معرض الشارقة الدولي للكتاب

نظم معرض الشارقة الدولي للكتاب، الأحد، ضمن برنامجه الثقافي المصاحب لدورته الـ 36، التي يستضيفها مركز "إكسبو الشارقة" حتى 11 نوفمبر / تشرين الثاني الجاري، أمسية ثقافية حملت عنوان "مبررات الكتابة الغامضة"، طافت بزوار المعرض حول أسرار الكتابة، والأسباب التي تدفع الكُتّاب إلى الكتابة بسقوف عالية من اللغة والمضامين المستخدمة.

وشارك في الجلسة التي استضافها ملتقى الكتاب كل من الشاعر والروائي العراقي سنان أنطون، والشاعر والأديب الإماراتي عادل خزام، والناقد والأكاديمي العراقي نجم عبد الله كاظم، وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري. وبحثت الأمسية في الغموض الذي يكتنف كتابات الأدب التجريبي، حيث توقف المتحدثون عند الأعمال الأدبية التي تظل عصية الاستيعاب على القارئ العادي، وتحتاج تفاسير وشروحات حتى يتسنى  فهم محتواها ومضمونها.

وفي مستهل حديثه، أكد الدكتور نجم عبد الله كاظم أن الغموض في الكتابة يعتبر قضية قديمة متجددة، وأشار إلى أنه يذكر أنه كتب أول مقال له في هذا الموضوع وهو لم يزل طالبًا جامعيًا قبل أكثر من 40 عامًا، وحمل المقال وقتها عنوان "الغموض في الشعر الحديث"، طرح فيه جملة من الأسئلة والاستفهامات، وكشف أنه لم يجد تفسيرات منطقية لهذه الأسئلة إلا بعد  10 سنوات من ذلك. وقال: "الغموض مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأدب، وإلى حدٍ ما ببقية الفنون الإبداعية الأخرى، ويتعمق أكثر في الشعر وبعده في القصة القصيرة جدًا، التي تكاد تشبه النصوص الشعرية إلى حدٍ كبير، وتتجلى أعلى درجات الغموض في اللا مباشرة، التي تجذرت في الأدب حتى بات لا يرُحب بالأدب إذا كان مباشرًا، أنا من أنصار الغموض واللا مباشرة في الشعر تحديدًا، أرى أن الغموض يعتبر الأكثر جمالاً وتأثيرًا في نفس المتلقي، وذلك لتوفر الكثافة الشعرية الصانعة للنص فيه، بجانب كونه يثري النص ومستويات التلقي لدى القارئ، وهو ما يؤدي إلى المتعة التي نبحث عنها في الأدب، ولكن عند تعاملنا مع هذه القضية لابد من التمييز بين الغموض والإبهام اللذين يفصل بينهما خيط رفيع".

ومن جانبه، قال سنان أنطون: "لست متحمسًا للغموض، لكون أي محتوى أدبي وإبداعي يخضع في الأساس إلى علاقة جدلية تفاعلية تنشأ بين النص والقارئ، ليدخل كاتب النص معها في موازنة الأرباح والخسارة حول نصه، حيث إن إفراط الكاتب في الغموض والإبهام قد يؤدي إلى عزوف القراء عن النص، هذا مع الإشارة لحقيقة أن النجاح الجماهيري قلّ ما يرتبط بالقيمة الأدبية للنص، أنظر إلى النص المكتوب كبيت وحيز جغرافي شاسع، استضيف فيه القارئ، وهو ما يجعلني أحرص دائمًا على أن يتحقق للمتلقي الشعور بالحميمية داخل النص، بدون أي طلاسم أو غموض، وهنا لابد من الإشارة إلى أن استخدامي لمفردات اللغة العراقية المحكية في كثير من المواضع في كتابتي، وجد قبولاً واسعًا من متلقين على امتداد العالم العربي".

ومن جهته، قال عادل خزام: "الحديث عن الغموض في الكتابة ليس وليد اللحظة، حيث دار نقاش كثيف عن هذا الموضوع منذ بدايات نشأة الأدب العربي، ومن جانبي أرى في الغموض الكثير من الجوانب الجمالية، فهو يكسر الدلالات الثابتة ويزيح المعاني القديمة، وفي كثير من الأحيان نجد أن حبكة النص تحتاج لشيء من الغموض". وأشار إلى أنه يرى أن الغموض يبرز بشكل كبير في الشعر الحديث، مؤكدًا أن هناك كثير من الشعراء الذين يُقبلون بشكل كبير على هذا النوع من الكتابة، لافتًا إلى أن الغموض يُحفز المتلقي لإجراء مزيد من عمليات البحث والتأمل، للتعرف على الدلالات البعيدة للنص.