الدكتور حسان حلاق يبوح بسرّ تراجع العادات اللبنانية الرمضانية
آخر تحديث 22:28:40 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

أوضح لـ"صوت الإمارات" اختلاف المأكل والمشرب والسلوك

الدكتور حسان حلاق يبوح بسرّ تراجع العادات اللبنانية الرمضانية

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - الدكتور حسان حلاق يبوح بسرّ تراجع العادات اللبنانية الرمضانية

الدكتور حسان حلاق
بيروت _ غنوة دريان

أصبح الطابع الرمضاني الذي كان يهيمن على بيروت قبل عقود، شيئًا من السراب، بحيث بدأت تتبدل العادات لدرجة اندثارها، إذ لم تعد تطغي على أجواء بيروت كما السابق، وبالتالي فإن ما بقي من بعض تلك العادات هو في طريقه إلى الزوال أيضًا.

ويحاول أهالي بيروت قبل بدء موسم الصوم استرجاع عادات رمضان القديمة، حيث يجتمع أفراد العائلة في آخر يوم عطلة قبل رمضان، ليحتفلوا بـ "سيبانة" رمضان، فيذهبون إلى البساتين مزودين بلحوم الشواء ومعداته والنراجيل والفحم ومنهم من يذهب إلى المطاعم، ليقوموا في اليوم التالي ويستقبلوا أول أيام رمضان المبارك،  وعلى الرغم من تلك المحاولات، إلا أنّ كل شيء تغيّر فأصبحت العائلات تكتفي بتمضية السهرات الرمضانية، كل في منزله حيث تفضّل مشاهدة البرامج التلفزيونية المنوّعة التي تعرض على الشاشات في هذا الشهر، ولا سيما أن الأعباء وظروف الحياة الضاغطة تبدّلت ولمْ يعد بإمكان هذا المواطن أن يحتفل بهذا الشهر الفضيل كما يريد نظرًا للوضع المعيشي المتردي.

ويحنُّ عدد لا يستهان به من أهل بيروت إلى الماضي ويشتاق إلى تلك الذكريات التي يطلق عليها "أيام الخير"، فيستاء من الظروف الاجتماعية التي باتت تحول دون زيارة الأخ لأخيه، إضافة إلى الظروف الاقتصادية التي أصبحت تحتم على العائلة الواحدة إتباع ميزانية خاصة لهذا الشهر نظرًا لارتفاع أسعار السلع دون حسيب أو رقيب

ويشتاق أهل بيروت واللبنانيون عمومًا لـ رمضان "أيام زمان"، ولتسليط الضوء على العادات والتقاليد الرمضانية التي يفتقدها اللبنانيون، يشر المؤرخ والأستاذ الجامعي الدكتور حسان حلاق الصورة الرمضانية في لبنان بين الأمس واليوم، وفي هذا الإطار يشير إلى أنّ "العادات اللبنانية القديمة كانت لها سمات وخصائص تعود بجذورها إلى العادات والتقاليد العربية والإسلامية إلاْ أن رمضان هذه الأيام فقد وهجه ورونقه اللذين كان يتسم بهما في القدم فالأجواء الرمضانية نفسها بين العادات الاجتماعية والشعائر الدينية وحتى الحلويات الرمضانية التي كانت علامة رمضانية فارقة، لا بد من أن ترافق هذا الشهر الفضيل ولكنها اليوم اندثرت ولمْ يعد لها وجود".

ويصف د. حلاق الأسواق قبيل شهر رمضان في ذلك الزمن بالحركة التي لا تهدأ، لافتًا إلى أنه "كانت تزدهر وتنتعش ابتداءً من نصف شهر شعبان وتزداد ازدهارًا قبيل أيام قليلة من رمضان المبارك، ولكن إضافة إلى الأسواق العادية الموجودة طوال أشهر السنة في لبنان كأسواق اللحوم والأسماك والخضار، كان لأسواق الحلويات والمشروبات الرمضانية دور في اكتمال الطقوس الرمضانية الغذائية مثل سوق القطايف الذي كان البائعون فيه متخصصين في صناعة القطايف من دون أن تغيب عن كل المناطق الأخرى محلات السوس والجلاب والمشروبات الرمضانية، وكانت هذه الأسواق تشكل محطة يومية للعشاء اللبناني خلال النهار وهم يتسوقون لهذا الشهر الفضيل".

ويؤكد الدكتور حلاق: "لمساء الـ29 من شعبان خصائصه وتحضيراته، إذ كان اللبنانيون يقومون بالسنة النبوية في ما يتعلق بالتماس هلال رمضان، وذلك بعد أن يتجمعوا ويذهبوا لتمضية السهرة على شاطئ البحر لرؤية الهلال بأم العين، ليقوم عدد من الرجال، بعد التماس الهلال، بالتوجه إلى دار الفتوى أو المحكمة الشرعية ليشهدوا أمام المفتي والقضاة الشرعيين شرط أن يكون الشهود من المؤمنين وذوي السيرة الحسنة، وحتى تثبت شهادتهم يعلن المفتي أن اليوم التالي هو أول أيام الصيام، أما في هذه الأيام، فقد تطورت التكنولوجيا ولمْ يعد الناس بحاجة إلى مراقبة القمر وتحوّل هذا الطقس الذي كان يسمى استبانة رمضان إلى السيبانة اللبنانية مع ما يرافقها من تبدلات، إذ أصبحت الاستبانة عبارة عن نزهة تقوم بها العائلة أو الأصدقاء، أما في اليوم الذي يسبق بداية الشهر الفضيل أو في آخر أحد من شهر شعبان، يحرص هؤلاء على تمضية اليوم في التنزه والترفيه وتناول الغداء في المطاعم"

 ويوضح د. حلاق أنه "فور إعلان بدء الشهر الفضيل تملأ الفرق الدينية الشوارع من خلال مسيرات مزينة بالبيارق وهي تنشد الأناشيد الدينية والأهازيج الرمضانية، وأذكر أن هذه المسيرات ظلت تنفذ مهمتها لغاية خمسينات القرن الماضي، أما اليوم وبعد غياب هذه الظاهرة لعشرات السنوات نرى دار الأيتام الإسلامية تحاول إعادة إحيائها وبطريقة عصرية، حيث نرى الأطفال الآيتام يجولون في مواكب سيارة بأزياء تلائم الشهر الفضيل على وقع الأناشيد الدينية".

ويقول الدكتور حلاق: "من خصائص رمضان اجتماع العائلة حيث كانت لهذه الميزة في ذكريات اللبنانيين حصة ما يزال كبار السن يتذكرونها بحنين، ولا سيما آنها كانت خير لقاء إذ أنها تجمع العائلة الكبيرة والصغيرة فكانت العائلات تحرص على تبادل الزيارات وإحياء السهرات الجماعية يوميًا من دون أن يغفلوا عن الشعائر الدينية التي باتت اليوم مقتصرة على فئات محددة بعدما أهملها الآخرون، ولا سيما إقامة صلاة التراويح في المساجد بعد صلاة المغرب، كذلك كان ينتشر ما يعرف بالزوايا التي كان يزيد عددها عن الثلاثين في بيروت إضافة إلى تلك التي كانت منتشرة في المناطق اللبنانية الأخرى، وهذه الزوايا عبارة عن مكان يشبه المسجد ومخصص أيضًا لإقامة الصلاة والأذكار والاستماع إلى الأحاديث التي كان يلقيها شيخ الزاوية على الحاضرين. كما أن اللقاءات الاجتماعية تمتد إلى موعد السحور وصلاة الفجر ليعود بعدها الجميع إلى بيوتهم بعد أن ينهوا شعائرهم الدينية".

ويلفت الدكتور حلاق إلى أنّ المسحراتي كان ظاهرة رمضانية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بليالي شهر رمضان، حيث يكون عادة من أبناء الحي، فيبدأ قبل الفجر بإيقاظ الصائمين لتحضير الطعام قبل الإمساك، وكان يضرب بواسطة عصا على طبلة خاصة، في حين أنه كان يلبس الجلباب المعتاد أو القنباز والطربوش، ومن عادة البيروتي في شهر رمضان المبارك أن يستيقظ كالمعتاد بعد أن يصلي الفجر ويقرأ القرآن الكريم، بينما الشعوب الإسلامية الأخرى تستيقظ في شهر رمضان المبارك عند العاشرة صباحًا، ومنهم من يبقى طوال النهار نائمًا مقفلًا دكانه وبعد الإفطار يفتح محله ليلًا حتى قبيل السحور، ولكن البيروتي بما اشتهر عنه من نشاط وحب للعمل يستيقظ كالمعتاد متوجهًا إلى عمله أو مدرسته أو جامعته، وهنا لا بد من الإشارة والتأكيد إلى أن أهل بيروت لا ينسون شكر المسحراتي الذي سهر الليالي لإيقاظهم عند السحور فيقدمون له العيدية، حيث يقوم مسحراتي الحي أو الطبّال في أول أيام عيد الفطر السعيد بالتجوال بين البيوت والحارات لقبض هذه العيدية، وبذلك تعم فرحة البيارتة وجميع المناطق البيروتية ولا سيما حرج بيروت حيث تقام هناك أحلى المهرجانات والاحتفالات بهذه المناسبة"

وبشأن أبرز العادات البيروتية يشير الدكتور حلاق، إلى أنّ "المسلمين في بيروت في العهد العثماني كانوا يطلقون على أولادهم الذكور أسماء الشهور الكريمة رجب، شعبان، رمضان، محرم، ربيع لا سيما إذا ولدوا في هذه الأشهر بالإضافة إلى تسمية أولادهم باسم هلال، ومن عادة البيروتي أيضًا أنه في آواخر رمضان، يبدأ بممارسة "التوحيش" في العشر الأواخر منه، تعبيرًا عن تمسكه بهذا العشر الكريم، وعن حزنه بسبب قرب انتهائه فيبدأ الصائمون والفرق الدينية بالانتقال إلى المساجد يصلون ويبتهلون إلى الله تعالى، وينشدون الأناشيد التي تعبّر عن وحشة المسلم لرمضان المبارك، وما تزال هذه العادة مستمرة حتى اليوم في بعض العواصم والمدن والعربية".

وعن المأكولات الرمضانية يشير الدكتور حلاق إلى ما كان يسمى منذ العهد العثماني بـ "الزغلولية" وهو ما يعرف اليوم بـ الحدف أو البقلاوة التي كان ينهمك اللبنانيون في صفها من اليوم الأول لشهر الصيام "أما اليوم فأصبحت متوافرة بشكل دائم، ولمْ يعد الناس يبذلون جهدًا لصفها في المنازل، والأمر نفسه ينسحب على المعمول الذي لمْ يكن يكتمل العيد من دونه، إذ كانت تمضي السيدات اللبنانيات ليالٍ طويلة لصفها، وبعد الانتهاء من تحضيرها كان يأتي العامل ويذهب بها إلى فرن الحي ليخبزها ثم يعيدها ويأخذ أجرته إما قروشًا معدودة أو عددًا معينًا من حبات المعمول، وهنا يمكن القول أن هذه العادة في طريقها إلى التلاشي نظرًا إلى فقدان المعمول والكنافة إلى قيمتهما العيدية وأصبحتا متوفرتين أينما كان وفي أي وقت، أما الأهم فهو أن معظم اللبنانيات أرحن أنفسهن واستغنين عن صناعة المعمول والكنافة في البيت وما يرافق صناعتهما من إرهاق وتعب وفضلن إحضارهما جاهزين باستثناء قلة قليلة من كبيرات السن في بعض المدن والقرى يحرصن على القيام بهذه المهمة بأنفسهن".

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدكتور حسان حلاق يبوح بسرّ تراجع العادات اللبنانية الرمضانية الدكتور حسان حلاق يبوح بسرّ تراجع العادات اللبنانية الرمضانية



GMT 22:07 2021 الجمعة ,08 كانون الثاني / يناير

الرسام بسام كمال "موهبة سورية" تحت جسر في بيروت

GMT 15:01 2018 الجمعة ,21 كانون الأول / ديسمبر

أمين الزاوي يوضح أن الكتاب أقوى سلاح لمواجهة "الإرهاب"

GMT 15:15 2016 الجمعة ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مشروع لانشاء متحف للفن الحديث في بيروت كالمآذن

GMT 12:23 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 11:27 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 00:44 2024 الأحد ,18 شباط / فبراير

النفط يرتفع بسبب التوترات في الشرق الوسط

GMT 04:15 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

تضحية غريبة من شاب هندي لإعادة محبوبته

GMT 02:26 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

غادة عبد الرازق تكشف عن حقيقة زواجها مرة أخرى

GMT 13:23 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

وضع أول دليل لإعداد وصياغة التشريعات في دبي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شركة "تسلا" تُعلن نيتها إطلاق أول "بيك آب" كهربائية

GMT 21:25 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

راندا المهدي تحقق أنجازًا تاريخيًا في سباق "إيرون مان"

GMT 13:13 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم زبانا لسعيد ولد خليفة للمرة الاولى في فرنسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates