يعيش المتعاملون في سوق المال المصري حالة من التململ وسط عزوف الكثير من المستثمرين عن التداولات بسبب ضعف أحجام التداول وغياب المحفزات الإيجابية سواء الاقتصادية أو السياسية. ورغم جولات عديدة من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي لم تتوصل مصر بعد إلى اتفاق نهائي بشأن قرض تحتاجه بشدة بقيمة 4.8 مليار دولار. كما لم يتحقق بعد الاستقرار السياسي المنشود منذ انتخاب أول رئيس إسلامي للبلاد في يونيو حزيران الماضي. يقول محسن عادل من بايونيرز لإدارة صناديق 'السيولة ضعيفة والمحفزات شبه منعدمة والمتعاملون لديهم حذر لأي تغيرات سياسية أو اقتصادية بالبلاد.' ويقترب متوسط أحجام التداول يوميا في سوق المال المصري حاليا من 200 مليون جنيه بعد أن كان يقترب من المليار جنيه قبل الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في مطلع عام 2011. ويرى عادل ان السوق سيتحرك في نطاق عرضي ضيق خلال الاسبوع المقبل كما هو الوضع هذا الأسبوع. وقال عيسى فتحي من شعبة الاوراق المالية باتحاد الغرف التجارية 'صراع الرئاسة مع القضاء يساعد على نزول السوق وإذا تطور الوضع أكثر بدخول القوى السياسية بجانب القضاء وهذا متوقع سيزداد الوضع سوءا مما قد يثير اضطرابات في الشارع.' وقادت جماعة الإخوان المسلمين مظاهرة في القاهرة الجمعة الماضية للمطالبة 'بتطهير القضاء' في محاولة لتمرير مشروع قانون بخفض سن التقاعد للقضاء بهدف إحالة آلاف القضاة إلى التقاعد على الفور. وأدانت المعارضة مشروع القانون الذي من شأنه خفض سن تقاعد القضاة إلى 60 عاما بدلا من 70 عاما ومن ثم يخرج من صفوفهم كثير من كبار القضاة الذين أغضبوا الإسلاميين بإبطال قوانين انتخابية وتبرئة بعض كبار مسؤولي نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وأصبحت معركة القضاء عقبة أخرى تعترض سبيل جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي للنهوض بالمصالحة السياسية من أجل مساعدة مصر على الخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة. وهبط المؤشر الرئيسي لبورصة مصر بأكثر من واحد بالمئة خلال هذا الأسبوع. ويتوقع إيهاب سعيد من أصول للوساطة في الاوراق المالية ان تتحرك السوق عرضيا بين 5150 ـ 5300 نقطة خلال الاسبوع المقبل. وقال 'لدينا كثير من العطلات الفترة المقبلة وهذا سيخفض أحجام التداول.' وتعطل التداولات في بورصة مصر غدا الخميس بمناسبة عيد تحرير سيناء والاربعاء المقبل بمناسبة عيد العمال ثم يوم الأحد والاثنين الخامس والسادس من مايو ايار بمناسبة عيد القيامة وشم النسيم. وقال إبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الاوراق المالية 'السوق يصعد وينزل والأسهم محلك سر .لكن الأسبوع المقبل اتوقع أن تتحرك بعض الشيء لأعلى لنعيد التجربة من جديد على مستوى 5300 نقطة.' ويرى عادل أن ظهور أي نتائج أعمال إيجابية للشركات المقيدة في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة ستكون 'محفزات مؤقتة فقط للسوق تزول سريعا.' وقال إن أي أنباء إيجابية عن تطورات الوضع الاقتصادي في البلاد ستكون أيضا محفزا وقتيا فقط للسوق وللمتعاملين. ويحذر اقتصاديون من أن مصر مقبلة على أزمة اقتصادية طاحنة ما لم تحصل على تمويل دولي لوارداتها من الخارج التي تمثل النسبة الأكبر من استهلاكها. وتحتاج سوق المال المصرية لحالة من الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي من أجل تعافيها مرة أخرى وعودة الثقة للمتعاملين فيها. وهوى سهم المجموعة المالية هيرميس أكثر من 7.5 بالمئة خلال الاسبوع الجاري في ظل عدم موافقة الرقابة المالية حتى الآن على شراكتها مع كيو انفست القطرية. وينص بند في الاتفاق الذي وقعته هيرميس مع كيو انفست في الرابع من مايو آيار 2012 على أن الصفقة تعتبر ملغاة بعد 12 شهرا إذا لم يتم الحصول على الموافقة التنظيمية. وقالت هيرميس أكبر بنك استثمار في الشرق الأوسط الاسبوع الماضي إن تجديد الاتفاق مع كيو انفست ربما يصبح غير مجد في ضوء التغير في الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الدولار إضافة إلى فقدان الثقة في الحصول على موافقة الهيئة العامة للرقابة المالية. من جهة اخرى عبر جاكوب ليو وزير الخزانة الأمريكي الأربعاء عن دعم بلاده لقرض دولي لمساعدة الاقتصاد المصري وقال إن صندوق النقد الدولي لا يزال يجري محادثات بشأن القرض الذي تبلغ قيمته 4.8 مليار دولار. وقال ليو في جلسة للجنة الفرعية للمخصصات بمجلس النواب الأمريكي 'ما يسعى صندوق النقد الدولي للحصول عليه من مصر هو التزامات جديرة بالثقة.' وأضاف 'سيكون من مصلحة الولايات المتحدة بشدة أن تكون مصر على مسار أكثر استقرارا.