"كلما عملت أكثر شعرت برغبة أكبر في الرسم.. أريد أن أعمل في النحت والرسم والنقوش، أريد ان أتحظى الرسم على لوحة داخل المحترف المقفل فاختلط بالناس وأراقب الوجوه وأرسم الأجساد وتعابير وتقاسيم الوجوه التي لا تفارق رأسي.." كلمات قالها الفنان الاسباني خوان ميرو (1893 ـ 1983) الذي ولد في برشلونة منطقة كاتالونيا الاسبانية وتوفي في بالمادي مايوركا تاركا وراءه المئات من الأعمال الفنية التي أدهشت العالم وهي تعرض اليوم في "مؤسسة لوكليرك" في منطقة بريتاني بمناسبة 120 سنة على ولادته والمعرض شهد حتى الان ارقاماً قياسياً في عدد زواره فهو افتتح في السادس عشر من حزيران الماضي ليستمر حتى الثالث من تشرين الثاني المقبل، وقد زاره 37 الف زائر والرقم يشكل حدثاً رائعاً للمؤسسة التي تحمل اسم ايلين وادوار لوكليرك اللذين اسساها في منطقة بريتاني منذ قرابة النصف قرن في غرب فرنسا لتستقطب كبار الفنانين منذ بدايات معارضها. وابرز الأعمال المعروضة لخوان ميرو تم استقدامها من "مؤسسة مايخت" في منطقة سان ـ بول دوفانس وبالتالي معظم الأعمال للفنان هي من الحقبة التي جمعته فنياً وعملياً مع المؤسسة التي كانت تعرض أعمال أي ""مؤسسة مايخت" وذلك تحديداً منذ العام 1930 حتى العام 1983 أي قبيل رحيله. وتعرض له في بريتاني حالياً مجموعة منحوتات ولوحات وغواش ورسومات بالحبر الصيني وبالقلم وتدور جميعها حول الحقبة الثانية من أعماله، أي الأخيرة حين قرر الرسام من حفاظه على إخلاصه للرسم بان يجد طرقاً واساليب تعبيرية فنية مختلفة. وليس المعرض الأول من نوعه بضخامته عن ميرو في فرنسا، فقد أقيم معرض كبير لأعماله عام 2004 في "مركز بومبيدو" في باريس وكان عنوانه "خوان ميرو: ولادة الكون" وتخصص للفترة ما بين 1917 و1934 اي البدايات. وعام 2011، قدم "متحف مايو" كل أعمال ميرو النحتية في معرض ضخم أيضا. ويعتبر ميرو واحداً من رموز المرحلة السوريالية في الرسم وأحد روادها الكبار وانضم الى جماعة السورياليين منذ وصوله الى باريس فوقع على أول بيان لها. غير ان تأثيراته في الرسم كثيرة، فهو قد اعترف بأنه تأثر أشد التأثير بألوان اللوحات التي شاهدها في أميركا الوسطى، كما تأثر بالفن الشعبي الاسباني وقد اعترف بذلك في اكثر من حديث له: "هذا الفن يسحرني فلا توجد فيه مساحيق التجميل ولا الخداع ولا الانفعال المزيف، بل هو يتجه فوراً الى القلب، "وبسبب اعجابه بهذا الفن الشعبي الاسباني، كانت نشأته كفنان فطري رسم اولا المناظر الطبيعية للريف الاسباني قبل ان يركز على الطابع الخيالي فيجعل عناصر لوحاته تدخل في فانتازيا غرائبية كانت وحدها وراء كل شهرته العالمية. يستمر معرض ميرو في بريتاني في غرب فرنسا حتى الثالث من تشرين الثاني المقبل.