المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة»

المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة»

المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة»

 صوت الإمارات -

المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة»

بقلم : عمار علي حسن

حين تطلب من قادة ووعاظ الجماعات والتنظيمات المتطرفة أن يجيبوك على سؤال: ما هي الشريعة التي تريد تطبيقها؟ تكتشف أنهم مختلفون اختلافاً بينا في تعريفها، وتحديد مسارها، وتعيين تفاصيلها، ورؤية مقاصدها، وإدراك فحواها ومبناها ومضمونها، فتتسع وتضيق، بل تختلط بالمنتج البشري الفقهي والأيديولوجي لديها، بشكل يدعو إلى العجب.

ورغم أن كثيراً من دساتير البلدان العربية والإسلامية تنص على أن «الشريعة الإسلامية» مصدر رئيس للتشريع فإن الجماعات والتنظيمات المتطرفة تزعم دوماً أن تطبيق الشريعة غائب في حياتنا، وأنها هي وحدها التي تفهم ما يعنيه «الشرع»، وتناضل من أجل حضوره في الواقع، وأن على الناس أن يصدقوها، وينضموا إليها، ليسيروا معها في طريق الله.
ويراهن المتطرفون في طلبهم هذا على أن أغلب الناس لا يعرفون أن الدين يشكل أحد الأطر الأساسية للسياسات العامة في كل البلدان العربية والإسلامية، وأن هناك ضمانات لعدم تعارض التشريعات والقوانين مع الشريعة، وأنه يتم تطبيق كل ما ورد في القرآن من تشريعات، مع استبدال الحدود بعقوبات أخرى.
وبدلاً من أن يكونوا متسقين مع أنفسهم، ويقروا بهذا، ظل أتباع التيار الديني الساعي إلى السلطة يعبئون الناس، طيلة الوقت، حول مطلب تطبيق الشريعة، ويثيرون سخط قطاع منهم على السلطة بدعوى أنها تحارب الدين، ويرفعون في هذا شعارات من قبيل «الإسلام هو الحل» و«القرآن دستورنا» و«قادم قادم يا إسلام»، وفي ركاب أحداث يناير المصرية استبدلوا هتاف الميادين الذي كان يصرخ «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية» ب «الشعب يريد تطبيق شرع الله»، وكأن الشريعة كانت غائبة عن حياة المصريين.
ووقت أن كانوا يتقدمون في الحصول على السلطة التشريعية والتنفيذية كاملتين في مصر، تنكَّر «الإخوان» لكل الجهود والإجراءات التي قامت بها الدولة عبر إسناد تطبيق «مبادئ الشريعة كمصدر أساسي للتشريع» إلى المشرعين أنفسهم، بحيث يضعون هم القوانين التي يمكن أن تعبر عن تجلي قيم الشرع وروحه وتصوراته العامة في التشريع.
وربطت جماعات متطرفة كثيرة قضية الشريعة بفكرة «الحاكمية»، وهددت بأنه إذا لم يطبق الحاكم الشريعة فإن العقد معه يعد ملغياً.

ثم انحرف الأمر مع «داعش» إلى مستوى مروع، باسم تطبيق الشرع، مع أن هذا التنظيم في الحقيقة ركن إلى شريعة المغول الذين كانت خطتهم في الحرب تقوم على عدم احترام أي أخلاق أو الوفاء بأي وعود أو الالتزام بأي تعهدات أو الحذر في القتل والتخريب، فكانوا يعاهدون الناس إنْ سلموا سلاحهم ستصان أرواحهم، وما إن يستجيبوا لهم حتى يلغوا في دمائهم، ويستحلوا نساءهم ويخربوا بيوتهم ويحرقوا كل ما لهم، حتى إنهم قتلوا رسل الملوك والقادة ليبثوا الرعب في النفوس.
ف«داعش» لم يسبقه تنظيم إرهابي في الإجراءات العقابية القاسية والغريبة التي يقوم بها ضد مخالفيه في أسلوب العيش، أو من يتهمهم بإتيان المنكر، أو أولئك الذين يقبض عليهم ممن يناصبونه العداء.
وطرق العقاب عند «داعش»، فضلاً عن عدم عدالتها، ولا خضوعها للالتزام بالشريعة الإسلامية، كما يزعم قادة التنظيم وأفراده، فهي تُستعمل، في أحيان كثيرة، لأهداف لا علاقة لها بالضبط الاجتماعي، ولا ردع الخارجين عن شرائع التنظيم وتصوراته، إنما في إرسال رسائل الفزع والترهيب للآخرين، عبر العالم، بأن«داعش» تنظيم متوحش بشع لا يرحم، وأن الأفضل للجميع أن يتقي شره، وهو النمط الذي عول عليه المغول في حروبهم خلال القرون الوسطى، وما هو مؤسف حقاً أن كل هذه الفظائع تتم باسم تطبيق الشريعة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة» المتطرفون والتلاعب بـ «الشريعة»



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

لندن - صوت الإمارات
لطالما عودتنا الملكة رانيا على إطلالاتها الأنيقة بستايلات مختلفة وفق المناسبة التي تحضرها. وفي أحدث لقاء تلفزيوني لها، اتجهت الى التألق بطقم أنيق بين اللمسات الكلاسيكية والعصرية، بنمط شبابي ايضا، وهو نمط اتبعته في العديد من اللقاءات الحوارية التي ظهرت بها على شاشات التلفزة. نرصد لكم هذه الإطلالات لتستلهموا منها أسلوبها الملهم. اتجهت الأنظار نحو الملكة الأردنية رانيا في لقائها التلفزيوني مع الإعلامية الأمريكية جوي ريد في برنامجها التلفزيوني ذا ريدآوت. وتألقت الملكة في اللقاء بطقم حيادي باللون الاسود بتصميم عصري ومريح يناسب اللقاءات الحوارية. تألف من سروال أسود واسع مع الزمزمات عند الخصر، والخصر العالي المزين باثنين من الأزرار البيضاء العريضة، وهو من توقيع " louisvuitton"، اما التوب فجاءت بنمط المعطف القصير والكروب توب م�...المزيد

GMT 00:23 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 05:19 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

فريق "العين" يُحقق فوزًا قاتلاً في لقاء "الأهلي"

GMT 02:55 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قصور الثقافة تفتتح 14 موقعا في أقل من عام ونصف

GMT 00:33 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

تعرف على تصميمات عصرية لغرف طعام بأشكال مبهرة

GMT 01:26 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

ميلان يستضيف بارما لتأمين صدارة الدوري الإيطالي الليلة

GMT 14:38 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تساعدك الحظوظ لطرح الأفكار وللمشاركة في مختلف الندوات

GMT 21:13 2019 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إنعمي بليلة فندقية في "التلفيريك" السياحي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates