ضباب

ضباب

ضباب

 صوت الإمارات -

ضباب

بقلم : علي أبو الريش

في الصباح الباكر، يبدو الضباب مثل قبعة رمادية عملاقة، تخيم على رؤوس الأشجار والناس والطير. في هذا الوقت تختفي الوجوه والأرصفة والخطوط البيضاء في الشوارع، وتمضي الحافلات والمركبات كأنها تسير على ملاءة شاحبة، هي من خرق قديمة قدم الدهر. عندما تنظر إلى الأشجار فلا تجد سوى أشباح تقف في صفوف من خلف غشاء أبيض شفاف، والأبنية تتسامق وتتسابق من خلف الهالة العظيمة، كي تسفر عن نفسها من خلال أضواء خافتة، أشبه بفنارات على صواري سفن تقف خلف الموج البعيد.

في معطف الضباب هناك تكمن أعذار وأخطار، الموظف الكسول قد يجد ملاذاً آمناً لتصرفاته اللامسؤولة، فعندما يسأل عن سبب التأخير يقطب حاجبيه، ويقول لمسؤوله إن الضباب حال دون وصوله إلى مكان عمله، ويكتفي بهذا القدر من العذر، ثم يذهب إلى مكتبه ويجلس صامتاً، وينظر إلى زملائه نظرة المنتصر، بينما هم يطالعونه بسخرية، لأنه مستغل وكاذب ولا مبال. مثل هذه النماذج السحرية، نلاحظها كل يوم، والضباب نفسه يشعر بالذنب، كونه هيأ فرصة غير مسموحة واقعياً لأشخاص لا هم لهم في الحياة غير التفريط بالمسؤوليات، ويزداد شعورهم بالزهو كلما كذبوا وأفلتوا من العقاب، وترتفع معنوياتهم عندما يصرف المدير النظر عنهم، ويكتفي بالتأفف والزفرات اليائسة. هذه نماذج وشرائح وقطع من نثار الأخلاق الفاسدة التي نصادفها في مواقع العمل، لأن البعض مثل خنفساء الروث لا تتغذى إلا على النفايات، والكذب نفاية تاريخية بدأت مع إحساس الإنسان بعقد النقص والدونية، وعدم القدرة على مواكبة العيش من دون كذب.
هذه نماذج تعيش في حالة استنفار دائم مع نفسها، ولا تستطيع ممارسة الحياة بشكل طبيعي، لأنها في الأصل هي حالات غير طبيعية، هي حالات جاءت من رحم الضباب الاجتماعي، جاءت من بحيرة تربوية، لفها ضباب كثيف ولم تعد ترى غير الوهم والأشباح، ما يجعلها تلج غابة الحياة بسلاح الكذب، وتمارسه بنشاط وحيوية، وتشعر بالسعادة كلما مررت كذبة على مدير أو مسؤول، وعندما يلتقي أمثال هؤلاء بأصحابهم في الشارع أو المقاهي، فإنهم يقهقهون سعداء بما أنجزوه من حيل كاذبة، استطاعوا أن يعبروا بها قوانين العمل، وأن يسجلوا هدفاً رائعاً في مرمى المدير. هذه ثقافة، قبل أن نعلم الناس الصدق والابتعاد عن الكذب، نحتاج أن ندربهم على حب العمل، ومتى ما أصبح العقاب هو منع الموظف من الدوام لمدة يومين أو ثلاثة، نكون قد حققنا الإنجاز الأعظم، ولكن هذا أيضاً يحتاج إلى الأسباب الموضوعية التي تحبب الموظف في مكان عمله، فالسفينة لا تجري على اليابس.

نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضباب ضباب



GMT 15:12 2020 الجمعة ,21 آب / أغسطس

براكة... بركة الطاقة

GMT 16:04 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رواد بيننا

GMT 13:12 2019 الجمعة ,01 شباط / فبراير

بحيرة جنيف تغتسل بالبرودة

GMT 18:55 2019 الخميس ,31 كانون الثاني / يناير

الكل مسافر

GMT 20:26 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

ساعات معلقة فوق الغيم

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

أبوظبي ـ صوت الإمارات
النجمة التونسية درة يبدو أن هناك قصة عشق بينها وبين مدينة العلا بالمملكة العربية السعودية، حيث دائمًا ما تحرص على التواجد هناك من أجل المتعة والاسترخاء وأيضًا من أجل حضور بعض الفعاليات، وفي كل مرة تظهر بإطلالة جذابة وأنيقة تبهر جمهورها وتخطف انتباههم، وفيما يلي جولة على أجمل إطلالات في أحضان مدينة العلا. النجمة درة تألقت في أحدث جلسة تصوير شاركتها مع الجمهور مؤخرًا عبر حسابها على انستجرام، حيث ظهرت من خلالها في أحضان الطبيعة بمدينة العلا، واختارت درة إطلالة جذابة للغاية جاءت عبارة عن فستان بصيحة الكب باللون الكريمي الفاتح. وانسدل الفستان بتصميم ميدي ومجسم، وتزين بأزرار جانبية خشبية بتصميم ضخم، واستعانت درة بحقيبة باللون البني، وانتعلت صندل شفاف بكعب عال وتزينت باكسسوارات بسيطة وجذابة ووضعت نظارة شمسية على عينيها. درة ت�...المزيد

GMT 22:12 2024 السبت ,11 أيار / مايو

طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة
 صوت الإمارات - طرق تنظيف أنواع الكنب ووسائده المختلفة

GMT 11:18 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

العلماء يؤكدون وجود حضارة صناعية قديمة

GMT 04:54 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الملك عبدالله الثاني يزور الباقورة بعد استعادتها

GMT 18:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الحب على موعد مميز معك

GMT 03:22 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الفنانة التونسية درة نجمة حفل ختام مهرجان "مالمو"

GMT 06:22 2019 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مدرسة ترفض استقبال 250 طالب و"الشارقة للتعليم الخاص"

GMT 23:00 2019 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"سامسونغ" تطلق أول هواتفها بكاميرا أمامية متحركة

GMT 12:08 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

ياسمين صبري تكشف عن سبب إغلاقها حساباتها على مواقع التواصل

GMT 23:26 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

"ناريمان خالد" ملكة جمال مصر تستعد للسفر إلى تايلاند
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates