نيويورك - سناء المرٌ
رحَّبت المملكة العربية السعودية اليوم، بقرار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إزالة اسم "التحالف من أجل استعادة الشرعية في اليمن" من قائمة الجهات المسؤولة عن العنف ضد المدنيين، موضحة أن دعوة الأمم المتحدة لإيفاد من تراه مناسباً من مسؤوليها لزيارة قيادة قوات التحالف في الرياض للإطلاع على ما لديها من استعدادات واحتياطات في هذا الشأن لا تزال قائمة.
وأكدت إيمانها بأن على الأمم المتحدة أن تمارس دوراً بحيادية وموضوعية وشفافية وألا تكتفي بالمصادر غير الموثوقة كأساس لتقاريرها أو بياناتها، وأن يكون الهدف الأساسي من هذه التقارير هو السعي إلى تحسين الظروف والأحوال التي يواجهها الأطفال في النزاعات المسلحة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها فجراليوم الأربعاء، سفير المملكة لدى الأمم المتحدة عبد الله بن يحي المعلمي أمام مجلس الأمن حول المناقشة المفتوحة بشأن البند "الأطفال في النزاع المسلح"، قال فيها : " نحتفي اليوم بمرور عشرين عاماً منذ إطلاق تقرير جراسا ماشيل حول "أثر النزاعات المسلحة على الأطفال"، وبالرغم من العمل المتواصل لضمان حماية الأطفال منذ إدراج هذا البند على أجندة مجلس الأمن، ومن الرغم تحقيق بعض الإنجازات مثل حملة "أطفال لا جنود" وغيرها من المبادرات الهامة إلا أن الأطفال لا يزالون في مقدمة ضحايا النزاعات المسلحة" .
وأضاف " إن وفد بلادي يعبر عن بالغ القلق إزاء تصاعد وتيرة الانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد الأطفال، وإننا ندين بأشد العبارات ما ورد في تقرير الأمين العام حول قيام الجماعات المسلحة من غير الدول مثل "حركة الشباب"، و "بوكو حرام"، و "داعش"، بالإضافة إلى المليشيات الطائفية مثل "حزب لله" وقوات "الحشد الشعبي" من قتل الأطفال وتشويههم وتجنيدهم واستغلالهم، واختطافهم وحرمانهم من الحرية، وتعريضهم لجرائم العنف الجنسي, كما أن تفاقم مسألة النازحين بسبب النزاع تسببت في تعريض الأطفال لانتهاكات إنسانية جسيمة كما هو الحال في سورية وجنوب السودان".
وبيّن السفير المعلمي أن وفد المملكة يؤكد على أن الحل الأمثل لتوفير الحماية الضرورية للأطفال هو توفير البيئة المناسبة للسلام المستدام، ومنع نشوب النزاعات، ووضع حداً لها، بما في ذلك إنهاء الاحتلال بجميع مظاهره ، والالتزام الكامل بالقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان, ويأتي الأطفال الفلسطينيون في مقدمة ضحايا إسرائيل التي مازالت ماضية في احتلالها العسكري، وممارساتها الإرهابية والعدوانية وحصارها الخانق، وانتهاكاتها الخطيرة ضد القانون الدولي، دون خوف من معاقبة أو محاسبة, مشيراً إلى أن إسرائيل مستمرة في استخدام القوة المفرطة ضد الأطفال، بما في ذلك الإعدامات الميدانية قتلا بالرصاص، ومستمرة باحتجاز المعتقلين الفلسطينيين من الأطفال، والتعريض بهم وتعذيبهم واستغلالهم ، ومحاكمتهم عسكرياً دون سن المسؤولية الجنائية، ومستمرة في هدم المنازل، والقيام بعمليات الإخلاء والتهجير القسري، والاعتداءات على المستشفيات والمدارس، فضلاً عما يقوم بها المستوطنون الإرهابيون من قتل وتشويه.
وقال سفير المملكة لدى الأمم المتحدة : " أن المملكة العربية السعودية تطالب مجلس الأمن مجدداً تحميل حكومة الاحتلال الإسرائيلية المسؤولية القانونية الجنائية عما ترتكبه من انتھاكات جسيمة وإلزام إسرائيل بإطلاق الأسرى والمعتقلين وخاصة الأطفال، والوقف الفوري لعمليات القتل والتشويه والخطف والاستغلال, كما ندعو إلى اتخاذ الإجراءات الفورية لإنھاء الاحتلال وفقاً لمبادرة السلام العربية التي طرحتھا المملكة العربية السعودية ومقرارات الشرعية ذات الصلة والعودة إلى حدود الرابع من يونيو 1967 ودعم قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".
وأوضح أن المملكة العربية السعودية تعرب عن قلقھا البالغ من استمرار معاناة الأطفال في سوريا، وتندد باستمرار انتھاكات القوات السورية بشكل يومي حيث تتعرض أرواح الأطفال للقتل وأجسادھم للتشويه ومدنھم للتدمير، ويستمر بل ويتزايد القصف الجوي العشوائي، وغير المتناسب، بما في ذلك عبر استخدام البراميل المتفجرة، والاستهداف المتعمد للمدارس والمستشفيات والأطقم الطبية, كما أن وفد المملكة يندد بأشد العبارات بما تقوم به قوات الباسيج الإيرانية من حملات لتجنيد الأطفال والزج بھم في القتال في سوريا، وتعزيز وجود قوات الحرس الثوري الإيراني الأجنبية في سوريا ومليشيات حزب لله الإرھابي وغيرھا من المليشيات الطائفية ومشاركتھا في العمليات الإجرامية التي تقوم بھا قوات النظام السوري ضد الأطفال والمساھمة في قتلھم وتشويھھم، بالإضافة إلى احتجاز الجھات الأمنية للأطفال وتعريضھم للتعذيب الذي يصل إلى حد الموت في بعض الحالات, كما تستمر السلطات السورية في استخدام الحصار كأسلوب من أساليب الحرب، وها هي حلب اليوم مهددة بمجزرة وبتطهير عرقي من قبل النظام السوري ومواليه.
وقال المعلمي " حلب التي يعتصم أطفالھا على ركام المنازل المدمرة احتجاجاُ على اھمال الجھات الدولية لھم والإخفاق في حمايتھم وتعريضھم لخطر الموت، حلب التي يستصرخكم أطفالھا وشيوخھا ونساؤھا، حلب التي إن شھدت ما يھدد به النظام السوري من مذابح فسيكون ذلك بصمة عار على ضمير الإنسانية وعلى سجل مجلس الأمن. إننا نناشد مجلس الأمن تقديم الحماية الفورية للمدنيين والأطفال في حلب وسائر المدن السورية، ونناشد مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية أن يقوم بدوره الموكل إليه في تيسير إيصال المساعدات الإنسانية بشكل فوري، عوضاً عن التھجير القسري للأطفال وعوائلهم".
وأشار إلى أن المملكة العربية السعودية استجابت لنداء الاستغاثة الذي أطلقه الرئيس اليمني عبد ربه منصور ھادي والشعب اليمني لحمايته من الانقلاب الذي قام به المتمردون من مليشيات الحوثي والقوات التابعة للرئيس السابق علي عبد لله صالح، ووفقاً للمبادئ المنصوص عليھا في ميثاق الأمم المتحدة، تم تشكيل قوات التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن، وتوفير جميع الإمكانات الضرورية لإنجاح مھمتھا الرئيسية لحماية المدنيين بما فيھم الأطفال، والعودة إلى عملية الانتقال السياسية التي تشرف عليھا الأمم المتحدة وفقاً لمبادرة مجلس التعاون ومخرجات الحوار الوطني وآلياتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة، كما ساندت المملكة جهود المبعوث الدولي للأمم المتحدة السيد إسماعيل ولد الشيخ أحمد والمشاورات التي قادها في الكويت وأسفرت عن تقديمه لبيان بالخطوات الواجب إتباعھا وتم اعتماد البيان والتجاوب معه من قبل الوفد الحكومي المفاوض، إلا أن الطرف الآخر استمر في مماطلته وتعنته مما يستوجب من مجلسكم الموقر إدانة ھذا الموقف، والعمل على إلزامھم بما توافق عليه المجتمع الدولي متمثلاً في قرار مجلس الأمن 2216 ومبادرة مجلس التعاون وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني.
وأضاف السفير المعلمي " أنه عند الحديث عن ضحايا النزاع من المدنيين في اليمن ينبغي أن نستذكر أن مليشيات الحوثي المتمردة قد قامت بتحويل العديد من المدارس والمستشفيات إلى ثكنات عسكرية واستخدمت الآلاف من الدروع البشرية، وزرعت عشرات الآلاف من الألغام متسببة في قتل الأطفال وتشريدھم وترويع المدنيين، كما قامت بالھجوم ضد حدود وأراضي بلادي، متسببة في مقتل أكثر من 500 مدني، ونزوح الآلاف من السكان، وتدمير أكثر من 1700 منزل، و 75 مبنى حكومياً بما في ذلك المستشفيات والمرافق الصحية, وقد تسببت هذه الهجمات المتكررة في تعطيل الدراسة وإغلاق المدارس مما عرقل عملية التعليم للآلاف من الطلبة. ومنذ اتفاق وقف الأعمال القتالية في 10 أبريل 2016 قامت ميليشيات الحوثي وحلفاؤها بأكثر من 1700 خرقاً ضد حدود المملكة وأراضيها، وأطلقت أكثر من 20 صاروخاً باليستياً، مما تسبب في سقوط العديد من الضحايا من المدنيين".
وأكد أن " وفد المملكة يدين بأشد العبارات الممكنة تجنيد الأطفال واستغلالھم من قبل ميليشيات الحوثي المتمردة, وأن قوات التحالف قد أعادت في السادس من شهر يونيو الماضي جميع الأطفال المجندين من قبل ميليشيات الحوثي المتمردة وحلفائهم، الذين تم العثور عليهم وهم يحملون السلاح على طول الحدود السعودية، وتم تسليمهم بدون شروط إلى أجهزة الحكومة اليمنية لجمع شملهم بأسرهم بعد تزويدهم بالرعاية اللازمة والمساعدة المالية وذلك بالتنسيق والتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر واليونيسيف, واليوم أستطيع أن أؤكد أن قوات التحالف لا تحتجز أي شخص على الإطلاق من بين الأطفال المجندين في اليمن, وتلتزم المملكة العربية السعودية وبقية قوات التحالف بقواعد ومبادئ القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي وقد تبنت المملكة العربية السعودية مؤخراً قرار 2286 (2016) الذي شمل الدعوة لمحاسبة من يقومون باستهداف المدنيين والمرافق الصحية وجميع من يعملون في مجال الرعاية الصحية أثناء النزاعات المسلحة" .
وبين أن جميع عمليات قوات التحالف في اليمن تخضع لمراجعة دورية شاملة فيما يتعلق بتعيين الأھداف العسكرية من أجل تجنب وقوع أي ضرر على المدنيين. ويتم اتخاذ التدابير التصحيحية كلما دعت الحاجة إلى ذلك, مشيراً إلى أن المملكة العربية السعودية تؤمن إيماناً قاطعا بأن الأطفال يأتون أولاً، فلا يوجد مبرر لاستھداف المدنيين، وخاصة الأطفال في النزاعات العسكرية وتؤمن بأن مكان الأطفال ھو على مقاعد الدراسة وليس في جبھات القتال، وأن للأطفال حقا مطلقاً في الحياة والتعليم والفرحة بعيداً عن أزيز الرصاص ودوي القنابل، وأن المملكة العربية السعودية ملتزمة إلتزاماً لا لبس فيه بحماية المدنيين والأطفال، وتولي بالغ العناية والاھتمام لأي مزاعم بأي انتھاكات ضد المدنيين، حيث قامت المملكة وقوات التحالف، في شهر فبراير من هذا العام بإنشاء "الفريق المشترك لتقويم الحوادث"، للتحقيق في جميع الادعاءات المتعلقة بسقوط ضحايا من المدنيين، بالتنسيق مع "اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن"، وسيتم إعلام الأمم المتحدة بنتائج هذه التحقيقات في أقرب وقت ممكن.
وقال السفير المعلمي:" في اليمن كانت المملكة العربية السعودية في طليعة الملتزمين بدعم جھود إعادة الإعمار في اليمن، حيث ساھمت خلال الفترة ما بين العام 2010 للعام 2015، بمبلغ (3.25 ) (ثلاثة فاصلة خمسة وعشرون) مليار دولار، منها (1.75) (واحد فاصلة خمسة وسبعون) مليار دولار تم تخصيصها للصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية والإغاثة, وتعتبر المملكة من أكبر داعمي العلميات الإنسانية في اليمن، منذ عام 2015، حيث قام مركز الملك سلمان للإغاثة والعمليات الإنسانية منذ تأسيسه في 13 مايو 2015 بتقديم مساعدات إنسانية تجاوزت 440 مليون دولار يتم توزيعها في جميع أنحاء اليمن، كما يتم تقديم الدعم الطبي والمالي في جيبوتي والأردن والسودان للاجئين اليمنيين, وقد استقبلت المملكة العربية السعودية أكثر من مليون يمني عبر حدودھا، وتم قبول جميع اليمنيين المقيمين في المملكة في المدارس والجامعات السعودية، وتم تقديم الرعاية الطبية للآلاف من اليمنيين المصابين في المملكة العربية السعودية والأردن والسودان واليمن، بالإضافة إلى توفير الدعم التربوي والنفسي للمتضررين من الألغام، بمن في ذلك الأطفال.
وأكد المعلمي في ختام الكلمة " أن وفد المملكة يحيي الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة وأجهزتها في سبيل حماية المدنيين في النزاعات المسلحة والأطفال بشكل خاص, وإيمانه بأن الأمم المتحدة يجب أن تتمكن من أداء دورھا الإنساني الحيوي الفعال بعيداً عن الضغوط ودون أي محاولة للتأثير على قراراتها, حيث أن المملكة العربية السعودية كانت وستظل دائما سباقة إلى دعم الأمم المتحدة وأجھزتھا ومنظماتھا، ولكننا نؤمن أيضاً بأن على الأمم المتحدة أن تمارس دورھا بحيادية وموضوعية وشفافية وأن تسير مسافة الميل الإضافي للحصول على ما تحتاج إليه من معلومات وألا تكتفي بالمصادر غير الموثوقة كأساس لتقاريرھا أو بياناتھا، وأن يكون الھدف الأساسي من ھذه التقارير ھو السعي إلى تحسين الظروف والأحوال التي يواجهها الأطفال في النزاعات المسلحة, كما أن المملكة تأسف للالتباس ونقص المعلومات الذي أدى إلى إدراج اسم التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن في قائمة الدول والجھات المسئولة عن العنف ضد المدنيين دون وجه حق، وكنا نتمنى لو أن الفرصة قد أتيحت لنا لتقديم المعلومات في وقت مبكر، وإننا نحيي القرار الشجاع الذي اتخذه معالي الأمين العام لإزالة اسم التحالف من القائمة، ونرحب بقراره بتثبيت الإزالة والاستمرار في التشاور والمراجعة ، ونوضح أننا قد وجھنا الدعوة للأمم المتحدة لإيفاد من تراه مناسباً من مسؤوليھا لزيارة قيادة قوات التحالف في الرياض والإطلاع على كل ما لديھا من استعدادات واحتياطات في ھذا الشأن ودعوتنا ما زالت قائمة".
أرسل تعليقك