الشاعر عدنان كريزم

تأهل الشاعر عدنان كريزم للمرحلة الثانية من برنامج مسابقة شاعر المليون المخصص للشعر النبطي (الشعبي) والذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي ليكون أول شاعر فلسطيني يصل إلى هذه المرحلة في تاريخ المسابقة منذ انطلاقها في عام 2006.

وكان كريزم تنافس مع ثمانية شعراء ألقوا نصوصهم الشعرية أمام لجنة التحكيم المؤلفة من مستشار الشعر في أكاديمية الشعر في أبوظبي الدكتور غسان الحسن والكاتب والأديب والناقد الكويتي حمد السعيد ومدير أكاديمية الشعر سلطان العميمي.

وألقى كريزم قصيدته أمام لجنة التحكيم فقال: يذوب الليل من ناري وأرضي ما لها أخبار تساقط غيم أفكاري دخيلك وامطري أكثر على صدر الغريب اللي نبت في ضيقته أشعار سقاها من تناهيد الضلوع وشافها تكبر تميل بغصنها يسقط من أشواق الوطن أثمار ورقها شارف السبعين لكن ف الشكل أصغر أشوف القدس في سُدفه مثل كوكب بلا أقمار وحيد وشامخ ويَعكس بريق الدمع فالمحجر زهمته في ظلال البُعد لو شمس الوصال تغار طرق صوتي على بابه ولا هو حاجبه معبر أنا راجع ولي ماضي خلق للحاضر استنفار حضارة تجعل التاريخ في توثيقها يسهر لك العُتبى ولا تحزن دموعي للشعر مدرار تواسي وجنة النكبة وخد النكسة الأحمر دبكنا في بلاط الموت ما قِسنا مَدى الأضرار عصبنا الراس كوفية وصِرنا ف الحجر نفخر هنا غزة معاناتي هنا ضفة على الأمرار هنا أقصى صرخ فزعه تعال وشوف هالمنظر طفل مهمل على شارع هدم فيه الظلام أنوار ويبني في جوانبه الحزينة قسوة المهجر وأمٍ تحضن الذكرى وتنحت ف الحشا تذكار ولدها ف الأسر مخفي؟ وتحلم معتصم يظهر هنا يرقى شهيد العز في لحدٍ من الأزهار صدح رمل القبر فرحه بريح المسك والعنبر وشايب من تجاعيد الوطن يعكز على الإصرار ذكر هبّة صلاح الدين بين الواقع الأغبر ومثلك شاعرٍ يمشي على إطلالة الامصار نزف حرفه على نَعشي وِفا والجرح ما يطهر وقفت وليلتي ذابت وبرحل عن حدود الدار قفا نبكي على داري ونكتم غصةٍ تقهر وقال الدكتور الحسن للشاعر: أعجب كيف استطعت الإلمام بتلك القضية الشائكة، بدءاً من الذات في البيت (يذوب الليل من ناري وأرضي ما لها أخبار)، وصولاً إلى (تميل بغصنها يسقط من أشواق الوطن أثمار)، حيث لكل كلمة إشارة وتاريخ ومأساة، وخصوصاً عندما ذهبت إلى القدس والأقصى وغزة، وإلى النكبة والنكسة.

واضاف الحسن: أما في النصف الثاني من القصيدة فقد ذهبت إلى الأجيال الفلسطينية، أي الأم والشهيد والطفل، ومع أن النص في ذلك الجزء يبدو مفككاً؛ إلا أنه يستقرئ الواقع، فالشايب حضر كل ما مر على فلسطين منذ النكبة، وثم جاءت الأجيال الأخرى التي تمثلت في الطفل والشهيد والمرأة التي تحلم بظهور المعتصم.

وقال الحسن ان النص رائع جداً، إذ وجدنا الشاعر يقول (وقفت وليلتي ذابت وبرحل عن حدود الدار/ قفا نبكي على داري ونكتم غصةٍ تقهر)، وكأنه يدل على أن الأمور لم تتغير، فالصليبيون احتلوا فلسطين وبقوا فيها طويلاً، وكذلك الأعداء الأوغاد الذين ما يزالون فيها حتى اليوم، ولن يتغير الحال إلا عندما سيأتي من ينقذها، وختم الحسن بقوله: إن الشعر متألق في النص للغاية.

ووصف العميمي حضور الشاعر بأنه مهم، والنص بأنه مثقف وجميل، وقد لفت انتباهه أن الشاعر خلق من قضيته نصاً إنسانياً وذاتياً وشاعرياً من خلال الأم والشهيد والطفل، وأن خصوصية بلد الشاعر ظهرت واضحة.

وقال ان في النص ملامح مكانية وإشارات تاريخية وعناصر من الهوية، ففيه النكبة وغزة والقدس والأقصى، وهذا ما جعله يتوهج ويجعله جميلاً، مشيراً إلى أن أبياتاً كثيرة تستحق الإشارة والإشادة.

واشار السعيد إلى أن الشاعر ابن بيئته، وهو ما بدا في أبيات المدخل (أنا ماني خليجي)، أو في بيت نص المسابقة (دبكنا في بلاط الموت ما قِسنا مَدى الأضرار / عصبنا الراس كوفية وصِرنا ف الحجر نفخر)، ما يؤكد أن الشاعر صاحب الحضور المسرحي المتميز والحيوي تناول موضوعه بحرفة عالية من خلال نص وطني ومعاناة شعب وأمة، وبأسلوب ممتع حتى آخر بيت.