في طقوس الفَقد والغياب

في طقوس الفَقد والغياب

في طقوس الفَقد والغياب

 صوت الإمارات -

في طقوس الفَقد والغياب

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

- حين يرحل صديق، تشعر أن بعضاً من أضلعك تهشم فجأة أو أن ظهرك قد كُشف على أعدائك المتربصين بالأذى، وحين تستشعر فقده المتماهي مثل سراب متناه، لا تقدر أن تتنفس بملء رئتيك، وكأن عليك ثقلاً من رصاص مذاب وتراب، وكأن وطأة كائن خرافي تحط على عظام الجمجمة، وحده القلب يظل مثل طائر يرفرف يبحث عن ظل قد يمر، عن همهمات حديث دار بينكما هنا أو هناك، عن تفاصيل صغيرة تتقاسمها زوايا الأمكنة أو تخزّنها النفس عادة للحظات المِحَن والحنين، أيها الأصدقاء.. حين يغيب أحدكم ذاك الغياب نحو ظلمة الوحدة، وبرودة الزرقة، يشعر الصديق أن أركاناً فيه تزعزعت، وما عادت كيفما كانت، كأن تسند صديقاً أو تعضّد أخاً أو تكون جسراً للمارين من النبلاء والشرفاء، فجأة.. يخيم عليك أيها الصديق الصدوق شيء مثل الخواء أو تُفَرّغ من داخلك، فلا يبقى شيء من الروح إلا صفيق الريح وصدى الهواء، وحدهم الأصدقاء الجميلون من يفعلون ذلك، حين يعلنون فجأة بأن لا دفء بعد اليوم، ولا عنب يعصر في المساء، ولا أغاني يرددها كمان عاشق، ولا حتى لقاء!
- لا أقوى على حذف اسم أو رقم هاتف من فارقنا من مفكرتي أو ذاكرة هاتفي، لا أقدر أن أعلن الإقصاء، ولا أحب أن أبدأ بالإلغاء، ربما خوفاً من عطب الذاكرة بفعل تراكم الأيام والأحداث أو ربما أن ذلك الحيز كان له، وسيظل له، ربما أن للأسماء ثقلها، ولأرقامهم روائحها، ربما هو النداء الذي نخبئه لنسترجعه، ويرجعنا، ربما هو عناد للضياع، ومقاومة للفقد، ربما أني لا أحب النقصان، ولا المحو، ولا النسيان!
- الصديق الذي غاب وهو يضمر الحب والقُبل وكثيراً من الشِعر، والذي غاب دون أن يودعنا كما ينبغي للأصدقاء من حضن، وكما يليق بمدنه التي أحب، واستبكى دارسها، وبكى، وبما يجدر بمشاريعه التي في طور ما أنجز، ولم ينجز، الصديق حبيب الصايغ.. الفقيد الراحل بكل عبء القصيدة، ونورانية الحروف، وألق السطور، وضجيج القوافي، لم نرد الوداع، ولم نرجو الفقد، على الأقل لم نرد تلك العجلة في الأمر، كان يمكن أن نقول شيئاً أو نستوصيك، كان يمكن أن نستلهم معاً قافية غير قافية الباء، في طقوس الفقد والمغيب.. في وداع الشاعر حبيب!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في طقوس الفَقد والغياب في طقوس الفَقد والغياب



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 17:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 15:42 2017 الأحد ,29 كانون الثاني / يناير

"كارولينا" تحبس كل من يخلف في وعده بالزواج

GMT 01:31 2018 الأربعاء ,18 تموز / يوليو

أحمد شوبير ينتقل إلى أون سبورت

GMT 17:34 2015 السبت ,24 كانون الثاني / يناير

55 مشاركًا وأكثر من 100 لوحة فنية تجمعها خيمة الفنون

GMT 07:54 2015 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

إقبال لافت على مشاهدة عروض المهرجان المصري للمسرح

GMT 07:04 2016 الجمعة ,26 شباط / فبراير

لوس انجلوس تستعد لاستقبال أوسكار 2016

GMT 12:32 2015 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

"شانيل" تطرح بإبداع تشكيلة مجوهرات "سولاسين دي ليون"

GMT 19:13 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

سيف بن زايد يعزي سعيد سلطان بن حرمل في وفاة والده

GMT 11:54 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

إيفانكا ترامب تتألق بإطلالة مبهرة في عيد ميلاد زوجها

GMT 17:58 2017 السبت ,30 كانون الأول / ديسمبر

الدوائر الحكومية في دبي تُسعد موظفيها بالسرعة القصوى

GMT 06:26 2015 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

هيئة الكتاب تصدر "القوى السياسية بعد 30 يونيو" لفريد زهران

GMT 17:24 2013 الجمعة ,18 تشرين الأول / أكتوبر

"كواليس الكوابيس" قصة جديدة لمحمد غنيم

GMT 15:14 2013 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

القطط من أجل راحة الزبائن في مقهى فرنسي في باريس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates