أكثر من هدف سعى له شباب عراقيون، عشقوا فن السينما المغيب في البلاد، ليغامروا بدخوله لأول مرة عبر مشاركتهم بـ27 فيلما في أول مهرجان سينمائي من نوعه للأفلام القصيرة، حمل عنوان «ثلاثة أيام في ثلاث دقائق» ونظم في بغداد. المهرجان، نظم ضمن مشروع بغداد عاصمة الثقافة العربية، بالتعاون مع شركة «مدينة الفن للسينما والتلفزيون»، واحتضنته صالة سينما سميراميس، وهي - رغم تواضع التقنيات والخدمات فيها - صالة السينما الوحيدة الصالحة للعروض السينمائية في العاصمة بغداد. يقول مقداد عبد الرضا، أحد أعضاء لجنة التحكيم في المهرجان: «إن الشباب يمتلكون حيوية وحماسا، لكن تنقصهم المعرفة، والبحث، والدعم، والأفكار الجديدة، كونهم اعتمدوا على أفكار أفلام الأكشن وإثارة العواطف بإيراد شخصيات اليتيم والمعاق والمتسول، وغيرها، وهذه أفكار شبع منها الجمهور. المطلوب اليوم في البلاد، البحث عن أفكار تبعث الإصرار على العمل وتهدف إلى مناقشة محن الإنسان من الداخل وليس من الخارج». وعن الهدف من اختيار فكرة الثلاث دقائق كمدة للفيلم المعروض، قال: «أفلام الثلاث دقائق معروفة عالميا وهناك أفلام الدقيقة أو الدقيقتين، وهي أفلام تحمل لعبة ورسالة مهمة، أعتقد أن معظم الشباب في ما قدموه لم يقوموا بتكثيف الفكرة والعمل بشكل جيد». أما الممثل والمخرج أسعد عبد المجيد، صاحب فيلم (فاترينا) الذي حاز المرتبة الثالثة ضمن الجوائز الخمس المخصصة للمهرجان، قال: «فيلمي ليس الأول، فقد أسهمت قبله بأفلام كثيرة، من بينها (كارنتينا)، وقد تعاونت اليوم مع ممثلين شباب جدد، وأجد أن المهرجان فرصة لإظهار الطاقات والإبداعات، التي تحتاج في ما بعد إلى دعم ومتابعة لإنضاجها». وأضاف: «بعض الأفلام التي عرضت بحاجة إلى صقل ودراسة، ولكنها جيدة عموما، في ظل غياب ورش التدريب قبلها أو حتى دراسة النصوص المختارة للعمل، كما أنها تمت بجهود شخصية ولم يصرف للمشاركين قرش واحد». بينما يقول الممثل الشاب فؤاد حنون: «إن المهرجان فرصة كي يقول الشباب كلمتهم، وما زال حلم إنجاح السينما العراقية هو الأكبر لدينا». تقول إحرار زلزلي، المنسقة الإعلامية للمهرجان، لـ«الشرق الأوسط»: «إن المهرجان، الذي اختتمت أعماله أول من أمس، وفر فرصة جيدة للمشاركين، ومعظمهم من الطلبة، للتقدم بأفلامهم. ورغم قلة التخصيصات المالية، فإننا استطعنا أن نوفر بعض متطلبات العمل، مع العلم أننا لا نمتلك مؤسسات فنية ترعى هكذا أفلام، وقد تعاونت وزارة الثقافة معنا بشكل كبير. ونستطيع القول إن المهرجان لاقى نجاحا جيدا». يذكر أن فعاليات الافتتاح الرسمي لـ«مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية» لعام 2013 قد اختتمت في بغداد الاثنين الماضي، واستمرت ثلاثة أيام على أرض متنزه الزوراء، وبحضور شخصيات عربية، بينها الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وعدد من وزراء الثقافة العرب، وتخللت حفل الافتتاح كلمات رسمية، وفعاليات، وعزف موسيقي، ومعارض للصور، وفلكلورات شعبية، وأوبريت، ورقص باليه، وأناشيد تغنت ببغداد وتاريخها. وتستمر فعاليات «مهرجان بغداد عاصمة الثقافة العربية» طوال هذا العام 2013، بعقد الكثير من المؤتمرات والفعاليات، ومئات المعارض التشكيلية، ومعارض الكتاب، وإصدار كتب تقول وزارة الثقافة إن عددها بعدد أيام السنة وتحمل عنوان العاصمة الثقافية. بعض الكتب صدرت بخمسة أجزاء، وبعضها بعشرة أجزاء، وإلى جانبها عشرات الكتب التي أعيدت طباعتها، من أمات الكتب المتعلقة بالتراث العربي والتراث البغدادي والثقافة العراقية والثقافة العربية، التي أنجزتها عقول وعمالقة الثقافة والفكر والإبداع في العراق.