير "إن بي سي"، وقال في البيت الأبيض "أشعر بالاشمئزاز صراحة من الصحافة التي تكتب ما تريد أن تكتب". وردا على سؤال بشأن حقيقة رغبته في توسيع الترسانة النووية الأميركية، قال ترامب إنه ناقش فقط الحفاظ عليها في "حال جيدة". وقال: "لا (لم أطلب توسيعها)، أريد وجود قوة نووية في حال جيدة تماما، وهذا ما نفعله".

وتابع ترامب في رده "لكن عندما قالوا إنني أريد أسلحة نووية أكثر 10 مرات من الموجودة حاليا، فإنه أمر غير ضروري تماما، صدّقوني"، وأضاف "كل ما أريده التحديث وإعادة تأهيل كاملة"، كما نفى وزير الدفاع جيمس ماتيس، تقرير "إن بي سي" أيضا، وقال في بيان "التقارير الأخيرة التي تحدثت عن دعوة الرئيس لزيادة الترسانة النووية الأميركية كاذبة تماما، وهذا النوع من التقارير الخاطئة غير مسؤول"، ومع هذا أثارت تغريدة الرئيس حول شبكات البث الأميركية ضجة حول حرية التعبير، وقالت لجنة حماية الصحافيين إن تعليق الرئيس الأميركي يعد مثالا سيئا لقادة العالم الآخرين.

وتضمن تقرير "إن بي سي" أيضا طلبا من ترامب بتوفير المزيد من القوات الأميركية والمعدات العسكرية، وتملك الولايات المتحدة 7100 رأس نووي بينما تحتفظ روسيا بنحو 7300 رأس وفقا لمنظمة السيطرة على الأسلحة في الولايات المتحدة. ويقول معلقون في وسائل الإعلام إن الرئيس سيكافح من أجل سحب تراخيص هيئات البث إذا رغب في ذلك.
وتقوم لجنة الاتصالات الفيدرالية، التي تنظم هيئات البث في الولايات المتحدة، بإصدار تراخيص للمحطات المحلية وليس كل الشبكات، وتمتلك شركة "إن بي سي" ما يقرب من 30 محطة محلية، ويقول خبراء إنه سيكون من الصعب الطعن في الترخيص بحجة أن التغطية الإخبارية غير محايدة.
يذكر أنه تتزايد الضغوط على الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع اقتراب يوم 15 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو الموعد المرتقب لإعلان من البيت الأبيض بشأن مدى التزام إيران بتطبيق بنود الاتفاق النووي.

ولا تتوقع وسائل إعلام أميركية أن يدعم الرئيس الأميركي الاتفاق، ومن ثم سينظر الكونغرس في مسألة إعادة فرض عقوبات على طهران. وبموجب الاتفاق الدولي رُفعت بعض العقوبات المفروضة على إيران مقابل فرض قيود على نشاطها النووي.


ويواجه ترامب ضغوطا داخلية ودولية تحثه باتجاه عدم إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وأعرب بعض كبار مستشاري ترامب عن تأييدهم للاتفاق، بمن في ذلك وزير الدفاع جيمس ماتيس، الذي قال أمام جلسة استماع في مجلس الشيوخ في وقت سابق من هذا الشهر، إنه لا يرى في التخلي عن الاتفاق أي مصلحة وطنية.

وقال الرئيس الأميركي في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، إنه سيتخذ قراره "قريبا جدا"، ويتوقع البعض أن ذلك قد يحصل يوم الجمعة، كما أكد ترامب مجددا معارضته للاتفاق، ووصفه بأنه "أحد أكثر الصفقات فشلا على الإطلاق"، وقد يؤدي رفض التصديق على الاتفاق إلى تمهيد الطريق أمام الولايات المتحدة كي تنسحب بشكل كامل منه، لكن محللين يقولون إن هذه الخطوة يمكن أن تكون مجرد وسيلة للضغط على إيران.

في السياق، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن أندرو شوارتزمان، خبير قانون الإعلام في جامعة "جورج تاون" قوله: "بوضوح، عندما يتحدث مسؤول عام، أقل كثيرا حتى من منصب الرئيس ويهدد وسائل الإعلام الإخبارية بأي نوع من الملاحقات القانونية، فإن ذلك يدعو للقلق البالغ، لأنها تمس ما يسمى التعديل الأول"، مشيرا إلى أنه من الناحية العملية لا يوجد خطر قانوني يتعلق برخصات تلفزيون "كومكاست" المالك لشبكة "إن بي سي".

وتحدث شوارتزمان عن سابقة تاريخية عندما طعن حلفاء للرئيس الأميركي الأسبق، ريتشارد نيكسون، في رخصة الشركة المالكة لصحيفة "واشنطن بوست" أثناء استمرار التحقيق في فضيحة "ووترغيت" في سبعينيات القرن المنتهي، وأشار إلى أن هذا الطعن القانوني أثبت فشلاً ذريعاً، ولم يكن يستند على أساس.​