السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» 1 ـ 2

السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» (1 ـ 2)

السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» (1 ـ 2)

 صوت الإمارات -

السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» 1 ـ 2

بقلم:عمار علي حسن

تحلو لكثيرين استعارة لعبة «الشطرنج» فى ترتيبات السياسة، وتجهيزات الحرب والتخطيط لها، وهى فى هذا ربما تكون أقرب الألعاب التى تؤدى دورها هذا فى صمت وبراعة، وإن كانت تقوم بتصوير السياسات الدولية على أنها «عقلانية» و«منتظمة» و«هادئة»، وتصوير الحرب على أنها ممارسة بشرية تمضى بإحكام شديد، حيث يتمكن القادة العسكريون من أن يحققوا فى ميادين القتال كل ما دار فى عقولهم، وفكروا فيه مليا، قبل النزال المهول، وهذا أمر فيه الكثير من الخيال.

وقد ولدت لعبة الشطرنج فى حضن تصور فلسفى يرى أن «السياسة عقلانية» إلى حد بعيد، إذ يقال إن ملكا هنديا يدعى بلهيث أراد اختراع لعبة تعتمد على العقل الصرف بدلا من لعبة فضلها ملك هندى سابق هو باهبود تعتمد على الحظ والعقل معا وهى «الطاولة» أو «النرد»، من منطلق إيمان الملك اللاحق بأن العقل وحده محرك الحياة، فجاء «الشطرنج» معبرا عن فلسفته تلك. وهذا النزوع العقلانى ربما هو ما دفع وزير المالية الألمانية بيير شتاينبروك، الذى تمنى لو نازل نابليون بونابرت فى لعبة الشطرنج، أن يرى أن هناك أشياء مشتركة تربط الشطرنج والسياسة، حيث قال: «كل منهما له علاقة بالتخطيط الاستراتيجى حيث يتحرى الشخص موقفه أولا ثم يضع نفسه محل الخصم ليعرف ماذا ينوى فعله فى الخطوة التالية».

وإذا كان «الشطرنج» هو لعبة الملوك المفضلة فهو كذلك لعبة العموم التى تمكن خيالهم من التحليق بعيدا عن القاع، لينصّبوا أنفسهم، طيلة وقت اللعب، قادة وملوكا يسوسون الجيوش ويدخلون الحروب ليكسبوها أو يخسروها على رقعة واحدة، وهم فى هذا مثل الملوك اللاعبين، يحققون النصر دون أن يروا صور القتل والتدمير والأشلاء التى تصاحب الحروب الحقيقية، أو حتى بعض الألعاب الإلكترونية الحديثة، فإن انتصروا تواضعوا بلا ضوضاء، وإن هُزموا صبروا بلا انفعال ولا احتداد ولا احتقان.

وبذا باتت «لعبة الشطرنج مجازا متكررا دالا على شؤون العلاقات الدولية، تزين الصورة الملتقطة فنيا لملوك وفرسان (شاهات وبيادق) العديد من الكتب أو المقالات البحثية، خصوصا تلك المتعلقة بنظرية العلاقات الدولية»، كما أنها صارت كـ «لعبة ملكية» هى المفضلة لدى ساسة مشهورين مثل نابليون بونابرت الذى كان يخطط لمعاركه على رقعة شطرنج، ولينين وهتلر وتشرشل وجيفارا وكاسترو وأوباما، كما مارسها أدباء مثل شكسبير وماركيز، ووظفها الأول سياسيا فى مسرحيته «العاصفة» حين أضاف مشهدا فيها تقديرا للأميرة إليزابيث التى كانت واحدة من لاعبات الشطرنج الماهرات، فيما أورد الثانى شيئا عنها فى روايته «الحب فى زمن الكوليرا»، حين توقف الدكتور أوربينو عن لعبها بعد انتحار صديقه جيرمايه.

وقد تعددت استعارة الشطرنج فى السياسة والتخطيط الاستراتيجى، فها هو مستشار الأمن القومى الأمريكى السابق زبجينو بريجنسكى يرى العالم على أنه رقعة شطرنج فى كتابه الشهير «رقعة الشطرنج الكبرى: الأولويّة الأمريكية ومتطلباتها الجيوستراتيجية»، والذى يحوى تنظيرا وتحليلا ونبوءة لكيفةى استمرار بلاده مسيطرة على العالم أطول فترة ممكنة، عبر سرد تاريخى أراد من خلاله أن يبرهن على أن الإمبراطورية الأمريكية مختلفة عن غيرها من الإمبراطوريات التى حكمت العالم منذ فجر التاريخ، ثم يعدد ركائز قوتها، وأسرار ظهورها السريع كقطب أوحد فى العالم المعاصر، والقوى الأخرى التى يمكن أن تنافسها، والتحديات والتهديدات التى ستواجهها، والأماكن التى سيتعزز فيها النفوذ الأمريكى، والأرض التى ستكون نقطة انطلاقها إلى الهيمنة على العالم، والقوى التى ستساندها فى سبيل تحقيق هذا الهدف. وهناك من حاول توزيع أدوار الدول فى منطقة الشرق الأوسط بالطريقة نفسها التى تتوزع بها قطع الشطرنج على رقعتها، فدولة تمثل «الملك» وأخرى تمثل «الوزير» وثالثة تمثل «الطابية» ورابعة تمثل «الحصان» وخامسة هى «الفيل»، وهناك من ليس بوسعها سوى أن تكون «بيادق»، ويدور التزاحم والتنافس والصراع بينها على هذا الأساس، بينما تحاول قوى أخرى أن تقحم نفسها على الرقعة باحثة عن دور بأى ثمن.

واستعار راى تاكير، من واقع خبرته الطويلة بالشؤون الإيرانية وعضويته فى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، لعبة الشطرنج فى تحليل السياسة الإيرانية الخفية، خاصة حيال العراق، التى تم تنفيذها بأيدى أحمدى نجاد الذى يمثل جيل العائدين من الحرب، وأستاذه خامنئى، والبراجماتى هاشمى رافسنجانى، والإصلاحى محمد خاتمى، فى غفلة من إدارة الرئيس جورج بوش الذى غزا العراق، فسلمه، دون قصد منه، إلى النفوذ الإيرانى.

(ونكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى)

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» 1 ـ 2 السياسة والحرب على «رقعة شطرنج» 1 ـ 2



GMT 20:20 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أن تمتلك إرادتك

GMT 20:15 2024 السبت ,04 أيار / مايو

دعوة الوليّة

GMT 20:09 2024 السبت ,04 أيار / مايو

إذا شئنا حكومة مقبلة

GMT 20:07 2024 السبت ,04 أيار / مايو

الأكاديميا الأميركية

GMT 20:03 2024 السبت ,04 أيار / مايو

أضواء التنوير لم يرها بريجينيف

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

لندن - صوت الإمارات
لطالما عودتنا الملكة رانيا على إطلالاتها الأنيقة بستايلات مختلفة وفق المناسبة التي تحضرها. وفي أحدث لقاء تلفزيوني لها، اتجهت الى التألق بطقم أنيق بين اللمسات الكلاسيكية والعصرية، بنمط شبابي ايضا، وهو نمط اتبعته في العديد من اللقاءات الحوارية التي ظهرت بها على شاشات التلفزة. نرصد لكم هذه الإطلالات لتستلهموا منها أسلوبها الملهم. اتجهت الأنظار نحو الملكة الأردنية رانيا في لقائها التلفزيوني مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد في برنامجها التلفزيوني ذا ريدآوت. وتألقت الملكة في اللقاء بطقم حيادي باللون الاسود بتصميم عصري ومريح يناسب اللقاءات الحوارية. تألف من سروال أسود واسع مع الزمزمات عند الخصر، والخصر العالي المزين باثنين من الأزرار البيضاء العريضة، وهو من توقيع " louisvuitton"، اما التوب فجاءت بنمط المعطف القصير والكروب توب م�...المزيد

GMT 19:36 2013 الجمعة ,27 أيلول / سبتمبر

الطاقة المتجددة ترفع الآمال بتحقيق عوائد

GMT 20:07 2015 الأربعاء ,19 آب / أغسطس

تتويج فرح يوسف ملكة جمال سورية في أميركا

GMT 18:11 2012 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

"الفن أسيرا للأزمنة"معرض لأعمال تشكيلية

GMT 05:13 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

بعد الفوز على الكونغو بهدفين أحرزهما النجم محمد صلاح

GMT 01:07 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

هاتف A91 من Oppo بمواصفات متطورة وسعر منافس

GMT 01:32 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

بول بوجبا يخضع لجراحة ويغيب عن مانشستر لمدة شهر

GMT 14:14 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

النشاط البدنى لكبار السن يحميهم من أمراض القلب

GMT 01:54 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على سعر الدرهم الاماراتى مقابل الجنيه استرليني الأحد

GMT 12:44 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

كيم كارداشيان ترتدي التصاميم الأقرب إلى قلبها

GMT 01:09 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

طريقة سهلة لتحضير الدجاج مع صلصة البرتقال

GMT 17:11 2018 الأحد ,09 كانون الأول / ديسمبر

محمد بن راشد يعزّي في وفاة محمد بن أحمد الحبتور

GMT 21:35 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مصر في مباحثات مع بنك أبوظبي الأول بشأن برامج تحوط
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates