كشف مسؤولون بارزون في البيت الأبيض، عن أنَّ الولايات المتحدة وإيران اقتربتا من التوصل إلى اتفاق تاريخ للحد من البرنامج النووي الإيراني، ولكنهما تواجهان عقبات في اللحظة الأخيرة الخطيرة، بما في ذلك توقيت رفع عقوبات الأمم المتحدة، وكيف ستجري عمليات التفتيش.
وأكد مسؤولو البيت الأبيض، أنَّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي رأس مؤتمر لوزان في سويسرا ليلة الأحد لجولة حاسمة من المحادثات، لا يزال يشتبك مع نظيره الإيراني بسبب طلب طهران بأن ترفع جميع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة في أقرب وقت، فضلًا عن إصرار واشنطن بالسماح للمفتشين الدوليين بزيارة أي موقع نووي على وجه السرعة، حتى أولئك الموجودة في القواعد العسكرية الإيرانية.
وأوضحوا أنَّ هناك أيضا خلافات حول أبحاث إيران وتطوير أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، التي من شأنها أن تسمح لإيران بإنتاج الوقود النووي بسرعة أكبر بكثير، فضلًا عن مدة الاتفاق.
ويأمل البيت الأبيض في أن التوصل لاتفاق قد يفتح في نهاية المطاف فصلا جديدا في العلاقة التي تم تحديدها إلى حد كبير بسبب عقود من الشك المتبادل، والاتهام بالتطرف الذي ترعاه إيران، والهجمات الالكترونية الأميركية والانتقام الإيراني.
ولكن حتى إمكانية عقد الصفقة قد يفجر مواجهة سياسية غاضبة بين البيت الأبيض والجمهور الذين يقولون إنَّ الاتفاق سيفشل في إنهاء برنامج القنبلة الإيرانية علاوة على تشجيع الدول العربية لبدء جهود نووية خاصة بها.
وصرَّح وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر للكونغرس أخيرًا بأنَّ تأثير الصفقة الناشئة مع إيران سيكون "للانتقال من منع الانتشار لإدارته".
وتشمل مجالات التقارب في الصفقة المتداولة في واشنطن والعواصم الأوروبية ترتيب المعقد عملية شحن إيران كميات كبيرة من مخزونها من اليورانيوم إلى خارج البلاد، في الغالب سيكون من المؤكد أن تكون روسيا، وفي المقابل، يمكن للولايات المتحدة وشركائها السماح لإيران للحفاظ على ما يقرب من 6500 جهاز للطرد المركزي، بدلا من بضع مئات التي كانت قيد المناقشة قبل عام، إذ أنَّ عدد أجهزة الطرد المركزي، التي قد تكون غيرت في المراحل النهائية من المحادثات، تتخذ أبعادا ضخمة في النقاش العام هنا.
ويؤكد معارضو الصفقة أنَّ الاتفاق سيترك للإيرانيين طاقة إنتاجية كامنة، على الرغم من أن كميات اليورانيوم ستكون محدودة؛ لكن داخل غرف المفاوضات، لا تزال هناك مناقشات كبرى حول كيفية التخلص من عقوبات الأمم المتحدة والعقوبات الأميركية والأوروبية بعد أن التزمت إيران بالشروط.
مواجهة العقوبات تؤكد القضية التي نوقشت، ولكن سياسة إدارة أوباما المتقلبة سياسيا: ستؤثر على مدى سرعة أن ترى إيران أي فوائد الاقتصادية والتكنولوجية من أي اتفاق.
وحسب المسؤولين، تعد مسألة الإيقاف، والقرار النهائي، للعقوبات على صادرات النفط والتعاملات المالية هي القضية الرئيسية بالنسبة إلى الرئيس الإيراني حسن روحاني و المفاوض الرئيسي محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني؛ اللذين كانا يأملان بين 10 أعوام أو أكثر من تحييد النشاط النووي للملالي الإيرانيين والقادة العسكريين الذين عارضوا المفاوضات.
أما عن تشرب تفاصيل المحادثات، التي جرى استخدامها من قبل المعارضين في طهران، خصوصًا الحرس الثوري، الذي يشرف على الجانب العسكري للبرنامج النووي، وهم يجادلون بأنَّ والولايات المتحدة ستستخدم هذا الاتفاق لإحباط بروز إيران كقوة رئيسية في الشرق الأوسط.
ولكن أي رفع سريع للعقوبات، وفق المصادر، عن طريق التصويت في مجلس الأمن و تنازل الرئيس أوباما تدريجيا عن فرض عقوبات اقتصادية أميركية، يمكنه أن يكثف النقاش الشرس في الكونغرس، إذ أنَّ الكونغرس بحاجة في نهاية المطاف للتصويت رفع تلك العقوبات الأميركية، وربما بعض الجمهوريين سيرفضون فعل ذلك، وبدلًا من محاولة تشديد شروط، وربما إلى درجة أن إيران قد لم تعد تقبل منهم.
وأعرب مستشار الوزير كيري أخيرًا عن قلقه أنه حتى في حال فوزه بمشاركة نقاط التفاوض مع إيران، فإن أي اتفاق "سيكون من الصعب تمريره" في الكونغرس.
وأضاف "من حقه القلق، إنَّ فرص التوصل إلى اتفاق هي أعلى الآن من أي وقت مضى، وفرص أنها ستنهار سياسيًا هي أعلى أيضا من أي وقت مضى"
مدة الاتفاق؟
وأبرز المسؤولون الأميركيون، أنَّ مدة الاتفاق واحدة من السمات الأكثر إثارة للجدل، مؤكدين أنَّ هذه التدابير ستكون سارية المفعول لمدة 10 أعوام على الأقل وإن الاتفاق المتوقع لمدة 15 عامًا.
وأضافوا "مهما طال سيستمر، وهو الاعتراض الأساسي الذي يجب على الوزير كيري التغلب عليه هو أنه بعد انتهاء صلاحية الاتفاق، سيكون لدى إيران البنية التحتية لإنتاج المواد النووية بقدر ما تريد، تمام كاليابان أو البرازيل، بينما تعتمد إدارة أوباما على أنه بحلول ذلك الوقت على الأقل، سيكون النظام الإيراني مختلفًا وأكثر تعاونا".
ولكن للتحوط ضد المخاطر، وجعل الاتفاق أكثر قبولًا من الناحية السياسية في الداخل؛ يحاول كيري التفاوض للوصول لتدابير واسعة النطاق ستستمر حتى بعد التوصل إلى اتفاق رسمي، وتشمل تلك التدابير زيارات لمواقع عسكرية حيث يشتبه بوجود نشاط النووي، بينما رفض جنرالات إيران هذا الطلب.
ويسعى كيري إلى الحصول على نظم التفتيش بعيدة المدى للحماية من أي برنامج نووي سري، لتحقيق هدفه، الذي وصفه في وقت سابق من هذا الشهر بأنها "صفقة من شأنها أن تثبت على المدى الطويل أن كل الطريق إلى قنبلة مغلق".
مدى إلزامية الاتفاق؟
واعترف الوزير كيري في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، بما كتبه 47 جمهوريًا في رسالة إلى القيادة الإيرانية الأسبوع الماضي، بأنَّ أي "اتفاق تنفيذي" مثل هذا، تم دون تصويت في الكونغرس، لن يكون ملزما قانونا للرؤساء الأميركيين في المستقبل. بخلاف "الاتفاقات التنفيذية" الأخرى بما في ذلك الانفتاح الدبلوماسي على الصين والاتفاق الذي الخاص بتخليص سورية من الأسلحة الكيميائية..
وأوضح كيري أنَّ أي رئيس قادم ليس من المرجح أن يلغي الاتفاق، ولا سيما إذا كانت إيران قد أذعنت لشروطها، ومع ذلك، فإن طبيعة الاتفاق تثير بعض الأسئلة حول متانته.
وعلّق أحد كبار مستشاري أوباما بخصوص أسلحة الدمار الشامل والآن رئيس جماعة الدعوة غاري سامور، بأنَّ" كيري على الأرجح محق إذ أنَّ الرئيس المقبل سيحترم الاتفاق طالما تحترمه إيران، ولكن الحقيقة أن هذا الاتفاق بكونه ملزما قانونا يعطي الرئيس المقبل أو الكونغرس مزيدًا من المرونة في السعي إلى تعديله أو إلغاء الاتفاق، والشيء نفسه ينطبق على إيران".
وتابع "في الواقع، إذا ألغى الرئيس المقبل الصفقة، سيكون هناك سعر فوري سيدفع: حيث ستتجه إيران لإنتاج الوقود النووي بقدر ما يريد".
التكنولوجيا و الأبحاث
وكشف مسؤول أنَّ السبب الوحيد للولايات المتحدة وحلفائها الذي يجعلها تحجم عن رفع عقوبات الأمم المتحدة هو أنها تشمل حظرًا على السلع ذات التكنولوجيا العالية التي يمكن أن تساعد إيران سرًا في صنع سلاح، لذلك جارٍ إعداد قناة للرصد الدقيق لعملية تلقي إيران تقنيتها، مع استمرار الحظر على بعض السلع ولكن ذلك يتطلب استخبارات جيدة للغاية لتجنب الغش.
وأوضح "إنَّ الولايات المتحدة ستصر على فرض قيود طويلة الأمد على البحث والتطوير لأجهزة الطرد المركزي الإيراني"، "ولكن وكالة الطاقة الذرية الإيرانية وجيشها يعترضان، قائلين أن دولا أخرى لا تخضع لمثل هذه القيود".
و في سياق مخالف يقاوم العلماء العسكريون الإيرانيون مطالب الإجابة على جميع الأسئلة وطلبوا من التي سألتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية لأعوام طويلة بشأن احتمال البحوث وأعمال التصميم على الأسلحة النووية وكيفية تقليصها.
واستدرك " إنَّ المسألة أعمق مما إذا كنت ستجعلهم يعترفون بما فعلوه في الماضي"، مضيفًا "إنَّ التعرف على بنيتها التحتية العلمية بأكملها لذلك سيكتشفوا أي محاولة لبدء تصميم أسلحة من الآن."
أرسل تعليقك