في رمضان

في رمضان

في رمضان

 صوت الإمارات -

في رمضان

بقلم : علي أبو الريش

في رمضان، ذاكرة تعود بالعجلة إلى الماضي، فيحضر أصدقاء قد غابوا ويحضر أحباء قد أفلت نجومهم عن حياتنا، وها أنت هنا في الحضور القلق، في المكان والزمان، الأيام من حولك تمر كأنها غزلان شاردة، والأحلام أرانب مذعورة، والشريط السينمائي يمر أمام عينيك وصور ومشاهد أحداث تصبح كأنها الآن.

أنت تعيش في الآن، كما قال هايدجر، أنت هنا، في الجوهر، في اللحظة الحاضرة، ويجتمع الماضي والمستقبل، في مجلس الحاضر، ولكنك لا تجد من الحاضرين من يشبه ماضيك، ولا تجد من المتحلقين حولك سوى وجوه تبدو وكأنها قديمة لأنها غيبت الابتسامة.. كيف ستسعد الناس من دون الابتسامة، فالعبوس ممر وعر وشائك لا ترتاده إلا العربات الفارغة من الأمل، وكيف ستسعد أنت في محيط عابس ومحتبس؟ هذه معضلتك في الوجود كي تكون فرداً إيجابياً، يجب أن يبتسم ولكن البعض يرى نفسه أنه نسى شكل الابتسامة، ربما لأسباب شخصية أو لموقف ما يلازم الشخص فلا يدعه الاستفادة من اللحظات ما بين زمنين مزدحمين، وأشياء أخرى قد تعقد الأمور وتجعل من الابتسامة مشكلة عويصة وعصيبة، ولكن هذا رمضان على أقل تقدير في هذا الشهر ينبغي على الإنسان أن يخبئ كل أشيائه الصغيرة والمحزنة في درج المكتب ويحكم إغلاقها حتى يستطيع أن يعيش طقوس رمضان وحتى يستعيد أيام زمان وحتى يشعر أنه ما زال إنساناً ولم يفقد إنسانيته.

يا إلهي، رمضان مثل السحر، يتوغل في تلافيف الحياة مثل موجة عارمة تغزو السواحل، رمضان له رونق ولو نسق، وله غسق غير الذي نراه في الأيام العادية، رمضان يأتي مثل كائن حالم بتعانق نجمتين أو تصافح غيمتين أو لقاء حبيبين، رمضان شيء مختلف في زمانه ومكانه وحتى سفرته تبدو أكثر اتساعاً وتنوعاً حتى وجوه النساء تبدو أكثر سماحة وفصاحة، حيث وأنت في رمضان تجتاحك نسمات إليهة سماوية تجعلك مثل القديس أو هكذا تشعر أنت على أقل تقدير، وهذا يثبت ما قاله الفيلسوف الفرنسي اسبينوزا، الدين مثل الجمال كونيان لا يخصان شخصاً أو مجتمعاً أو قارة، كلنا نشترك في الضعف، ولذلك كلنا نشترك في طلب المساندة، لعلنا نواجه رهبة الوجود، نحن موجودون في الوجود لكثرة الأسئلة التي نطلقها عن سبب وجودنا، وبالتالي نجد أنفسنا في رمضان، نزداد إلحاحاً وتتضاعف أسئلة لأن رمضان شهر الحب وشهر الإلهام وشهر فيه تنمو أشجار الحلم وعلامات الاستفهام، في رمضان نتذكر أشخاصاً مروا من هنا، شمالاً جهة القلب ونتذكر أشخاصاً غابوا ولكن حضورهم يشكل معنى لحياتنا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في رمضان في رمضان



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 11:47 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 18:20 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 07:14 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

كيري يعود إلى الشرق الأوسط لدفع محادثات السلام

GMT 21:18 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عائلة تركية تتجول بين 26 دولة حول العالم بالدراجة الهوائية

GMT 03:08 2019 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وكيل وزارة الدفاع يستقبل مساعد وزير الدفاع الباكستاني

GMT 05:57 2019 الأحد ,24 شباط / فبراير

عبدالله مال الله يكشف أصعب لحظاته في الملاعب

GMT 18:50 2019 الجمعة ,22 شباط / فبراير

"سانغ يونغ" تبدأ باختبار سيارات "Korando"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates