أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات المنطقة الآمنة

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات "المنطقة الآمنة"

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات "المنطقة الآمنة"

 صوت الإمارات -

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات المنطقة الآمنة

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة جملة من المؤشرات التي “تتلبد” في أفق الجبهة الجنوبية وتدعو للاعتقاد بأنها ستنتقل من مرحلة المناوشات المتنقلة إلى مرحلة المواجهات الكبرى، وربما الحسم مع التنظيمات الإرهابية، بكل مسمياتها، داعش والنصرة وبينهما جيش خالد بن الوليد المبايع للخليفة البغدادي ... الأنباء من معبر “التنف” الحدودي بين سوريا والعراق، ليست سوى أول القطر الذي سرعان ما سينهمر.

إقليمياً، يحتل الأردن موقع اللاعب الرئيس على هذه الجبهة، أقله من درعا حتى الحدود العراقية، وعلى هذه البقعة، تنتشر فصائل مسلحة محسوبة على الأردن، وله على بعضها “دالّة” مكنته من إقناعها بالمشاركة في مساري استانا وجنيف ... لكن كلما اتجهنا غرباً، يزداد تأثير لاعب إقليمي آخر، إسرائيل، التي تحظى بدورها بعلاقات عمل وتشغيل مع فصائل مسلحة أخرى، ومن بينها جبهة النصرة، التي ترى فيها تل أبيب، عدواً لعدوها الألد: حزب الله، وتتعامل معها وفقاً لنظرية “الأعدقاء” لخيري منصور، و”الأعدقاء” منزلة بين منزلتي العداء والصداقة.

وغير بعيد عن هذه المنطقة، تحتفظ طهران بوحدات من الحرس الثوري وحزب الله، قدر الملك عبد الله الثاني في مقابلته مع الواشنطن بوست، أنها ترابط على مبعدة 70 كيلومتراً من الحدود، وقال إنها تثير قلق الأردن وإسرائيل، وأن تفاهمات مع الجانب الروسي قد تم التوصل بهدف احتواء الموقف ومنع الانزلاق إلى خيارات غير مرغوبة، فهل هذه التفاهمات ما زالت سارية في ظل احتدام لغة المواجهة بين موسكو وواشنطن، وانقلاب قواعد اللعبة في سوريا؟

أكثر ما يقلق الأردن، أن مرحلة ما بعد الموصل – تلعفر عراقياً، وما بعد الرقة – دير الزور سورياً، سوف تحمل داعش على الانزياح جنوباً، فتصبح البادية السورية – العراقية – الأردنية، وصولاً للبادية السعودية، مسرحاً لفلول داعش، تتجمع في وديانه وشعابه وكهوفه، وتتخذ منها منطلقاً لاستهداف الدول المذكورة ... وربما تكون لدى التنظيم الإرهابي، أفكار وأحلام، تتعلق باختراق الحدود الأردنية، سيما بعد موجة التهديدات الداعشية الأخيرة الموجهة للأردن، ومع تفاقم حالة اليأس التي تحيط بالتنظيم، بعد خسارته معظم الأرض التي كان يقف عليها.

ولا شك أن زيارة الملك لواشنطن، ولقاءاته مع دونالد ترامب، وبالأخص مع وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس (الكلب المسعور)، ومن قبلها لقاءاته في عمان مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قد بحثت في سيناريوهات “المسألة الجنوبية”، فالدولتان الحليفتان للأردن، تُعَدّانا إلى جانب موسكو، من أهم اللاعبين الدوليين على الجبهة الجنوبية، وربما يصح القول إن بريطانيا التي لا تحتفظ بأي دور مهم في ميدانيات الأزمة السورية، تحتفظ بدور أكثر أهمية على هذا المحور/الجبهة.
وبعد جريمة خان شيخون والضربة الصاروخية الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية، زاد الاهتمام بفكرة المناطق الآمنة، واشتد الميل لترجمة هذا المشروع بطرق جبرية إن اقتضى الأمر، بعد أن كدنا نقترب قبل الجريمة والضربة، من فكرة “المناطق الآمنة التوافقية” والوساطة الروسية في رعايتها وترجمتها، وما قد تحتمله من فكرة المصالحات الوطنية، وتنسيق عمل عسكري بين المعارضات المسلحة والجيش السوري في مواجهة داعش، وإن من خندقين مختلفين، وليس من الخندق ذاته بالضرورة... اليوم، في مناخات التصعيد الدولي، تعود المناطق الامنة لتكتسب بعداً صدامياً، وليس توافقياً بأي حال من الأحوال، أقله في المدى المرئي والمنظور، فكل شيء في سوريا أو حولها، يتغير ويتبدل بين عشية وضحاها.

قد تنجح عملية منسقة في إطار التحالف الدولي، في تحقيق اختراق على الجبهة الجنوبية، وقد يجري دفع داعش للوراء أو حتى انهاء وجودها من البادية الشرقية، وربما تتطور العمليات في حوض اليرموك بما يمكن من القضاء على جيش خالد بن الوليد وجبهة النصرة ... لكن ذلك لا يمنع فيضاً من الأسئلة والتساؤلات من التدفق، وهي من النوع الذي يتعين التفكير به ملياً، وتبدأ بسؤال: ماذا عن الدور الروسي واحتمالات الصدام مع موسكو وحلفائها؟ ... ومن يملأ فراغ داعش والجماعات الإرهابية في هذه المناطق؟ مروراً بأسئلة من نوع، من سيحمي هذه المناطق، وكيف وبأي قوات، وما حدود تدخل الأردن العسكرية، هل يقتصر الأمر على الإسناد المدفعي والجوي والعمليات الخاصة، أم أنه سيجد نفسه مرغماً على التورط في الرمال السورية؟ ... وماذا إن دخلت هذه المنطقة، والقوى المولجة حفظ الأمن فيها، في معارك استنزاف مع الجيش السوري وحلفائه، هل يمكن أن نتخيل سيناريو اشتباك بين الجيشين الأردني والسوري، ولو بحدود تكتيكية ضيقة؟ ... ماذا إن أطلقت الجماعات المحسوبة على النظام، ومن بينها حزب الله، معارك استنزاف على طريقة حرب العصابات، ضد القوى المسيطرة على هذه المنطقة؟
ثم، تتدحرج الأسئلة وتتناسل، وماذا عن الحدود الأردنية المغلقة مع سوريا، والتي كان الأردن يأمل بفتحها في غضون أشهر، وربما مع مقدم الصيف المقبل أو في مختتمه، هل هناك أمل في فتح هذه الحدود إن ذهبت التطورات في هذا الاتجاه؟ ... وهل يمكن الاكتفاء بفتح الحدود مع “المنطقة الآمنة” التي كانت اسمها قبل الجريمة والضربة “مناطق مستقرة مؤقتة”، وهل يتوقعن أحد أن يقبل النظام من جهته بفتح حدوده مع هذه المنطقة التي لا وجود له فيها على الإطلاق؟ ... وما القيمة الاقتصادية والتجارية لحدود مفتوحة مع شريط حدودي ضيق، بل وما قيمة هذا الشريط بالنسبة للأزمة اللاجئين التي تعد واحدة من الأولويات الضاغطة على الأردن، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً؟

ولا يتوقف طوفان الأسئلة عند هذا الحد، إذ يقفز إلى الأذهان سؤال عن صلة المنطقة الآمنة التي يتطلع لها الأردن بالمنطقة الآمنة التي تخطط لها إسرائيل، وقد بحثتها في مرات عديدة سابقة، ولم تأخذ بشأنها قراراً نهائياً بعد ... هل سنكون أمام منطقة واحدة أم أمام منطقتين منفصلتين، وكيف يمكن الفصل بينهما إن كانت القوى المحلية التي ستتولى إدارتها وحفظ أمنها هي ذاتها تقريباً، أو ربما من القماشة نفسها، وأيّ تداعيات قد تترتب على أمن الأردن واستقراره، إن جرى التفكير بمنطقة واحدة، أو فتحت المنطقتان إحداهما على الأخرى؟

الصورة تبدو شديدة التعقيد، حتى بفرض أن كل هذه الخيارات ستتحقق بأقل قدر من الخسائر الأردنية، ماذا إذا اتسع نطاق المواجهة ليصبح شمال الأردن، أو بعضه على الأقل، ساحة من ساحات القتال والمواجهة، تماماً مثلما هي الحال على جبهة الحدود اليمنية – السعودية؟

في ضوء هذه المعطيات جميعها، لا بد من العودة للتفكير بالخيارات السياسية، ومن ضمنها إدماج روسيا في أي مسعى على الجبهة الجنوبية، وعندما نقول روسيا، فإننا نقصد المحور بأكمله، عبر البوابة الروسية، تماماً مثلما كانت عليه الحال والتوجه قبل الجريمة والضربة، وبخلاف ذلك، لا يمكن التأكد من عواقب وتداعيات أي سيناريو من السيناريوهات، على الأردن على نحو خاص، الذي يقترب للمرة الأولى منذ ست سنوات إلى هذا الحد، من ساحة الاشتباك والمعارك، بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس بالمعنى المجازي فحسب.

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات المنطقة الآمنة أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات المنطقة الآمنة



GMT 20:24 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

بعد العاصفة، ما العمل؟

GMT 19:29 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل و"حرب السفن"

GMT 19:28 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

حتى لا تصرفنا أزمات الداخل عن رؤية تحديات الخارج

GMT 20:21 2021 الأربعاء ,07 إبريل / نيسان

مدرستان في التفكير الإسرائيلي حيال الأردن

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة

بيروت ـ صوت الإمارات
النجمة اللبنانية نانسي عجرم دائمًا ما تطل علينا بإطلالات جذابة تجعلها حديث الجمهور، خاصة وأنها تعتمد على الظهور بأزياء أنيقة يكون غالبًا شعارها البساطة التي تلائم هدوء ملامحها، ومؤخرًا خطفت نانسي عجرم الأنظار بإطلالة جذابة أيضًا جعلتها محط أنظار محبيها اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وهي الصيحة التي سبق وقد ظهرت بها من قبل في أكثر من مرة، فدعونا نأخذكم في جولة على أجمل إطلالاتها بهذه الصيحة التي نسقتها بطرق متعددة. تفاصيل أحدث إطلالات نانسي عجرم بصيحة الشورت نانسي عجرم خطفت أنظارنا في أحدث ظهور لها بإطلالة اعتمدت فيها على صيحة الشورت، وتميزت بكونها ذات طابع يجمع بين العملية والكلاسيكية، حيث ظهرت مرتدية شورت جلدي مريح باللون الأسود وبخصر مرتفع. فيما نسقت مع تلك الإطلالة توب باللون الأبيض بتصميم مجسم مع فتحة صدر مستديرة، ونس...المزيد

GMT 18:36 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 13:17 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك ظروف جيدة خلال هذا الشهر

GMT 18:37 2020 السبت ,31 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل السبت 31 تشرين أول / أكتوبر 2020

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 08:24 2021 الإثنين ,12 إبريل / نيسان

لست ورقة بيضاء

GMT 19:17 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 05:49 2019 السبت ,05 تشرين الأول / أكتوبر

6.6 مليارات درهم تصرفات عقارات دبي في أسبوع

GMT 03:04 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

أصابع الجمبرى بالأرز والبقدونس

GMT 03:23 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

زلزال بقوة 5.5 درجة يهز جنوب غربي إندونيسيا

GMT 07:17 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

الخاتم قطعة مجوهرات لا غنى عنها

GMT 22:43 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

البشير يُشكّل لجنة لتقصي حقائق ما تمر به السودان من أزمات

GMT 15:30 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

الكشف عن تفاصيل حادث حريق أبوظبي

GMT 07:08 2018 السبت ,08 أيلول / سبتمبر

ضعف المبيعات يدفع "سامسونغ" إلى تعجيل إطلاق Note9

GMT 17:04 2018 الأربعاء ,14 شباط / فبراير

أصالة تعلن أن حبها لطارق العريان لا تكفيه السطور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates