ثلاثة عقود على غزو الكويت  كارثة مدمّرة

ثلاثة عقود على غزو الكويت .. كارثة مدمّرة

ثلاثة عقود على غزو الكويت .. كارثة مدمّرة

 صوت الإمارات -

ثلاثة عقود على غزو الكويت  كارثة مدمّرة

عبد الحسين شعبان
بقلم - الدكتور عبد الحسين شعبان

 قبل ثلاثين عاماً، وبالتحديد في 2 آب (أغسطس) 1990 استفاق العالم على مفاجأة كاد ألّا يصدقها لولا ما نقلته الأقمار الصناعية من صور عن اجتياح الدبابات العراقية الحدود الكويتية، وإذا كانت العلاقات العراقية- الكويتية قد تدهورت في الأسابيع الأخيرة قبل الغزو، ولكن لم يكن بإمكان أحد التكهّن بما سيقرره الرئيس العراقي صدام حسين من قيامه بمغامرة سيدفع العراق والكويت والمنطقة أثمانها الباهظة والتي ما تزال بعض فصولها مستمرة إلى اليوم، علماً بأن أمير دولة الكويت الشيخ جابر الأحمد الصباح كان قد زار بغداد قبل ثلاثة أشهر من الغزو ومنحه الرئيس العراقي خلال زيارته تلك وسام الرافدين من الدرجة الأولى، وهو أعلى وسام عراقي (أيار /مايو/1990 ) وقيل فيه ما لم يقله مالك في الخمرة كما يقال؛ وذلك تأكيداً على امتنان النظام العراقي وعرفانه بالجميل لوقوف الكويت إلى جانبه في الحرب مع إيران التي دامت ثماني سنوات بالكمال والتمام (1980-.(1988

اسباب حقيقية

وثمة أسئلة تبرز على هذا الصعيد: لماذا حصل الغزو؟ وما هي الأسباب الحقيقة التي تقف خلفه؟ وهل كان بالإمكان تسوية الخلاف العراقي – الكويتي سلمياً؟ ابتداءً أقول أن فكرة الغزو والمغامرة الحربية والاستقواء على الآخر كانت في رأس الرئيس صدام حسين وحده، وهو لم يشارك فيها حتى وزير دفاعه ورئيس أركان جيشه، وباستثناء ثلاثة من الدائرة المحيطة لم يكن أحد في العراق يتصور حصول مثل هذه المغامرة بعد مأساة الحرب العراقية- الإيرانية، والأشخاص الثلاثة هم أركان العائلة: قصي الابن الثاني للرئيس وحسين كامل صهر الرئيس وعلي حسن المجيد ابن عمه، الذي أصبح عملياً حاكماً للكويت خلال غزوها وهو المعروف باسم علي الكيمياوي، نسبة إلى استخدام الأسلحة الكيمياوية في حلبجة كما أشيع حينها.

وإذا كانت المفاوضات قد فشلت بين الشيخ سعد ولي عهد الكويت ونائب الرئيس العراقي عزت الدوري، وقيل فيها ما قيل، وتوّلد عنها ردود فعل غاضبة، فذلك مجرد سيناريو لمسرحية سمجة، وحسب تقديري فإن الضائقة الاقتصادية كانت السبب الأول للغزو، خصوصاً وقد بدّد العراق فوائضه المالية التي كانت تقدّر بـ 37 مليار دولار قبل الحرب، إضافة إلى ديون جديدة زادت على 60 مليار دولار حسب بعض التقديرات عند انتهاء الحرب، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط؛

كما أن تضخّم الجيش العراقي الذي بلغ نحو مليون جندي، عاظم من حجم المشكلة الاقتصادية، ولم يكن بوسع سوق العمل احتواء الجنود الذين سيتم تسريحهم، كما ليس بإمكان إيجاد فرص عمل جديدة لهم، خصوصاً بعد توقّف المساعدات الخليجية (المملكة العربية السعودية والكويت)، وهذا هو السبب الأساسي الثاني، أما السبب الثالث فيعود إلى شخصية الرئيس العراقي صدام حسين التي تتميز بالغرور والعنهجية والاستعلائية التي كان يتصرف بها إزاء الخليجيين ، وطموحه في أن يصبح زعيماً على المنطقة ، ولتحقيق ما عجزت عنه بعض الشخصيات العراقية التي كانت تمتلك ذات الطموح، لكنها لم تتمتّع بنفس القدرة من المغامرة وعدم الشعور بالمسؤولية، وفي مقدمتها الملك غازي والزعيم عبد الكريم قاسم.

إن ضيق أفق الرئيس العراقي وقصر نظره وعدم معرفته بقواعد العلاقات الدولية وما سمّي بالنظام الدولي الجديد، خصوصاً بعد انهيار جدار برلين في 9 تشرين الثاني (نوفمبر) 1989 وبداية تفكك الكتلة الاشتراكية ودولها والاتحاد السوفييتي، فضلاً عن

استدراجه عبر لقائه بالسفيرة الأمريكية ابريل غلاسبي قبل الغزو والقائم بالأعمال جو ويلسون بعده، هو ما دفعه للاعتقاد بأن واشنطن قد لا تتدخل عسكرياً إذا ما وقع غزو الكويت، بعد أن أوحى لهما بأن بغداد هي الأجدر بتطمين مصالح واشنــــــطن في المنطقة .

وكان قد صدر مؤخراً كتاب مهم للمفكر والدبلوماسي الكويتي عبدالله بشارة وهو كاتب ومحاضر ومحلل سياسي رفيع المستوى، وقد عمل مندوباً دائماً لدولة الكويت في الأمم المتحدة منذ العام 1971 ومثّل الكويت في مجلس الأمن الدولي 1978-1979 وكان رئيساً للمجلس في شباط (فبراير) 1979 وبشارة هو أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي 1981 واستمر في موقعه 12 عاماً.

تجربة متميزة

ولذلك تأتي تجربته متميّزة وجديرة بالقراءة، لاسيّما وأنها من قلب الحدث ، وقد تناول في كتابه الموسوم ” الغزو في الزمن العابس- الكويت قبل الغزو وبعده” (منشورات ذات السلاسل ، الكويت، (2019 تاريخ العلاقات العراقية – الكويتية ، ومقدمات الغزو وما بعده ، وقد أهداني مشكوراً نسخة من الكتاب مرفقة بعبارات صداقية. يقول بشارة في مقدمة الكتاب أن صدام حسين أراد أن : يدخل أبواب التاريخ كزعيم حقق أحلامه في ضم الكويت باعتبارها المحافظة التاسعة عشرة، حيث تكشف وثائق الغزو هوسه بالتاريخ من جهة، إضافة إلى شهيته في التوسع، ناهيك عن ضياع المنطق وغياب النصيحة . ويعدّ هذا الكتاب، إضافة إلى كتابه السابق” حروب الكويت الدبلوماسية” مادة تاريخية لا تخص مسألة الغزو وما رافقها، بل دراسة في طبيعة العلاقات العراقية – الكويتية وبحث مستفيض في الادعاءات والاستهدافات التي تخص دولة الكويت منذ تأسيسها في العام 1961 وإلى اليوم.

تضمن الكتاب ثمانية فصول، تناول في الفصول الثلاث الأولى تاريخ العلاقات، بما فيها الشهية إلى مشاريع التوسّع والضم منذ قيام المملكة العراقية، ولاسيّما في فترة الثلاثينات وفيما بعد في العهد الجمهوري خلال حكم عبد الكريم قاسم ومطالبته بالكويت وتشمل فترة استلام حزب البعث السلطة في العام 1968حتى غزو الكويت.

ويسلط في الفصلين الرابع والخامس الضوء على الغزو والجهد الكويتي والعربي لإعادة الشرعية ثم يتناول مسار التحرير التاريخي وصولاً إلى خيمة صفوان ويبحث في موضوع الأسرى الكويتيين والمفقودين؛ أما في الفصلين السادس والسابع فإنه يبحث في تداعيات الحرب ولجنة نزع السلاح وصولاً للاحتلال الأمريكي العام 2003 ويركز فيه على سايكولوجية صدام حسين ومحاكمته والتحقيق الأمريكي معه، ليختتم في فصل ثامن عن حياة الكويت بعد التحرير وآفاق المستقبل بالارتباط مع مجلس التعاون الخليجي.

ويثني مؤلف الكتاب على تسامح القيادة الكويتية في معالجتها للأزمة مع العراق وتعاملها بشجاعة وحكمة دون حقد أو كراهية، ولاسيّما دعوتها إلى علاقات خالية من الاشتياق إلى مفردات الماضي، وإن كان “ماضٍ لم يمض” على حد تعبير الكاتب د. حامد الحمود العجلان، الذي عاش فترة الغزو بكل تفاصيلها المأسوية دون أن تترك في نفسه كراهية أو ثأراً أو انتقاماً من العراقيين، لأنهم هم الآخرون كانوا ضحايا ، ويدعو عبدالله بشارة إلى تحويل الأولوية إلى تعاون شامل في اعتراف عراقي أبدي في قبول الواقع الذي أفرزته عملية الغزو في خريطة العلاقات بين البلدين بكل جوانبها.

كارثة مدمرة

ومثلما كان الغزو مأساة حقيقية على الكويتيين، فقد كان كارثة مدمّرة على العراقيين أيضاً، الذين كانوا بين نارين، فلم يكن الغزو باسمهم مثلما لم تكن الحرب باسمهم أيضاً، وإن تمكّنت نخبة وطنية خارج البلاد من التعبير عن ذلك، بدعوتها إلى سحب القوات العراقية ونزع فتيل الحرب وتفويت الفرصة على القوى المتربصة بالعرب إقليمياً ودولياً، وهنا أستذكر بعض الشخصيات العراقية التي أصدرت نداءً عاجلاً إلى الرأي العام تحت عنوان ” لتتوقف الحرب فوراً ، ولتنتصر إرادة السلام والخير ” وقد وقّع عليه كل من صلاح عمر العلي ونوري عبد الرزاق ود. تحسين معلّه ود. إياد علاوي واسماعيل القادري وبلند الحيدري ومحمد الظاهر وعدنان المفتي ود. مهدي الحافظ وعادل مراد ود. محمود عثمان وهاني الفكيكي ود. مصطفى جمال الدين وآخرون، وكان لكاتب السطور شرف كتابة البيان، الذي أعقبه بإصدار كتاب بعنوان: المحاكمة – المشهد المحذوف من دراما الخليج ، دار زيد، لندن، 1992? وفيه دعوة لمحاكمة من تسبب في الغزو وتداعياته، ولاسيّما الحصار الجائر على العراق.

لكن المحذور قد حصل وما يزال العراق منذ 30 عاماً ينزف دماً.

.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة عقود على غزو الكويت  كارثة مدمّرة ثلاثة عقود على غزو الكويت  كارثة مدمّرة



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة - صوت الإمارات
النجمة بلقيس عادت من جديد للتفاعل مع جمهورها واستعراض إطلالة جديدة لها عبر انستجرام، لتوثق أحدث ظهور لها بفستانها الأسود الجديد الذي نال تفاعل قطاع كبير من جمهورها، كما أنها عادت للظهور بأزياء من علامة فيرساتشي الشهيرة التي سبق وقد تألقت بها أكثر من مرة في الماضي. تفاصيل أحدث إطلالة للنجمة بلقيس النجمة بلقيس اختارت في احدث ظهور لها، ارتداء فستان أسود أنيق من علامة فيرساتشي الشهيرة، وتعتبر بلقيس من عاشقات اللون الأسود وسبق وظهرت به في العديد من إطلالاتها الجذابة، وهذه المرة اختارت فستان أنيق نال إعجاب محبيها بمجرد نشر صوره عبر حسابها على انستجرام. بلقيس استعرضت أناقتها بفستان أنيق باللون الأسود انسدل طويلًا ومجسمًا مع صيحة الكب التي زادت من أناقته، والتي جاءت بتصميم مستقيم، كما تزينت منطقة الصدر بحزام رفيع يتوسطه اكسسوار...المزيد

GMT 21:04 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة
 صوت الإمارات - الإمارات تواصل دعم مستشفيات وعيادات رفح في غزة

GMT 08:31 2020 الأربعاء ,01 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 21:15 2012 الأربعاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

جهازا "إبسون" صديقين للبيئة

GMT 21:02 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 11:16 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأثين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 18:55 2019 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

علماء يبتكرون خلايا عصبية صناعية لعلاج مرض الزهايمر

GMT 14:37 2018 الإثنين ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حمدان ومكتوم بن محمد يحضران أفراح حسين محمد والديبيلي

GMT 17:29 2018 السبت ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

دار"سوثبي" في لندن تستعد لبيع لوحة أثرية مصرية نادرة

GMT 13:04 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء أميركيون يعيدون البصر إلى فئران عمياء

GMT 03:21 2018 السبت ,20 تشرين الأول / أكتوبر

"جاكوار F-Type" ستأتي في 2020 بمحركات بي إم دبليو

GMT 15:45 2013 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

أكاديمية الشعر تصدر ديوان" أشجان" لعفرا بنت سيف المزروعي

GMT 05:39 2018 الأحد ,17 حزيران / يونيو

مهرجان صيف الخرج الـ 39 ينطلق بمدينة السيح

GMT 21:52 2014 الخميس ,16 تشرين الأول / أكتوبر

الفرو موضة التسعينات التي عادت بقوة هذا الموسم

GMT 20:55 2013 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

"مركز إبداع" الإسكندرية يقيم معرض "جرافيك"

GMT 10:06 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

لون أزرق مضيء لإطلالة راقية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates