الفرد يعصف بالجماعة

الفرد يعصف بالجماعة

الفرد يعصف بالجماعة

 صوت الإمارات -

الفرد يعصف بالجماعة

بقلم - ناصر الظاهري

الأمر الوحيد الذي لا يمكن أن تراهن عليه، هو النفس البشرية التي تتقلب بين ليلة وضحاها، رغم أنها تملك حق الاختيار الذي هو مسؤولية ربانية أعطيت لها، وقبلتها كأمانة تنوء بحملها الجبال الرواسي، لكن حين يعجز الإنسان من ثقل تلك الأمانة، وعبء الاختيار، يسلم نفسه للجنون، وروحه للشيطان، ويتخلى عن الهبة الربانية، وهي حرية الاختيار، ليجعل الأمور تقوده أو الأشخاص يرشدونه.. هو حينها معطوب الروح، ومسلوب الإرادة، وتخلى عن إنسانيته الحقة.

الأعمال الإرهابية لا تحتاج لمقدمات فلسفية، لأنها لا تؤمن بالفكر الحر، ولا تعترف بالفلسفة المعرفية المنطقية، لأنها قائمة على أمور تتعارض مع قيم الحكمة والفلسفة، وهي: الجهل والتعصب، والقتل، بحيث إن عملاً فردياً شريراً واحداً، يمكن أن يقوض بنياناً من الإخاء والمحبة والتعايش السلمي في مجتمعات راقية، ويمكنه أن ينسف عملاً جماعياً متواصلاً ومتراكماً، ويرنو للخير، وحرية الإنسان وكرامته. معضلة الأعمال الفردية الشريرة أنك لا يمكن أن تتكهن بها، ولا تتوقع ساعة جنونها، وانطلاقة شرارة حريقها، فمؤتمر للتعايش السلمي في مجتمع متعدد الإثنيات والمعتقدات والأعراق والثقافات في الهند مثلاً، يمكن أن يهده شخص متعصب، جاهل أو مغيب بالمكيفات وتعاليم المعبد ودهاقنة الشر أو شخص يائس من الحياة، فيقوم بافتعال حريق في مسجد، وذبح بقرة مقدسة، وقتل مسيحي في الطريق، والتنكر بلباس سيخي، هذا المشهد الفردي قد يقلب الهند رأساً على عقب، وينسف أعمال المؤتمر، ويضج الشارع بالدهماء، ساعتها لو أتيت بألف حكيم، فلن يقدروا أن يطفئوا ذاك الحريق الذي اشتعل في جنبات كل الطوائف، وحده الشيطان سيكون فرحاً ذلك اليوم.

إن ما حدث في مسجدي نيوزيلندا المسالمة والمتناغمة اجتماعياً، وذات الفطرة الأولية، لا يمكن تفسيره مهما أوردنا من أسباب وتعليلات، ولا يمكن أن نسميه إلا إرهاباً، والذي دائماً يأخذ صفة الجبن والخوف، لأنه لا يواجه ضحاياه الأبرياء، بل يغتالهم فجأة في ظلمة أو أثناء سجدة أو في ساعة فرح عائلية، أو وهم متوجهون نحو رزقهم الحلال، أقول صعب التفسير إذا كان عملاً فردياً أما إذا كان عملاً جماعياً، وقتها يمكننا أن نتكهن، ونحلل، ونفسر الحالة.

يبدو أن العالم لا يراد له الاستقرار والهدوء والعيش بسلام، فكثيرة هي الذئاب التي تعوي هنا وهناك، وهذه يرهقها العطش للدماء، ولا تقبل بالاستئناس بجوار الإنسان المتمدن، تعشق الخراب، ومشهد الرماد، وهي تعرف أن الأرض حين يسيل عليها دم أبرياء، يصعب على الأشجار أن تثمر فيها!

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

نقلا عن جريدة الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفرد يعصف بالجماعة الفرد يعصف بالجماعة



GMT 19:55 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

العلم في مكان آخر

GMT 19:53 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

«لا تشكُ من جرح أنت صاحبه»!

GMT 19:48 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

أصغر من أميركا

GMT 19:44 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

ملحمة وطنية للأبطال الذين أُزهقت أرواحهم!

نادين لبكي بإطلالات أنيقة وراقية باللون الأسود

بيروت ـ صوت الإمارات
المخرجة اللبنانية نادين لبكي باتت حديث الجمهور خلال الساعات الماضية بعد أن تم اختيارها لتكون عضوا في لجنة تحكيم المسابقة الرسمية لنسخة مهرجان كام السينمائي الـ77، والتي ستقام ما بين 14 و25 مايو القادم، وذلك بعد أن سبق لنادين لبكي وقد شاركت كعضو في لجنة تحكيم في مهرجان كان السينمائي ضمن مسابقة "نظرة ما" عام 2015، وبمجرد أن تم الإعلان عن الخبر حرص جمهور نادين لبكي على تسليط الضوء على أجمل إطلالاتها التي ظهرت بها في بعض المهرجانات الفنية والتي تميزت بالبساطة والرقي في كل مرة. نادين لبكي سبق وقد ظهرت في إحدى الفعاليات الفنية بأحد المهرجانات مؤخرًا وهي مرتدية فستان باللون الأسود الذي يبدو وأنها تعشق الظهور به باستمرار، وجاء الفستان طويلًا ومجسمًا وبصيحة الكب، مع فتحات عند منطقة الخصر، وانسدل الفستان مريحًا بداية من تلك المنطقة�...المزيد

GMT 17:03 2024 الخميس ,02 أيار / مايو

باسم السمرة يوجه رساله لـ أحمد السقا
 صوت الإمارات - باسم السمرة يوجه رساله لـ أحمد السقا

GMT 13:56 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء حماسية وجيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:14 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

لا تتورط في مشاكل الآخرين ولا تجازف

GMT 19:20 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الأحد 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 02:18 2016 الأحد ,03 إبريل / نيسان

جددي غرفة طفلك بأجمل القطع

GMT 12:14 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الثور الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 17:24 2018 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

إذاعة "نجوم إف إم" تحتفل باليوم العالمي للراديو

GMT 11:10 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

محمد السبكي ينفي الأخبار المتداولة عن سجنه

GMT 20:48 2013 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مطاعم متميزة ترحب بزائريها في فلورنسا

GMT 13:38 2013 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

ديوان جديد للشاعر العراقي سلام سرحان

GMT 11:08 2013 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

منحة فرنسية لدعم كفاءة الطاقة في الأردن

GMT 09:39 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المخرج المصري سمير سيف

GMT 01:09 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي طلعت زكريا تدعو الجمهور لزيارة قبر والدها الجمعة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates