صدر للكاتبة والصحفية العراقية المقيمة في باريس رواية تحمل عنوان (طشاري) .وتتناول الرواية من ضمن أعمال عراقية اخرى مسألة تهجير الاقليات، حيث تتناول تهجير المسيحيين العراقيين .وعنوان الرواية (طشاري ) تشير الى التشظي والتشتت في كل الجهات أو ما يقابل معنى القول العربي القديم "تفرقوا أيدي سبأ "وتمثل شخصية الرواية الرئيسية حالة استثنائية مختلفة، اذ أن بطلة القصة الطبيبة العراقية المتقاعدة، والتي تبلغ الثمانين من العمر تهجر بلدها وتلجأ الى فرنسا لا سعيا الى مستقبل مريح ، بل البطلة الدكتورة وردية اسكندر تصور الامر بشكل رمزي فتقول "الساعة الان هي السابعة في باريس. التاسعة في بغداد. العاشرة في دبي. ما زالوا في منتصف الليلة الماضية في مانيتوبا (في كندا) وهي الواحدة بعد منتصف الليل في هايتي.كأن جزاراً تناول ساطوره وحكم على اشلائها ان تتفرق في كل تلك الاماكن. رمى الكبد الى الشمال الامريكي وطوّح بالرئتين صوب الكاريبي، وترك الشرايين طافية فوق مياه الخليج. اما القلب فقد اخذ الجزار سكينه الرفيعة الحادة تلك المخصصة للعمليات الدقيقة وحزّ بها القلبَ رافعا اياه باحتراس من متكئه بين دجلة والفرات ، ودحرجه تحت برج ايفل وهو يقهقه فرحا بما اقترفت يداه."العائلة بأبنائها وبناتها موزعة في انحاء العالم.. ابنٌ مهندسٌ في هايتي وابنةٌ طبيبة وزوجُها في مناطق الصقيع الكندية النائية،  وآخرون وأخريات في الخليج ومناطق اخرى وابنة اخيها وزوجها وابنهما في باريس.وصلت الى باريس لتعيش معهم. الرئيس الفرنسي وقتها نيكولا ساركوزي وبمناسة زيارة البابا بنديكت الى باريس دعا عددا من المسيحيين العراقيين اللاجئين الى لقاء واحتفال.وتستمر الحكاية، يوصلها سائق التاكسي الى القصر الرئاسي الفرنسي في الاليزيه. تقول بمقارنة واستغراب "هذا هو الاليزيه اذن. رأت قصراً رماديا يقع في شارع متوسط يزدحم بالسيارات والمشاة. لا عساكر ببنادق رشاشة وشوارب كثة ونظرات تقدح شررا. لا احد يروع المارة ويهشّهم الى الرصيف المقابل - الى عدة شوارع بعيدة عن المكان. لا مناطق حمراء وخضراء وبرتقالية. ان امامها الكثير لكي تندهش وتتعجب قبل ان تتعود."في قاعة الاحتفال جلست الدكتورة وردية بجوار عدد من العراقيين المسيحيين اللاجئين الذين خصصت لهم الصفوف الامامية. لقد قيل لهم انهم ضيوف ساركوزي فصدّقوا الحكاية ودخلوا بعد شهر من لجوئهم الى هذا البلد القصر التاريخي الذي لم يطأ ملايين الفرنسيين عتبته."تستمر الأحداث برؤية مختلفة، فكتابة انعام كجه جي مؤثرة حافلة بالاحساس وهي تنقل التفاصيل اليومية ووجوه الحياة المختلفة بدقة وتبني منها صورا اوسع واعمق من كل منها على حدة. انها تروي لا حياة شخص او اشخاص فحسب بل قصة مدينة بل مدن وبلاد كاملة. قراءة نتاج الكاتبة يقدم متعة دون شك. لكن لابد من ملاحظة هي ان "النمو" في الرواية قليل.. فالذي تورده وتكرره عادة سمات لوضع رهيب وتتعدد السمات والصور لهذا الوضع الثابت.وغادرت إنعام كجه جي العراق في وقت مبكر، واستقرت في باريس لتكمل عملها الصحفي بعدد من المؤسسات، وسبق لها أن أصدرت قبل "طشاري" عدة كتب من أهمها "لورنا.. سنوات حياتها مع جواد سليم"، و "سواقي القلوب"، وروايتها الشهيرة "الحفيدة الأمريكية".