«دكان ماو»

«دكان ماو»

«دكان ماو»

 صوت الإمارات -

«دكان ماو»

ناصر الظاهري
بقلم - ناصر الظاهري

ربما استقر ذلك الشخص في ذلك المكان القريب من سوق العين القديم الذي بدأ بدكان ودكانين من العرش والجريد في نهاية واحة النخيل، ثم عمروه من اللِبْن والطابوق المدري، بأبواب خشبية في أواخر الخمسينيات أو بداية الستينيات، ذلك الدكان الطيني، والذي لم يكن يحمل لوحة أو لافتة تدل عليه، لأنه لم يكن يحتاج لذلك الأمر، لتفرده، ولأن القادم يمكن له رؤيته من بعيد، فالسوق الجديد، والذي سيُصبِح مع الأيام يُعرف بالسوق القديم أو «الجَبّرَه»، استقر ذلك الدكان، والذي كان صاحبه يبيع فيه كل شيء، عرفه الناس يومها بدكان «ماو»، كان غير بعيد عنه دكان الحداد «بن قاصور»، ودكان «عبدالرحمن» ذلك الشخص الذي أتى من الشارقة، واستقر في العين، وعمل في تصليح «الجوَل» أو «وابور الكاز»، و«الراديوهات» ويُصَفّر الصِفْر أو النحاس، أو يبيض القدور النحاسية.
«دكان ماو» أصبح الناس يضربون به المثل، واشتهر بينهم، وأصبح علامة تدل الغريب على المدينة لمركزها، وضجيج ناسها وأعمالها، فإذا سأل إنسان عن حاجة يريدها، ولا يجدها في السوق، يقول له الناس: «ليش ما رحت دكان ماو»؟ وحتى إذا لم يجدها، يقول له صاحب الدكان الذي غاب عني اسمه الأول، مثلما غاب عن الجميع، وأصبح الدكان أشهر من صاحبه: «مُرّ عليّ بعد أسبوع أو تعال عندي عقب شهر بعد ما أروح، وأرجع من دبي».
ظل «الشواب» والرجال يقصدون «دكان ماو» الذي لا يعرف الكثير منهم معنى «ماو»، فاعتقد الكثيرون أنه اسمه أو لقبه، في حين أن الحقيقة كلمة «ماو» فارسية تعني الصِفْر أو النحاس، أو حاجيات «المواعين» وأدوات الطبخ، أو ربما هو الخام من كل تلك الأشياء، ومن ضمن أمثال الناس التي يسوقونها، كان حظ «دكان ماو» له الكثير، منها المثل الجميل والمثل المخالف، فإذا دخلوا إلى مكان، ورأوا كل شيء متراكماً على بعضه بعضاً، وفيه فوضى لا يعرف ترتيبها إلا صاحبها، قال الناس: «شو هذا.. تقول دكان ماو»!
كبرت المدينة، وتقاطر عليها الناس، وصارت العين أكبر ثم أكبر، وحده «دكان ماو» ظل على حاله، وظل صاحبه الذي غاب عني اسمه، مثلما غاب عن الكثيرين، يهرم فيه وحده، يتراءى لي الآن كشخص طويل يميل للنحافة، ويميل لسمرة الشمس الضاربة، أخذت الدنيا الناس، وحدثت تلك الهزات التي رَجّت المدينة، وربط الأسفلت تلك الطرق الرملية والمنحدرات الطينية، وصار الجديد يجرف القديم دون أي اعتذار، وصار الكثير من رجال السوق ينزوون في أركان بيوتهم الجديدة، وصار الأبناء الذين كبروا بسرعة يخجلون من مهن آبائهم الذين كانوا ينحتون الحجر، ويتعاركون مع الأيام لتأمين لقمة العيش، ويكرمون أنفسهم عن مدّ اليد أو التسول بالمدح، يومها كان الرجال رجالاً، ومن لا «يروح صنان باطه» لايعد رجلاً حقيقياً، ولا من الرجال الذين يعتزون عند كل نائبة أو حادثة.
«دكان ماو» غاب مثل أشياء كثيرة غابت عن العين، ومن العين، وما زالت تبكيها العين، لأنها كانت نظر العين!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«دكان ماو» «دكان ماو»



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 18:15 2013 الأربعاء ,06 شباط / فبراير

"البوطينة" العملاق أسرع حاسوب في الإمارات

GMT 13:50 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

غوغل تطلق ميزة Fast Pair للربط بين أجهزة أندرويد المختلفة

GMT 19:57 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 17:52 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

تجهيزات فريدة لقاعات الأفراح تخطف الأنظار

GMT 10:21 2014 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

كوريا الجنوبية تفوز في أولمبياد علم الفلك الدولية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates