أقام اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، صباح الأحد، معرضًا تشكيليًا للفنان محمد غبسي في بيت الثقافة في صنعاء، وأكد الغبسي الذي احتفت الصحف اليمنية برسوماته قبل ست سنوات، أن هذا هو المعرض الشخصي الأول له، واصفًا مجتمعه بـ "المجتمع الذكي"، على الرغم من أدواته المعرفية الزهيدة جدًا، والذي، حسب الغبسي، سريعًا ما يتأثر بالجديد لدرجة الذوبان والانشغال بقضايا وصفها بـ"البعيدة عن واقعه"، ويحتاج صدمات قوية, حد تعبيره, كي يستيقظ.وفي حديث إلى "مصر اليوم" حمل الفنان محمد الغبسي الفنانين في بلده مسؤولية الواقع "البائس" الذي يعيشه الكاريكاتوريون اليمنيون, رافضًا حصر هذا الفن في زاوية النكتة والسخرية فقط.وطالب "أصحاب المهنة" تحمل مسؤولية هذا الفن قبل أن يرموها على الجهات المختصة، التي وصف دورها بـ "الثانوي". وقال "المشكلة مشتركة، ولا يمكن أن نحمل طرفًا بعينه، ولن أتعصب للفنان الكاريكاتوري، بل عليّ أن أعترف بأن الفنان يجب عليه أن يتحمل مسؤولية هذا الفن قبل الجهات الأخرى، التي أستطيع أن أقول بأن دورها ثانوي.وعن نظرة مجتمعه إلى هذا الفن الوارد حديثًا عليه قال "المجتمع اليمني ذكي على الرغم من أن أدواته المعرفية زهيدة جدًا، وسريع التأثر خصوصًا بالأحداث السياسية، لدرجة أنه يذوب وينشغل بقضايا أبعد ما تكون عن واقعه، ناهيك عن الأحداث التي تمسه مباشرة ، ومن السهل جدًا على النخب السياسية والفكرية أن تصنع الرأي العام في واقعنا، الرازح تحت مظالم وويلات لا حصر لها".لكنه أكد على أنه لا يزال يحصر الكاريكاتور في زاوية النكتة والسخرية بقوله "للأسف ما زال كثير من الجمهور يعتقد بأن النكتة هي الكاريكاتير، وهذا ينعكس سلبًا على واقع الفن نفسه، ويؤجل دوره في صناعة الرأي وإثارته"مع هذا يبدو الفنان محمد غبيس متفائلاً بمستقبل الفن الكاريكاتوري قال "هناك جمهور حقيقي يتشكل اليوم بسرعة فائقة يهتم بمضمون الكاريكاتور وأبعاده وفكرته، وهناك شريحة كبيرة من المجتمع لم تعد قادرة على تحمل النكتة، بل أصبحت حاجتها ملحة إلى فنان حقيقي يناقش قضاياها، ويحمل همومها بكل جرأة، بعيدًا عن الإفراط في النكتة والتنكيت". مؤكدا على بذلك بقوله "أنا أرسم للبسطاء الذين لم تداعب أناملهم الألوان، وللأطفال الذين حُرموا من الموسيقى واللعب، وللمرأة التي تشكل المساحة الكبيرة من هذا الوطن الغالي". وأضاف "أجد نفسي في اللوحة الصامتة، فالكاريكاتور بالنسبة إليّ خطوط وأفكار، ولا أؤمن بالنكتة إلا إذا استطعت تجسيدها بالخط أو اللون، بعيدًا عن التعليقات التي تمنعني كفنان من الابتكار والتجديد، الكاريكاتير لوحة صامتة بالضرورة، ومجتمعنا في حاجة إلى صدمات فكرية متتالية حتى يستيقظ، بعيدًا عن النكتة التي ستحافظ على بقائه في الغيبوبة". وشدد الغبسي في ختام حديثه إلى "مصر اليوم" على رفضه تعامل الكثير من الصحف مع الكاريكاتور على أنه حاجة زائدة، قائلاً "الكاريكاتور مادة صحافية متمردة على اللغة والصورة معًا، وتختزلهما في الوقت نفسه، ولهذا فالسخرية ليست مهمته الوحيدة أو تعريفه الدقيق، بل هي جزء من تعريفه، فمعنى الكلمة "كاريكاتور" شحن أو تعبئة أو تثوير، ونعرف أيضًا بأن له تعريفات متعددة بناء على تجارب فنانين كبار لا بد للوحة أن تجدد خطوط الكاريكاتور، وعليها أن تحمل فكرة جادة لمشكلة ما في الواقع بأسلوب ساخر والسخرية قد تكون خطًا أو لونًا، وليست دائمًا نكته مفرغة في اللوحة كالتعليق.