مدينة بارما الإيطالية الشمالية

لقد قدمت بلدة بارما الإيطالية الشمالية للعالم ثلاثة روائع، لحوم بارما، وجبن البارميزان، والمؤلف الموسيقي جوسيبي فيردي، ولكن ليس ذلك فقط، بل ستجد الكثير من الأمور الرائعة في تلك البلدة الصغيرة، التي تعود إلى العصور الوسطى، فيمكنك هنا تذوق التاريخ دون الحاجة إلى السير لعدة كيلومترات مثل روما أو فلورنسا، أو إلى الاضطرار إلى المرور وسط الحشود، وخاصةً في الشتاء. يصل عدد سكان البلدة إلى مائة وثمانين ألفًا، وتعج بالأماكن الهامة، ففي قلب البلدة يوجد قصر بيلوتا الضخم، وهو مجمع لفنون الضفة الجنوبية التي تعود إلى القرن السادس عشر، يحتوي هذا البناء على متحفًا أثريًا ومكتبة عمرها مائتي وخمسين عامًا ومعرضًا قوميًا -به لوحات لدافنشي وكاناليتو-، كما يحتوي على مسرح فارنيزي المذهل الذي بُني في عام 1618. يصل حجم هذا المنزل الخشبي بالكامل إلى حجم المحكمة المركزية في ويمبلدون تقريبًا، وبه صفين منحدرين من المقاعد في ثلاثة جوانب، فمن الواضح أن الدوقات المحليين كانوا يحبون غمر حفرة الأوركسترا بالمياه لإخراج معارك بحرية زائفة من أجل متعة العامة. تماشيًا مع اكتناز القصر، فإن معالم بارما الأخرى تقع ضمن حدود ربع ميل، فإذا تجولت لدقيقتين في أحد الاتجاهات ستجد حديقة "باركو دوكال" المتناسقة الأنيقة، وهي حديقة مبهجة مصنوعة بمزيج من الطراز البارميزي والهندسة الفيثاغورسية. وإذا سرت في الإتجاه الآخر ستجد مسرح ريدجيو ذو الأعمدة البارزة والمستويات المتعددة، والذي بُني بأمر من "ماري لوي" زوجة نابليون العاشقة للأوبرا، والذي عرض للمائة وخمسين عامًا الماضية أعمال المؤلف الموسيقي جوسيبي فيردي. ولكن لم تكن موسيقى فيردي فقط هي مظاهر وجوده حتى الآن في البلدة، فبينما لا تزال أصداء موسيقاه تتردد بين جدران مسرح ريدجيو في نهاية شارع غاريبالدي الرئيسي، في النهاية الأخرى للشارع تم تخليد ذكراه باسم "مشهيات فيردي"، وهو أفضل سوق للطعام في بارما، حيث تتدلى اللحوم في مجموعاتٍ من السقف، فعليك أن تنخفض كثيرًا لكي ترى طاقم العمل، وفي تلك الأثناء تمتليء الجدران بقطع كاملة من جبن البارميزان، يتم تقديمها في قطعٍ قوية مفتتة ليتم تناولها مع لفائف الخبز وزيت الزيتون. يعد مقهى "غران كافيه" في ميدان غاريبالدي الجميلة هو المكان الأفضل لتتذوق بارما تمامًا، حيث يقطعون اللحم إلى قطع عملاقة، وليس عليك أن تكون متذوقًًا جيدًا للطعام لملاحظة الفرق بين النسخة المعبأة من اللحوم التي تحصل عليها في متاجر المملكة المتحدة وبين اللحوم الطازجة هنا، ويحب الأشخاص في بارما اللحوم القديمة التي تُترك معلقة لسنتين على الأقل.

إن هذا المكان هو قبلة محبي الطعام، ففي "مشهيات غاريبالدي" يبيعون المربى المصنوعة من كل شيء، بدءًا من الليمون وحتى الكوسة، والخردل المصنوع من كل شيء، بدءًا من السفرجل وحتى العسل، ومن الكمثرى حتى اليقطين. إن المنطقة بأكملها غارقة للغاية في الطعام، إلى درجة أنه بعد خمسة عشر ميلاً هناك متحفًا للحوم ومتحفًا للجبن البارميزان ومتحفًا للطماطم ومتحفًا للسلامي.
يأتي الفن المعماري قبل فن الطعام الجيد والموسيقى، فإذا وقفت في قلب ميدان دوومو المرصوف ستجد أنه من الصعب التفكير في أي مبنى أكثر جمالاً من ذاك الذي يقف أمامك، وهو الكنيسة التي تعود إلى القرن الثالث عشر، وهي بناء مثمن يحتوي على تصميم داخلي مزخرف أنيق؛ بدءًا من القبة الجدارية المذهلة وحتى المنحوتات الحجرية البسيطة للعمال الزراعيين. وهي ملونة باللون الوردي، تمامًا كاللحوم.
تشغل شركة "ريان" للطيران رحلات إلى بارما مقابل 45جنيهًا إسترلينيًا للذهاب والعودة. (www.ryanair.com)، و يبدأ سعر الغرف المزدوجة في فنادق "دو بارك" من 80جنيهًا إسترلينيًا (www.starhotels.com).