رقصة بين عاصمتين

رقصة بين عاصمتين

رقصة بين عاصمتين

 صوت الإمارات -

رقصة بين عاصمتين

بقلم - سليمان جودة

 

يعرف العالم رقصات كثيرة فى أنحاء الأرض، ولكل رقصة بلد نشأت فيه ومنه انتشرت، وكانت رقصة التانجو من بين أشهر الرقصات ولاتزال.

وأصلها كان فى الأرجنتين، ومن الأرجنتين راحت تنتشر فى أمريكا الجنوبية، ومنها خرجت إلى سائر أرجاء الكوكب، لكنها لاتزال معروفة بأنها رقصة أمريكية جنوبية، وهناك مَنْ يتحدث عنها بوصفها رقصة برازيلية، وحين يقال ذلك فالأمر أقرب إلى الصواب، لأن الأرجنتين والبرازيل ينتميان معا إلى تلك القارة الواقعة جنوب الولايات المتحدة الأمريكية.. ومما كتبه الأديب الأرجنتينى خورخى لويس بورخيس ذات يوم أن هذه رقصة تخص بلاده، وأن اليونسكو سجلتها عندها باعتبارها تراثا إنسانيا يخص جميع البشر فى النهاية.

ومن أصولها أنها تتم بين اثنين، ولا يمكن أن يرقصها شخص بمفرده، ولا أن ترقصها سيدة بمفردها كما هو الحال فى الرقص الشرقى على سبيل المثال.

وكثيرا ما ينتقل الكلام عن التانجو من مجال الفن إلى ميدان السياسة، ولا يكون ذلك إلا لوصف حالة من الرقص السياسى بين بلدين إذا صح التعبير.. والقصد هنا أن كل بلد يتحرك خطوة فى مقابل خطوة يتحركها البلد الآخر فى المقابل، ويحدث ذلك على مستوى من التجاوب الظاهر، وبدرجة من التفاعل الشبيهة بما يجرى بين اثنين يرقصان التانجو فى أى مرقص.

كانت البداية فى التانجو السياسى الذى أقصده، عندما تقرر أن تلتحق السويد عضوا فى حلف شمال الأطلنطى، ولكن لأن الالتحاق لا يكون إلا بإجماع الأعضاء، فإن عضوية السويدية لم تمر فى البداية، لأن تركيا اعترضت بحكم عضويتها فى الحلف، وكان اعتراضها هو الاعتراض الوحيد.

وكانت الولايات المتحدة ترغب فى تمرير عضوية السويد بأى شكل، لكن تبين لها أنها مدعوة فى سبيل ذلك إلى أن ترقص تانجو مع تركيا، وأن تقدم شيئا لها فى مقابل موافقتها على تمرير موضوع السويد، وقالت أنقرة إنها تريد ٤٠ طائرة إف ١٦، وأبدت واشنطن استعدادها لتقديم ما يريده الأتراك فوافقوا على عضوية السويد على الفور.. وكانت هذه فى مقابل تلك.. وكان من الواضح أن ما تم التوافق عليه إنما هو نوع من التانجو بين الرئيس أردوغان، وبين إدارة بايدن فى بلاد العم سام.

ثم بدا أنه لاتزال هناك جولة أخرى من الرقصة نفسها، لأن تركيا تريد الاشترك فى برنامج متعدد الأطراف داخل الحلف لتصنيع الطائرة إف ٣٥، ولم تمانع الولايات المتحدة التى تقود عملية التصنيع، وتجاوبت مع تركيا على طريقة التانجو، وقالت إن ذلك يمكن أن يتم بشرط، وأن الشرط هو أن يتخلى الأتراك فى المقابل عن النظام الدفاعى إس ٤٠٠ الذى حصلوا عليه من روسيا.والموضوع متوقف على أن يواصل صانع القرار التركى رقصة التانجو على الطريقة التى كانت فى قضية السويد.. فقط عليه أن يتجاوب فى رقصته، وبعدها سيشارك فى صناعة الطائرة إف ٣٥، وستكتمل الرقصة هذه المرة كما اكتملت فى المرة السابقة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رقصة بين عاصمتين رقصة بين عاصمتين



GMT 16:55 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 16:53 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 16:51 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 16:48 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 16:43 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

معركة الاتحاد غير العادلة

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:42 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

"كارولينا" تحبس كل من يخلف في وعده بالزواج

GMT 01:31 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

أحمد شوبير ينتقل إلى أون سبورت

GMT 17:34 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

55 مشاركًا وأكثر من 100 لوحة فنية تجمعها خيمة الفنون

GMT 07:54 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

إقبال لافت على مشاهدة عروض المهرجان المصري للمسرح

GMT 07:04 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

لوس انجلوس تستعد لاستقبال أوسكار 2016

GMT 12:32 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"شانيل" تطرح بإبداع تشكيلة مجوهرات "سولاسين دي ليون"

GMT 19:13 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

سيف بن زايد يعزي سعيد سلطان بن حرمل في وفاة والده

GMT 11:54 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيفانكا ترامب تتألق بإطلالة مبهرة في عيد ميلاد زوجها

GMT 17:58 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الدوائر الحكومية في دبي تُسعد موظفيها بالسرعة القصوى

GMT 06:26 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

هيئة الكتاب تصدر "القوى السياسية بعد 30 يونيو" لفريد زهران

GMT 17:24 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"كواليس الكوابيس" قصة جديدة لمحمد غنيم

GMT 15:14 2013 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

القطط من أجل راحة الزبائن في مقهى فرنسي في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates