ذاك الذي لم يعد موجوداً

ذاك الذي لم يعد موجوداً!

ذاك الذي لم يعد موجوداً!

 صوت الإمارات -

ذاك الذي لم يعد موجوداً

عائشة سلطان
بقلم - عائشة سلطان

في تلك المقاطع المصورة، التي يسجل فيها بعض هواة السفر تنقلاتهم وأسفارهم عبر المدن والقرى والبلدات الأوروبية، التي أصبح التنقل فيها متاحاً للمواطنين الأوروبيين، يبدو كل شيء معهوداً ومعروفاً للذين خبروا السفر إلى تلك المناطق زمناً طويلاً، لم يعكر صفوه أو يوقفه سوى ما نمر به حالياً، إثر انتشار «كورونا» في كل مكان، لكن شيئاً ما نكاد نلمسه بأيدينا، ونلتقطه بأرواحنا، يظهر جلياً في الشوارع، وعلى مقاعد المقاهي وضفاف الأنهار والبحيرات والأرصفة، شيء راكد، ثقيل ويدفع للأسى!

فحين نتحدث عن السفر، نستحضر روح الأمكنة، نبض المدن، اللغات المختلطة في الشوارع، الضجيج والهسهسات والهمهمات، وأحياناً الصراخ والأحاديث الغاضبة والمحتدة، التي تملأ فضاءات مقاهي الأرصفة، ومحطات القطارات، وأمام واجهات المحال والمراكز التجارية، نستحضر وقع الأحذية على حجارة الأرصفة، وأضواء السيارات التي تعبر الشوارع مسرعة دون توقف، وجماعات السياح تتنقل في كل مكان، كل يسعى إلى مكان يبحث عنه، بينما تومض الهواتف وهي تلتقط الصور.

في المقاطع التي يبثها قلة من المسافرين الصامدين في عالم التنقل، لا شيء من كل ذلك، لا شيء سوى الصمت يقرع أبواب المكان، يتنقل بحريته بين المطاعم والمقاهي، وعلى الأرصفة، كل شيء يبدو هادئاً بما لا يطاق، ساكناً بما لا يُحتمل، ومثيراً للشفقة، تلك المدن التي لطالما تمنعت على زوارها، وبالغت في غلائها وامتلاء فنادقها، وزحام أمكنتها، صارت رفيقة الصمت والرياح، وأقدام قليلة تقرع بأحذيتها هنا وهناك.

ذاك مشهد يثير في القلب ما يثير، دافعاً لأسئلة أكثر شَجَناً، متى يصبح كل ذلك مجرد ذكرى، كأوراق جافة، سرعان ما تتساقط من ذاكرة الإنسانية؟ متى يعود للمدن صوت الإنسان، ضجيجه، عبثه، ومرحه، فرحه، ورغباته ومسراته؟ لعل ذلك يكون قريباً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذاك الذي لم يعد موجوداً ذاك الذي لم يعد موجوداً



GMT 00:45 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

«حماس» وإيران وثمار حرب غزّة!

GMT 00:44 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

ما بعد التعويم ؟!

GMT 00:42 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

مستعربون عاربون وعاربات مستعربات

GMT 00:41 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

بوتين... تفويض باستكمال الطوفان

GMT 00:38 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

المتنبّي في الجوف السعودية!

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 00:00 1970 الخميس ,01 كانون الثاني / يناير

 صوت الإمارات -

GMT 11:47 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

كن قوي العزيمة ولا تضعف أمام المغريات

GMT 18:20 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة مؤلف كتب "حصن المسلم" عن عمر يناهز 67 عامًا

GMT 07:14 2013 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

كيري يعود إلى الشرق الأوسط لدفع محادثات السلام

GMT 21:18 2017 الأربعاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

عائلة تركية تتجول بين 26 دولة حول العالم بالدراجة الهوائية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates