موسم العنف الجميل

من أوجه الرواية قراءة التاريخ وإعادة تشكيله، وربما التوثيق لأحداث وأوقات مهمة فى تاريخ الشعوب، وحرب أكتوبر المجيدة، من اللحظات المجيدة فى تاريخ مصر الحديث، والتى عادت معها العزة والكرامة، وعاد معها الأمل للمصريين.
 
وفى الذكرى الخامسة والأربعين على انتصار أكتوبر المجيد، نسلط الضوء على 10 أعمال روائية، تناولت الحرب وشخوص تلك المرحلة المهمة، فى رؤية أدبية وسردية فنية، من وحى الحرب العظيمة:

رواية للكاتب الكبير جمال الغيطانى، وتتناول بطولات العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعى، مؤسس وقائد المجموعة 39 قتال، هذه المجموعة الاستثنائية فى تاريخ العسكرية المصرية، والتى قدر للمؤلف جمال الغيطانى،أن يقترب منها ويعايش أفرادها وأعمالهم القتالية عن قرب فى فترة صعبة واستثنائية.
 
والرواية تحكى عن الرفاعى ورفاقه، التى تشبه حكاية الأبطال الذين قاموا بهذه الملحمة الكبرى التى غيرت تاريخ المنطقة.

الحرب فى بر مصر
رواية للروائى يوسف القعيد، تروى حكاية "مصرى" بطل الحرب فى بر مصر التى تجسد تضحية جيل بأكمله فى حرب السادس من أكتوبر، ولأن تأثير الحرب يتجاوز الجانب العسكرى فى ميدان المعركة بل يمتد إلى آثار إنسانية شديدة العمق لأن الثمن الذى يبذل فيها أرواح من لحم ودم.
 
لم يكتب العقيد فى تلك الرواية عن المعركة ذاتها، لكن عما حدث من تداعيات فى نفوس الجنود، والناس عامة، فكتب عن الجنود باعتبارهم بشرا عاديين، فى وقت كان الإعلام المصرى، يتعامل معهم على أنهم أبطال، مشيراً إلى أن أكتوبر حوّله النقاد إلى شهر السؤال وليس شهر الحرب، تذهب روايته "الحرب فى بر مصر" التى حازت على المرتبة الرابعة ضمن أفضل مئة رواية عربية إلى أن هناك مصريين ضحوا بأرواحهم فى الحرب، فى حين ذهبت العائدات المترتبة على النصر إلى طبقة الأثرياء التى لم تشارك فى الحرب بل تهرب أبناؤها من التجنيد.
مرة أخرى يحكى جمال الغيطانى حكاية المواطن والجندى المصرى "عبد الرحمن"، الذى اختفى خلال الفترة ما بين نكسة 1967 وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وظل أهله وأقاربه يبحثون عنه طوال الفيلم ليجدوا كل مرة من يؤكد لهم أنه كان موجودا فى إحدى المدن ولكن باسم آخر.
 
وحكايات الغريب مجموعة قصصية كتبها الغيطانى عام 1976 وركزت على روح أكتوبر التى تفجُّرت شعبيًّا، خصوصًا أثناء حصار السويس، حيث وجد المواطن المصرى البسيط نفسه أمام التحدى الكبير، فأبى أن يترك أرضه، ودافع عنها بكل ما يمكنه من قوة.

كتبها الروائى والباحث السياسى الدكتور عمار على حسن، وتدور أحداثها حول شابين أحدهما  "على عبد القادر إسماعيل" والآخر "ميخائيل ونيس سمعان" اللذان عرفت الصداقة قلبهما وجمعهما حب البطولة والكفاح لحماية قريتهم الطيبة من عصابات الليل، وكأن القدر كان يعدهما لتحقيق بطولة أكبر وهى الاشتراك فى حرب أكتوبر 1973 فلم يترددا فى تلبية النداء، ورحلا سويا وهما يحلمان بالعودة برايات النصر خفاقة، إلا أن حلمهما لم يتحقق، فقد روت دماء ميخائيل أرض، أما "على" فقد ضاع فى الصحراء الواسعة ولم يجدى البحث عنه إلى أن تكشف لنا الرواية فى نهايتها من خلال أحد الجنود زملاء على أنه مات محترقا فى إحدى الطائرات.

رواية للروائي فؤاد قنديل، وهي عن حرب أكتوبر، وتنتهج الرواية أسلوبًا مميزًا بتصويرها ما يجري على ضفتي القناة قبل وأثناء الحرب المفاجئة للجميع.

وتعبر الرواية عن "تجربة الحصار" ذاك الذى كان وعبر عنه الجنود حول حالتهم النفسية طوال السنوات السابقة عن بداية المعارك، أو الحصار الفعلى، بعدما انتقل جنود كتيبة المشاة وعبروا منطقة نقطة دشمة كبريت الحصينة على الضفة الشرقية للقناة، تقع الرواية فى عدة فصول.

أكتوبر حبى
 
تعتبر رواية "أكتوبر حبى" للكاتب إبراهيم الخطيب من أوائل الأعمال الأدبية التى كًتبت عن أكتوبر حيث صدرت الرواية فى عام 1974 أى بعد الحرب بأقل من عام.
 
تحكى الرواية عن الأوضاع الداخلية للبلاد بعد النكسة وفى فترة حرب الإستنزاف حتى حرب إأكتوبر والإنتصار الذى حدث فيه وذلك من خلال بطل القصة "الصول رجب" الذى كان أحد أفراد الجيش وقت  حدوث النكسة وأصيب فى حرب الأستنزاف وفقد رجله اليمنى بعدها أحيل الى التقاعد وبعدها دخل أخوه "أحمد" الجيش وظل فى الجيش حتى حدوث الحرب.

من  أوائل الروايات  التى تناولت الحرب، إذا صدرت  عام 1974، ويصف فيها إحسان  عبد القدوس، حال الجنود المصريين خلال حرب أكتوبر والانتصار فيها.
 
تحولت هذه الرواية إلى فيلم يحمل نفس اسمها، تم انتاجه عام 1974، ولعب بطولته الفنانين محمود ياسين وحسين فهمي ويوسف شعبان وصلاح السعدني، وسعيد صالح.

هى رواية للكاتب علاء مصطفى حيث كان يعمل ضابطاً فى الجيش حيث تعتبر الرواية رصد حقيقى لما عاشه وعاناه منذ نكسة يونيو 1967 الى حرب أكتوبر فى 1973.
 
وتتميز الرواية بأنها تحقق المعادلة الصعبة فى المزج بين التفاصيل الفنية لسير المعارك العسكرية والجانب الأدبى المفعم بالمشاعر والروح الإنسانية الفياضة المتضمنة مآثر الحرب والنضال وقصص الحب العارم التى تدور أحداثها بين دول متفرقة.

للكاتب يوسف السباعى تقع أحداث تلك القصة فى أواخر 1969 وأوائل 1970 خلال الفترة المعروفة بحرب الاستنزاف، ولقد سجلت هذه الفترة أروع بطولات الجندى المصرى فى معارك العبور وضرب المدفعية وعمليات القناصة وتوغل الكوماندوز إلى أعماق العدو، وفى معارك الجو والبحر التى أكدت قدرة الجندى المصرى فى المواجهة ومنحت العدو أياماً مرهقة ، وأهدته أكبر قدر من الخسائر ، كانت المعركة رمزا لصلابة الجندى المصرى وجرأته وفدائه ولقد حاول الكاتب من خلال الرواية أن يقول عنها شيئاً أنصف الجندى المصرى والأدب المصرى أمام التاريخ.

فى الرواية رصد محمود الوردانى ما قام به العسكرى المصرى فى مواجهة الموت بمنتهى البساطة، وبدون تعقيد كما يتناول الكاتب ما حدث بعد الحرب من انفتاح اقتصادى و زيارة القدس، وصلح مع العدو من خلال المعاهدة ويرى "الروردانى" فى تصريحات صحفية  أن المعاهدة التى أعقبت الحرب لم تكن مناسبة للتضحيات التى قدمها الجنود خلال الحرب.
 
والرواية صدرت عام 1990 عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، إلا أن الوردانى انتهى من كتابتها عام 1982، وعن تأخره فى كتابة الرواية يقول أن الحرب تجربة كبرى تشبه السجن والموت، ومن ثم لابد من استيعابها أولاً قبل الكتابة عنها، حتى لا تخرج الكتابة انفعالية.