حنين من نوع آخر

حنين من نوع آخر

حنين من نوع آخر

 صوت الإمارات -

حنين من نوع آخر

بقلم : ناصر الظاهري

أن تعود بعد ما يزيد على الثلاثين عاماً إلى مكان قضيت فيه أربع سنوات متتالية، هي أزهى أيام العمر، بتعبها وألقها وقلقها، أمر يبعث حنيناً من نوع آخر، وشعور ينتابك بسعادة مختلفة، مثل أن تلتقي مدرس اللغة العربية بعد أن كبرت وابيضّت لحيتك، فلا يعرفك، ولكنك تعرفه في هرمه، كأن تعود إلى فصلك الدراسي في الصف الأول الابتدائي، تسحب معك ولدك ليحل محلك في مسيرة الحياة والعمر.

هكذا تداخلت عليّ الأمور وأنا أدخل جامعة الإمارات في العين، غير أن هذه المرة بلا دفاتر أو مذكرات لمساقات مقررة، ولا متأبطاً كتاباً، دخلتها بهاتف صغير ذكي فيه كل شيء، هو اختصار لمسافات في الزمن وأعمار في حياة الإنسان، وتطورات في المكان والأشياء، اختصار بين الطالب المهذب الشغوف بالمعرفة، والمحاضر المشاكس بحب غامر لكل الأشياء.
في تلك الندوة الخاصة بدور الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في دعم الحركة التعليمية والثقافية، ورعاية المبدعين، ضمن فعاليات الجامعة بمئوية زايد، التقيت بالمكان بعد فراق طويل، والتقيت بمن كان بين المتحدثين الدكتور محمد حوّر الذي درسني في سنتي الجامعية الأوليين مساق اللغة العربية وآدابها، والتقيت بالدكتور إبراهيم سعافين من المتحدثين بعد ثلاثين عاماً من لقاء حدث ذات مرة في نهارات بغداد، يومها كنّا مجتمعين لفيف من الأدباء والكتّاب والباحثين، وكنا نتحدث عن السرد الفلسطيني في الداخل وفي المنافي.

كنت بالأمس سعيداً لثلاثة أمور، فرحي بالعودة للمكان الأول، والذي كان يومها قريباً من بيت المعترض، ولا تبعد الجامعة عنه إلا ثلاث دقائق، والأمر الثاني هو أي فرصة سانحة تلك التي تجمعك بأستاذك الجامعي بعد عقود ثلاثة على منصة واحدة، ورفقة زملاء في الحقل الأدبي باعدت الأقطار والسنون بينكم، وثالث الأمر أن تتحدث بحب عن من وجب له الحب، والذي كان سبباً في تعليمك، ودعم مسيرتك، وإنقاذ حياتك في لحظة كنت فيها معلقاً بين الرجاء واليأس، متذكراً أياماً من ذاكرة طفولة خضراء جميلة في مدينة خضراء على الدوام بالحب والتسامح والألفة وحس العائلة الكبيرة، الفرد فيها للجميع، والجميع من أجل الفرد، كان للأب الكبير والحاني على الجميع الشيخ زايد، رحمه الله، وأجزل له الثواب، وغمره بالمغفرة، وأسكنه فسيح الجنان، ذاك الحضور البهي الطاغي، وكان للأب علي الذي ترك المكان هكذا فجأة لبكره في سنواته الدراسية المتأخرة، حضور غير عادي ومختلف ومهيب، يومها فقط، وحين غادر دون تلويحة وداع، شعرت وكأن جدران بيت الطين في العين القديمة تهاوت على كتفيك، وأن ظله وحده هو من عضّد تحت ساعديك، قائلاً لك: اليوم أنت الزوج وأنت الابن الأب، والأخ الكبير!
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حنين من نوع آخر حنين من نوع آخر



GMT 09:11 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام قطرية – تركية لم تتحقق

GMT 09:06 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تذكرة.. وحقيبة سفر- 1

GMT 09:03 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما تصادف شخصًا ما

GMT 08:58 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

اختبار الحرية الصعب!

GMT 00:41 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

وماذا عن الشيعة المستقلين؟ وماذا عن الشيعة المستقلين؟

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:42 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

"كارولينا" تحبس كل من يخلف في وعده بالزواج

GMT 01:31 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

أحمد شوبير ينتقل إلى أون سبورت

GMT 17:34 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

55 مشاركًا وأكثر من 100 لوحة فنية تجمعها خيمة الفنون

GMT 07:54 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

إقبال لافت على مشاهدة عروض المهرجان المصري للمسرح

GMT 07:04 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

لوس انجلوس تستعد لاستقبال أوسكار 2016

GMT 12:32 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"شانيل" تطرح بإبداع تشكيلة مجوهرات "سولاسين دي ليون"

GMT 19:13 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

سيف بن زايد يعزي سعيد سلطان بن حرمل في وفاة والده

GMT 11:54 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيفانكا ترامب تتألق بإطلالة مبهرة في عيد ميلاد زوجها

GMT 17:58 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الدوائر الحكومية في دبي تُسعد موظفيها بالسرعة القصوى

GMT 06:26 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

هيئة الكتاب تصدر "القوى السياسية بعد 30 يونيو" لفريد زهران

GMT 17:24 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"كواليس الكوابيس" قصة جديدة لمحمد غنيم

GMT 15:14 2013 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

القطط من أجل راحة الزبائن في مقهى فرنسي في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates