سيغادرنا ويترك ابتسامته

سيغادرنا ويترك ابتسامته

سيغادرنا ويترك ابتسامته

 صوت الإمارات -

سيغادرنا ويترك ابتسامته

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

لم يكن يدري «الناصري كونهي محيي الدين كوتي»، وهذا اسمه كما هو في جواز سفره الذي كان يسكن حقيبة يد صغيرة حين جاء مبحراً على ظهر سفينة انطلقت من الساحل المليباري نحو دبي، ويسحب حقيبة سفر لم تكن بذلك الحجم الذي اعتاد عليه المسافرون عادة، وبعد خمسة أيام من الإبحار، وصل الإمارات، في يوم 24 يوليو 1977، كانت أحلامه بسيطة مثله، غير أن أهمها أن يعيل عائلته، ويربي أولاده، ويعلمهم، لذا كانت كل المهن مقترحة من أجل ذلك الهدف العائلي النبيل، لا أحد يستطيع أن يقول، إن «محيي الدين» - وهذا سيكون اسمه فقط، وكافياً ليناديه به الناس، ويعرفونه- لم يتعب في حياته في بداياتها، ولا أحد يجزم كم هو صبر، وغالب دمعه، حين تعنّ على ذاكرته أصوات أولاده وزوجته ووالديه، غير أنه سيظل يتذكر ذلك الممتد الأزرق بحراً وسماء، وكيف قطعه بالصبر والحلم وبالأمنيات ليبقي فرح عائلته دائماً يضيء في البيت، ولكي لا يحتاجوا لبيع متر أرض أو شيء من ذهب من مدخرات الأم، كان يستقوي بذلك الدمع؛ لأن هناك بشارة تصله في البداية عبر رسائل البريد المتكاسل، وبعدها عبر هاتف البدالة في مركز الاتصالات غير الواضح، ثم من خلال الهواتف العمومية التي تحرس ناصية الشارع التي تستجدي كل فكة نقوده، حتى غداً اليوم يتواصل مع أهله بالوسائط الرقمية الجديدة.
«محيي الدين» لمن لا يعرفه استقر به المقام بعد سنوات قليلة من الركض والحفاء وتجربة الجوع والصبر المُر في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ليعمل كل شيء في الاتحاد، فرّاشاً، وسكرتيراً، وأمين مكتبة، ومتابع الصحف والمجلات مصنفاً ما تكتب عن الاتحاد وفعالياته ونشاط أعضائه، وبائع كتب في معارض الكتب، وصديق الجميع، وكثيراً ما يردّ على المكالمات الواردة، حتى أصبح مع السنوات ذاكرة الاتحاد، وأيقونته، وأول ما نسأل حين نصل المقر الرئيس للاتحاد في الشارقة: «وين محيي الدين»؟ لا أتذكر طوال عمر الاتحاد سبع وثلاثين سنة أنه غاب يوماً، خاصة في تواريخه المهمة؛ لذا كان لشاي «محيي الدين» وقهوته طعم مختلف، سره في يده، ما يميزه تلك الابتسامة التي لم تفارقه، فهو يستقبل بها الناس ويودعهم بها، قد لا تختفي تلك الابتسامة الفرحة، إلا حين يكون لوحده، ويكون سيد نفسه، حينها قد يسجل شيئاً من ذكرياته عن ذاكرة المكان والناس، وتقلب الحياة، فصدره كان مخزناً عتيقاً لما رأى وأبصر وتأمل وتفكر، ولا ندري فربما عند «محيي الدين» موهبة الكتابة القصصية والروائية، فمعاشرة الناس أربعين يوماً تجعلك منهم، فكيف إن قاربت الأربعة والأربعين عاماً.
«محيي الدين» كان يعرف أعضاء الاتحاد والصحفيين والمترددين بالاسم، وما زال يترحم على أعضاء الاتحاد الذين غادروا الحياة بحزن، خاصة «ناصر جبران»، و«حبيب الصايغ»، و«أحمد راشد ثاني»، و«مريم جمعة فرج»، و«جمعة الفيروز»، و«سلطان العويس»، و«ثاني السويدي»، وغيرهم، «محيي الدين» التقى بمفكرين وكتّاب وفنانين وشعراء عرب وأجانب، ويحتفظ بصور معهم، مثل: «الجواهري»، و«أدونيس»، والكثير.. الكثير غيرهم، كلهم سيكونون زوادته لذكريات لا يحبها أن تغيب.
طوال الأربعة والأربعين عاماً، كان كل رئيس لاتحاد الكتّاب والأدباء جديد يسمع من ضمن وصايا الرئيس القديم: «لا تفرّط بمحيي الدين، ولا تقلل من مقداره».
اليوم.. «محيي الدين»، وبعد كل تلك السنوات الطويلة الممتدة، قرر أن يتقاعد، وقرر أن يعود إلى قريته التي أصبحت مدينة، ولا يعرفها قدر الشارقة، وقرر العودة للحياة الجميلة مع زوجته التي كبرت قليلاً بعيداً عنه، وإلى أولاده الذين علمهم، وكبروا بعيداً عن عينيه، اليوم قرر «محيي الدين» أن يغادرنا.. ويترك ابتسامته!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سيغادرنا ويترك ابتسامته سيغادرنا ويترك ابتسامته



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:15 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"البوطينة" العملاق أسرع حاسوب في الإمارات

GMT 13:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق ميزة Fast Pair للربط بين أجهزة أندرويد المختلفة

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 17:52 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

تجهيزات فريدة لقاعات الأفراح تخطف الأنظار

GMT 10:21 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الجنوبية تفوز في أولمبياد علم الفلك الدولية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates