منتج منتهي الصلاحية

منتج منتهي الصلاحية!

منتج منتهي الصلاحية!

 صوت الإمارات -

منتج منتهي الصلاحية

عوض بن حاسوم الدرمكي
بقلم - عوض بن حاسوم الدرمكي

ربما كان الكثيرون يتذكرون قصة الفنان العالمي بيكاسو عندما وقفت أمامه شابة، وقطعت عليه لحظات صمته وتأمله في مقهى اعتاد ارتياده، لتسأله إن كان بإمكانه أن يرسم لها شيئاً في تلك اللحظات، فابتسم موافقاً وسريعاً ما كانت أصابعه ترسم بقلم رصاص على ورقة بيضاء لوحة جميلة وتقدّمها للشابة خلال ثلاثين ثانية، والتي ارتفع صوتها بالإعجاب وهي تمسك باللوحة قبل أن تستأذنه لتنصرف، فقال لها: «ثمنها مليون ليرة»، فردّت مصدومة: «مليون ليرة للوحة رسمتها بقلم رصاص في ثلاثين ثانية!»، فأجابها بهدوء: «رَسْمُ لوحةٍ بهذه الجودة في ثلاثين ثانية استغرق منّي تدريباً ومحاولات مضنية لمدة ثلاثين سنة».

الموهبة لا يمكن شراؤها من السوبرماركت، وكذلك الحال فيما يخص الخبرات النوعية المتراكمة وذلك الصقل والنضج الذي حلّ بالموهبة، فالأولى هبةٌ ربّانية والثانية اختيار شخصي له دلالاته الإيجابية الكثيرة عن شخصية الفرد، وليس من قبيل المبالغة القول إنّ الكثير من المواهب تَضْمُر وتُدفَن لأنّ أصحابها لا يحملون طموحاً حقيقياً ولا يمتلكون حماساً داخلياً ورغبة محمومة لدفع تلك الموهبة لتصنع فارقاً في حياتهم أو في مجتمعهم.

تابعنا قبل أيام قلائل حفل تنصيب جو بايدن رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، ولا أظن أنّ هناك منصباً أعظم أهمية أو أشد خطورة من رئاسة أقوى دولة في العالم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً، وفي ظل الظروف الحالية الصعبة التي تعصف بالعالم بسبب وباء «كورونا» وتحوراته الجديدة وفتكه الذريع والمتواصل بالاقتصاد العالمي، فضلاً عن سلب أرواح مئات الآلاف من البشر.

عندما خرج التعريف المقتضب عن جو بايدن على شاشات التلفاز وأجهزة المحمول تداعت لبالي وأنا أرى أنّ عمره قد بلغ 78 عاماً، خاطرة طريفة تتعلق بالمؤسسات في دول العالم الثالث، وهي أنّ هذا الشخص كان من المفروض أن يتم إحالته للتقاعد قبل 18 سنة، فهو حسب مفاهيم هذه المؤسسات «منتج منتهي الصلاحية» لا بد من التخلص منه والاتيان بدماء جديدة، ولا مانع أن تكون من أقارب البعض أو معارفهم، فالمثل الشعبي يقول «حط إيدك في قرصك».

كان بمقدور أمريكا والتي تجاوز عدد سكانها 331 مليون إنسان أن تختار شاباً و«دماً جديداً» لإدارتها من بين 83 مليون تقريباً من الفئة العمرية بين 25 سنة إلى 44 سنة، لكنّ أمريكا تعلم أنّ تعريف «الدم الجديد» بأنه «الشاب» هو تعريف غير دقيق، فالمطلوب شخصية قادرة على الإتيان بالجديد كفكر وخطط ومسارات استراتيجية وحلول مختلفة لمشكلات قائمة وليس جديداً كشكل ووجه صبوح وجسم ممشوق.

لا أقول أن يؤخر الشباب عن التوظيف إطلاقاً، فهم عماد حياة المجتمعات وسبيل بقائها، ولكن الشباب كمدخلات لا بد أن يمرّوا بمراحل تدرج لإنضاجهم وصقل قدراتهم حتى نعرف مع الوقت مَن هم صانعو الفارق الذين يجب العض عليهم بالنواجذ للإبقاء على تواجدهم، ومَن هم الاعتياديون الذين لا يؤثر على المؤسسة استبدالهم في أي مرحلة، والأهم أن نعرف أن الصنف الأول هو للمؤسسة بمثابة الروح التي تبث الحياة في أوصالها، وما دام قادراً على العطاء النوعي، فإنّه من الواجب رَكْنُ قضية السن القانونية على طرف لهذه الفئة.

نعترف أن التقاعد ضرورة لإتاحة الفرصة للقادمين الجُدد، ونعلم أنّ التقاعد مصير حتمي للجميع، لكن لا بد أن نعي جيداً أنّ هناك مجموعة تملك مواهب استثنائية أو قدرات تخصصية لم يزدها العُمر إلا نضجاً ولا مرّ السنين إلا لمعاناً وتراكماً في الخبرات التي بإمكانها أن تكون صانعة للفارق على الدوام بالمؤسسات التي تعمل بها، مثل هؤلاء، لا يجب أن يقال لهم «مع السلامة وكفّيتو ووفّيتو».

بايدن أتى، كما نشاهد أيضاً في أغلب المؤسسات والشركات العالمية الكبيرة، في عُمر متقدّم، لكنه عمر يكون فيه الإنسان قد نضج تماماً فكرياً ومعرفياً وسلوكياً، وأصبحت رؤيته للمشهد أكثر شمولية، وتعامله مع من حوله أكثر تعاوناً وتحمّلاً، وهو درس لا بد أن نعيه حتى لا نفرّط في قدرات استثنائية لدينا - ما زال بإمكانها العطاء بفعالية - لمجرد أن ورقة أُزيلت من رُزنامة التقويم لنجد أن عمره قد بلغ 60 سنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منتج منتهي الصلاحية منتج منتهي الصلاحية



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ صوت الإمارات
المخرجة اللبنانية نادين لبكي باتت حديث الجمهور خلال الساعات الماضية بعد أن تم اختيارها لتكون عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لنسخة مهرجان كام السينمائي الـ77، والتي ستقام ما بين 14 و25 مايو القادم، وذلك بعد أن سبق لنادين لبكي وقد شاركت كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقة "نظرة ما" عام 2015، وبمجرد أن تم الإعلان عن الخبر حرص جمهور نادين لبكي على تسليط الضوء على أجمل إطلالاتها التي ظهرت بها في بعض المهرجانات الفنية والتي تميزت بالبساطة والرقي في كل مرة. نادين لبكي سبق وقد ظهرت في إحدى الفعاليات الفنية بأحد المهرجانات مؤخرًا وهي مرتدية فستان باللون الأسود الذي يبدو وأنها تعشق الظهور به باستمرار، وجاء الفستان طويلًا ومجسمًا وبصيحة الكب، مع فتحات عند منطقة الخصر، وانسدل الفستان مريحًا بداية من تلك المنطقة�...المزيد

GMT 19:49 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تشعر بالغضب لحصول التباس أو انفعال شديد

GMT 17:40 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تطرأ مسؤوليات ملحّة ومهمّة تسلّط الأضواء على مهارتك

GMT 17:17 2015 الثلاثاء ,03 آذار/ مارس

أمير الكويت يلتقي رئيسة وزراء الدنمارك

GMT 14:31 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

منزل "أيريس رزيدينس" الرائع في يوتا الأميركية

GMT 13:40 2013 السبت ,22 حزيران / يونيو

حية عملاقة تفتح أبواب المنزل المغلقة

GMT 18:43 2013 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

مطعم لندني يقدم أطباقًا خاصة من الحشرات

GMT 19:59 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

خبراء يبتكرون وحدة جديدة لتأمين الأكسجين من تربة القمر

GMT 04:33 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

التراجع عن تقديم "زي الشمس 2" رمضان المقبل

GMT 21:51 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

تكنولوجيا شبكة الجيل الخامس توفر سرعة فائقة في نقل البيانات

GMT 17:57 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قاوم شهيتك وضعفك أمام المأكولات الدسمة

GMT 16:20 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"الجمهور" تتوِّج مرام البزّاز بمسابقة "إنستغرام" لشهر أيلول

GMT 23:18 2019 الأربعاء ,23 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يجهز لصفقة بـ90 مليون إسترليني لضم ديبالا

GMT 18:55 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُبيِّن أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 01:17 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تشويش البنزرتي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates