تركز تكهنات كثيرين خلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية، على مدى قدرة الفائز بها على إنعاش الاقتصاد وتخفيف الضغوط المالية العميقة التي تواجه السواد الأعظم من الإيرانيين. ومع ارتفاع الأسعار، وتقلص قدرة الإنفاق، أصبح ملايين الإيرانيين يكافحون مزيجا مؤلما من العقوبات الاقتصادية الغربية، وضعف الإدارة المالية. ويتنافس مرشحو الرئاسة الإيرانية الستة في معركة على أصوات الناخبين، جوهرها القدرة على إصلاح الاقتصاد، وهي مشكلة تعمقت بشكل أكبر عنها قبل 4 سنوات، حين خرجت مظاهرات حاشدة في المدن الإيرانية اعتراضا على نتائج الانتخابات. ويقول المحلل الإيراني المستقل، محمد شعباني، "مع تصاعد التضخم والبطالة أصبح القوت اليومي هو الشاغل الأساسي للناخب. متوسط عمر الناخب الإيراني الآن 38 سنة، وهو مشغول أساسا بتدبير احتياجاته المعيشية." البطالة تهيمن على المناظرة الأولى وكان لافتا أن تشكل قضية البطالة محور أول مناظرة تليفزيونية لمرشحي الرئاسة، التي ركزت على الاقتصاد. إذ تبارى المرشحون في شرح رؤيتهم للنهوض بالاقتصاد المتأثر بالعقوبات الدولية. وجاء تركيز المرشحين على قضية البطالة ردا على كلام المرشح محمد غرضي الذي أرجع في بداية المناظرة البطالة إلى التضخم الذي يعانيه الاقتصاد، داعيا إلى زيادة الإنتاج من أجل القضاء على التضخم وإتاحة مزيد من فرص العمل. وقال المرشح، القائد السابق للحرس الثوري، محسن رضائي: "لقد أصبح جيل كامل بحاجة إلى فرص عمل، ولابد من الاهتمام الجاد بهذا الموضوع". بينما قال المرشح الإصلاحي حسن روحاني إن قضية العمالة وخفض البطالة "هي من أهم هواجس الشعب". وأوضح أنه عندما "يكون لدينا 3 ملايين عاطل عن العمل و3 آلاف متخصص ومتخرج ينتظرون فرصة عمل، فهذا يشير إلى الأهمية الكبرى للموضوع، وأن الحل يتمثل في تحسين أجواء العمل والكسب". وبدوره، قال سعيد جليلي، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، ومسؤول الملف النووي الحالي، إن "البطالة تشكل اليوم أهم موضوع في البلاد". سوء إدارة الاقتصاد ولا يحق للرئيس محمود أحمدي نجاد الترشح مرة أخرى وسيتم استبداله بواحد من الرشحين الستة الذين اعتمدهم مجلس صيانة الدستور الذي يدين بالولاء للزعيم الأعلى علي خامنئي. ويتفق المرشحون جميعا في اتهامهم لأحمدي نجاد بسوء إدارة الاقتصاد على مدار فترتين في الحكم. وأدت العقوبات الشديدة الوطأة التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على قطاعي النفط والبنوك الإيرانيين إلى خفض إيرادات النفط إلى النصف تقريبا عام 2012، لتصل إلى ما بين 50 و60 مليار دولار. وانقطعت صلة بنوك إيران بالشبكة المالية العالمية لتصبح تحويلات الأموال إلى إيران، ومنها للخارج في غاية الصعوبة. ونتيجة لذلك هوت قيمة العملة، ما أدى إلى ارتفاع التضخم والبطالة، بينما تكافح الشركات للبقاء. ويشتري المواطن الإيراني الأغذية الأساسية حاليا بما يقرب من 3 أمثال سعرها قبل عام. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن نسبة البطالة تبلغ 12 في المائة تقريبا، لكنها تبلغ ضعفي هذه النسبة في صفوف الشباب. ويرجح محللون مستقلون أن تكون الأرقام الحقيقية أعلى بكثير. ويرى هؤلاء المحللون أن مزيج المشكلات الاقتصادية وضحالة الخبرة المالية لدى الحكومة قد يؤديان إلى الانهيار بمرور الوقت. وحسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة خسرت إيران نحو 40 مليار دولار من إيرادات التصدير خلال 2012. وتقول الوكالة إن العقوبات خفضت صادرات الخام الإيراني إلى نصف مستويات 2011 التي بلغت نحو 2.2 مليون برميل يوميا. لكن ارتفاع أسعار النفط عالميا يعين إيران أيضا. وحسب بيانات خدمة "تومسون رويترز اويل اناليتكس" فقد زادت مبيعات زيت الوقود بشكل كبير في الأشهر الماضية، وقد تدر على إيران أكثر من 7 مليارات دولار هذا العام إذا استمرت بنفس المستويات. وتدر مبيعات المكثفات النفطية مليارات إضافية لإيران، لكنها مازالت تواجه مشكلات في توفير العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد. وبدلا من العملة الصعبة، تقبل إيران مدفوعات بديلة من الهند والصين، وهما أبرز عملاء الخام الإيراني، ويقدمان مجموعة سلع ومنتجات في المقابل. دعم الأسد ورغم تفاقم الأعباء المالية داخليا تنفق إيران أموالا بالخارج على دعم حليفها المقرب الرئيس بشار الأسد في سوريا للحفاظ على ما تعده مصالح استراتيجية وجودية. وهناك قليل من البيانات الموثوقة لحجم ما تنفقه الجمهورية الإسلامية على التزاماتها بمساعدة الأسد في الحرب الأهلية التي أودت بحياة أكثر من 90 ألف شخص في نحو عامين. ويقدر محللون هذه المساعدات الاقتصادية والمالية الإيرانية بمليارات الدولارات. يشار إلى أن السلطات الإيرانية رفضت منح طواقم "سكاي نيوز عربية" تأشيرات دخول لتغطية الانتخابات الرئاسية.