البرلمان العراقي

نفى عدد من شيوخ عشائر المناطق السنية في العراق تلقيهم دعوة من نائب رئيس مجلس النواب لحضور الاجتماع الأخير مع السيناتور الأميركي، زعيم الغالبية "الجمهورية" جون ماكين، مؤكّدين أنَّ مجلس النواب اقتصر الدعوة على الحزب "الإسلامي"، فيما كشف خبير الشؤون الأمنية الدكتور هشام الهاشمي عن دعم الولايات المتّحدة الأميركيّة لقائمة تمثل 27 شخصية من "الصحوات"، يتزعمها فيصل العسافي.

وكشف شيخ عشيرة "البو نمر" نعيم الكعود، في تصريح خاص لـ"صوت الإمارات"، أنَّ "شيوخ العشائر التي تقاتل الإرهاب منذ نحو أكثر من عام لم تدع إلى هذا الاجتماع المهم، واقتصر الأمر على الحزب الإسلامي، الذي يترأسه رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري".

وأضاف الكعود أنَّ "قضية تسليح العشائر السنية في المناطق العراقية أصبحت إشكالية معقدة، تخيف أكثر من طرف، بما في ذلك الطرف الأميركي، المعول عليه في الدعم والمساندة في ظرف صعب".

وأبدى الكعود استغرابه من الاجتماع، الذي حصل الأسبوع الماضي، مع عدد من الشخصيات غير المعنية في مقاتلتها للتنظيمات "الإرهابية"، إذا لم تكن تلك الشخصيات  من داعمي "الإرهاب"، حسب قوله.

وفي السياق نفسه، أكّد عضو البرلمان عن صلاح الدين رعد حميد عواد، مماطلة الولايات المتحدة في تسليح العشائر السنية، ما قد يدفع تلك العشائر، بعد نفاد صبرها، إلى اللجوء نحو إيران، في حال لم تنفذ واشنطن وعودها في شأن حصولهم على الدعم العسكري الكامل، في قتالهم ضد تنظيم "داعش".

وأبرز عواد، في تصريح لـ"صوت الإمارات"، أنّ "الاجتماع الأخير، الذي حصل في منزل رئيس مجلس النواب العراقي، مع السيناتور جون ماكين، حضره عدد من شيوخ عشائر الأنبار وديالى وصلاح الدين والموصل وعدد من النواب".

وأشار عواد إلى "سخط عدد من الشخصيات وزعماء العشائر التي حضرت الاجتماع لتأخر الدعم الحكومي والأميركي، للمناطق التي تحارب داعش"، متوقعًا "لجوء العشائر في المناطق الغربية إلى جهات أخرى، بغية تسليحهم، وإنقاذ ما بقيّ من مدنهم التي دمرت بالكامل".

وأوضح أنَّ "الشخصيات السنية بيّنت للسيناتور ماكين، أنّ القضاء على الإرهاب في المناطق الغربية والشمالية يكمن بتقديم يد العون إلى أهالي تلك المناطق، الذين يحاربون الإرهاب، ولا يوجد سبيل آخر للتخلص من تلك التنظيمات الإرهابية، مطالبين الولايات المتّحدة بتقديم الأموال والسلاح لصرفها للعشائر المقاتلة".

ورأى الشيخ رافع عبد الكريم الفهداوي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، أنّ "أبناء العشائر هم من يستطيعون تحرير مدنهم من تلك الجماعات المسلحة التي تسيطر على مناطق ومدن عراقية عدة، في غرب وشمال البلاد".

وكشف الفهداوي أنَّ "مذكرة رسمية رفعت إلى السفارة الأميركية لدى العراق، من طرف شيوخ العشائر السنية، التي لم تحضر الاجتماع، مطالبة بتوضيح التصرف".

ولفت الفهداوي إلى أنّ "نسبة 95% من شيوخ العشائر لم يتم دعوتهم إلى الاجتماع، واقتصر الأمر على (الحزب الإسلامي)، الذي ينتمي إليه رئيس مجلس النواب العراقي"، معتبرًا ذلك أنّه "تصرف انفرادي احتكاري لجهة معينة دون الأخرى".

وأكّد الفهداوي "عدم اعتراض أو ممانعة شيوخ العشائر من طلب المساعدة من إيران، في حال غلق جميع الأبواب في وجه مدننا"، معلنًا أنّ "هناك مشاورات فعلاً حدثت بين قبيلتنا وإيران، وأنَّ الأخيرة وافقت على مدهم بالسلاح والأموال ودعمهم، شرط أن يكون عبر الحكومة المركزية".

وأشار الفهداوي إلى أنَّ "الأهم بالنسبة لنا هو من يقاتل على الأرض، وليس من هو خارج نطاق المحافظة، مع كامل احترامنا للجهود التي تبذل بغية إنقاذ المحافظة، غير أنَّ مسألة كهذه يفترض أن يؤخذ رأي أهل الأرض فيها، وبالتنسيق معهم، ومع الحكومة المحلية، وهو ما لم يفعله رئيس مجلس النواب مع الأسف".

وبيّن الفهداوي أنَّ "عملية تسليح العشائر مسألة في غاية الأهمية لكن ما نخشاه هو أن يكون هذا التسابق في التنسيق مع الولايات المتحدة لغايات وحسابات أخرى، وهو ما يضر بمصلحة أهالي الأنبار، الذين دفعوا ثمنًا باهظًا في الأعوام الماضية".

إلى ذلك، أعرب زعماء القبائل السنية عن "استيائهم من سياسة الولايات المتحدة تجاههم"، معتبرين أنَّ "واشنطن تتعامل بازدواجية مع الشأن العراقي".

وطالبوا في الوقت نفسه بالمساعدة نفسها التي حظي بها "الحشد الشعبي" في الأشهر الماضية.

وفي السياق ذاته، كشف الخبير الأمني المتخصص والباحث في مركز "النهرين" للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام الهاشمي، في تصريح إلى "العرب اليوم"، عن "نية الولايات المتحدة تسليح 27 شخصية، بمسمى جديد، من "الصحوات" التي يتراسها فيصل العسافي، وإعطائه الثقة كاملة لمحاربة (داعش)، عبر نشر 300 مقاتل في الأنبار".

وأضاف الهاشمي أنّ "الإشكالية القائمة تتمثل في أنَّ العشائر السنية متفقة على محاربة تنظيم (داعش)، ولكنها مختلفة في إبراز شخصية البطولة لكل منها أمام الولايات المتحدة الأميركية"، مبينًا أنه "في الوقت الذي يريد فيه الجميع هزيمة (داعش) الذي وحد المختلفين، لكن معظم الشخصيات التي تشارك في هذه الجهود مع واشنطن غير موثوق بها حكوميًا وعشائريًا".

وأوضح الهاشمي أنَّ "واشنطن تريد أن تجعل الحرس الوطني أمرًا واقعًا، حتى قبل أن يشرّع بقانون برلماني".

وأكّد أنَّ "مشاكل الحراك الشعبي السني مع حكومة بغداد ليست بسيطة، بدءًا من قانون العفو والمهجرين إلى مشروع الإقليم، وصولاً لقانون الإرهاب، والتدخل الإيراني، وهذا الإشكال الرئيسي بين شيوخ العشائر".

يذكر أنَّ عددًا من النواب السنة طالبوا بحلول سريعة، وإعادة النازحين إلى منازلهم، كما هو الحال في الفلوجة والرمادي، ولاحقًا نينوى وصلاح الدين وديالى.