أهم  المعالم السياحية في إقليم لا بوليا الإيطالي
آخر تحديث 15:24:16 بتوقيت أبوظبي
 صوت الإمارات -

أبرزها "برينديسي" و"باري" و"غالّيبولي"

أهم المعالم السياحية في إقليم "لا بوليا" الإيطالي

 صوت الإمارات -

 صوت الإمارات - أهم  المعالم السياحية في إقليم "لا بوليا" الإيطالي

مدينة لا بوليا La Puglia
روما - صوت الإمارات

عزيزي المسافر، لا تقل إنك جئت إلى هنا، وإنك تنزّهت على أجمل شواطئ إيطاليا التي يختصر هذا الإقليم كلَّ سحرها ومفاتنها، احفظ السر، لأنه لم يعد سرًّا أن "لا بوليا La Puglia" تستحقّ أن تبقى في عالم الأسرار، رغم كثرة الذين يريدون لها أن تكون توسكانة الجنوب التي تخفي جمالها وراء كروم الزيتون، أو صقلية الأدرياتيك، أو إيطاليا التي لا ينضب فيها معين الدهشة والانبهار، أنها الكنز الجديد الذي اكتشفته السياحة الأوروبية، والذي لن يطول الوقت حتى يدخل في الدائرة التي يتهافت عليها السيّاح حتى الاختناق.

يومًا بعد يوم يكثر عدد المشاهير الذين يختارون حنايا هذا الإقليم لعزلتهم، وتتكاثر أعداد السيّاح الذين يتوافدون على هذه الربوع، فهي ما زالت تحتفظ بأصالة عصيّة على الزمن والدساكر التي تفاخر بعمران أرستقراطي عريق يمتدّ من سفوح الهضاب المكسوّة ببساط لا نهاية له من النباتات العطرية إلى الشواطئ الرمليّة المتهالكة عند أقدام بحرٍ ينام ويفيق مع زوارق الصيّادين "لا بوليا" هي الأرض التي ينحبس عن سمائها المطر أكثر من أي منطقة أخرى في إيطاليا، والتي عاش أهلها قرونًا في عزلة شبه تامة، يتحدثون لغة قدماء اليونان قبل أن ترى روما النور وتسطع إمبراطوريتها على العالم، وهي مملكة الحدود التي تصادم عليها الإسلام مع المسيحية كما تشهد على ذلك القلاع والحصون الكثيرة التي تسوّر معظم المدن والقرى الواقعة على سواحلها.

من هنا نبدأ جولتنا: لن نبدأ جولتنا من "برينديسي" التي ينزل السيّاح الأميركيون في مطارها، ومنه يهرعون إلى "ليتشيه" التي انحفرت مبانيها في ذاكرتهم من كثرة ما شاهدوا صورها، تعال نستهلّ مشوارنا في هذه الجنّة من "باري" عند أقصى الجنوب الإيطالي، ونتسلّق شوارعها اللولبية التي يفوح منها أريج البحر المالح، وتطالعك من شبابيكها بين الحين والآخر وجوه تذكّر بصوفيّا لورين أو آنّا مانياني.

إقرا ايضًا: 

أفضل 10 أماكن في إيطاليا لقضاء شهر العسل

على بعد أميال من "باري" يقوم مثلّث ذهبي تشكلّه قرى "مونوبولي" و"فازانو" و"آلبيروبلّو"، حيث تجد أجمل المنتجعات ودور الإقامة في مزارع أو معاصر قديمة رممها أصحابها بمنتهى الذوق والأناقة، تستدرجك إلى ممارسة الرياضة المفضّلة عند أهل هذه البلاد: متعة الكسل il dolce far niente""، التي رفعها الإيطاليون إلى مقام المفخرة الوطنية، لكن الكنز الذي تفتخر به هذه القرى الثلاث هي الأكواخ الحجرية الشهيرة المعروفة باسم "Trulli"، وهي مخروطية الشكل في سقفها وتعود إلى حقبة ما قبل التاريخ مع بدايات العصر البرونزي، ونظرًا للأهمية التاريخية والأنثروبولوجية لهذه الأكواخ، قررت منظمة اليونيسكو إدراجها على قائمة التراث العالمي في عام 1996، كما أدرجت عليها أيضًا "الوجبة المتوسطية" التي يشتهر بها هذا الإقليم الإيطالي.

وأصبحت "ليتشيه" الفاتنة على بعد ستين ميلًا من هنا، لكن السرعة في الوصول إليها ليست مستحسنة لأنها ستفوّت عليك فرصة التوقّف في قرية "أوستوني" التي تتنافس فيها قصور النبلاء مع بيوت العائلات العريقة، وحيث لا بد للعابر أن يتذوّق الحلوى التي اشتهرت بها، والتي تتحدّى من يأكلها أن يسلم شاربه من القشدة المحشوّة بها، وفي هذه البلدة أيضًا سوق شهيرة للحرفيّات.

نصل إلى "ليتشيه" Lecce كمن يدخل إلى معبد يرتفع وسط حقول الزيتون وبساتين الفاكهة وكروم العنب المترامية حتى البحر، مدينة بارّوكيّة بامتياز، تقول لك إن إيطاليا ليست روما وميلانو والبندقية وفلورانس، فحسب، وإن هذا الجنوب الذي سقط من دفاتر السيّاح فيه ما يغني عن كل الجمال المنثور على صدر شبه الجزيرة الإيطالية.

وعندما بدأ مؤسس الحركة البارّوكية النحّات فرانشيسكو بورّوميني مسيرته الفنّية مطالع القرن السابع عشر، تحت شعار "التغيير هربًا من الرتابة"، كان أساتذة النحت في هذه المدينة قد قطعوا شوطًا بعيدًا في ترصيع عشرات القصور بمنحوتات جريئة على أشكال فاكهة وطيور وحيوانات داجنة أصبحت عنوانًا لأسلوب بارّوكي انفردت به "ليتشيه" بين كل الحواضر الأوروبية.

لست بحاجة إلى دليل سياحي أو كتاب تقرأه عن هذه المدينة لزيارتها، يكفي أن تستسلم لحواسك وتترك لها القياد، تمشي وراءها في الشوارع المرصوفة بحجارة القرن السادس عشر بين القصور والدور الحجرية التي هي أقرب إلى المنحوتات الضخمة، تستظلّ عبق التاريخ في أفنيتها الفسيحة وتذهب بعيدًا وراء الجمال الطالع من معمارها الأنيق والمكدّس في كنوزها الفنيّة، تتنقّل بين ساحاتها من مفاجأة إلى ذهول إلى انبهار، ويُخيَّل إليك أنك على خشبة مسرح طالع من أعماق التراجيديا الإغريقية التي ما زالت أصداؤها تتردد بين المباني الصامدة.

التجوال فيها رحلة عبر الزمن، من عصور ما قبل التاريخ إلى العهد الوسيط وفن البارّوك الذي بلغ هنا إحدى قممه على يد أمهر الحرفيين، والبحر هنا، بحران، يحيط كل منهما بإحدى خاصرتَي هذه المدينة المحشورة عند "كعب الجزمة" الإيطالية، حيث تكثر المحميّات الطبيعية النائية عن الإسمنت والأسفلت، والخلجان الصغيرة التي يرتادها عشّاق الغطس والتمتع بالمفاتن المغمورة تحت المياه، ولعلّ أجمل ما في هذه الشواطئ هو بعدها عن الطرقات المطروقة، وغابات الصنوبر التي تكاد تغسل جذوعها بالأمواج التي تموت في ظلالها،

لكن "ليتشيه" ليست مجرّد تحفة معمارية ينطق فيها الحجر، بل هي، منذ سنوات، مختبر فريد للسياحة البيئية التي تعجز أفخم الفنادق عن مجاراة الأجواء الفريدة التي تقدّمها بأسعار لا تضارب، ومدرسة عالمية الشهرة للمأكولات الطبيعية والصحيّة يشهد عليها مركز الطهي الذي يتهافت عليه كبار الطهاة من كل أنحاء العالم يتدرّبون على أيدي الجَدّات اللواتي يحفظن أسرار الأطباق التقليدية والأطعمة اللذيذة،

ثمّة جاذبية لا تقاوَم في هذه المدينة تدفعك إلى الاستغناء عن متابعة الرحلة والبقاء بين جدرانها أطول فترة ممكنة، إنه شعور بالأمان والسكينة العميقة في هذا العالم المضطرب، اللاهث وراء كل شيء ولا شيء، ورغبة دفينة في الانسياق وراء هذه الحياة المتهادية ببطء وبساطة خارج حدود الزمن.

لكن على مرمى حجر من "ليتشيه" الجميلة ثمّة أيضًا ما يغري بالذهاب: إنها شواطئ الرمال الناعمة البيضاء والمياه البلّورية التي تذكّرك بجزر المالديف الساحرة، والتي تمتدّ هنا حول بلدة "غالّيبولي" التي تبدو طالعة من إحدى البطاقات السياحية، بقلعتها الحصينة من القرن الرابع عشر، وأسوارها التي تتكسّر عليها الأمواج منذ مئات السنين، وأزقّتها الحجرية الضيّقة المحفوفة بمطاعم عائلية صغيرة يزوّدها الصيّادون كل يوم بأشهى الأطايب البحريّة، وعلى أطراف هذه البلدة تمرّ "Appia Antica مليكة الطرق" التي شقّها أباطرة روما، والتي ما زالت أجزاء كثيرة منها تستخدم إلى اليوم إلى جانب الجسور التي تشهد على حسن تخطيطهم وعمرانهم.

لا تقل إنك جئت إلى هنا، واحفظ سرّ هذا الجمال قدر ما استطعت، ولا تنسَ قبل مغادرتها ما يردده أهلها منذ مئات السنين، بأن السعادة تكمن في قصعة خبز مغمّسة بزيت الزيتون وقيلولة في ظلّ صنوبرة عتيقة.

قد يهمك أيضاً :

شواطئ اليونان ترفع شعار العطلات الصيفية وسط الطبيعة الخلابة لعشاق التميّز

دليل الرحالة إلى إثيوبيا من أجل عطلة رائعة

emiratesvoice
emiratesvoice

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أهم  المعالم السياحية في إقليم لا بوليا الإيطالي أهم  المعالم السياحية في إقليم لا بوليا الإيطالي



GMT 12:23 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء هادئة خلال هذا الشهر

GMT 18:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النزاعات والخلافات تسيطر عليك خلال هذا الشهر

GMT 11:27 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج القوس الأثنين 30 تشرين الثاني / نوفمبر2020

GMT 19:26 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أخطاؤك واضحة جدًا وقد تلفت أنظار المسؤولين

GMT 20:03 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 00:44 2024 الأحد ,18 شباط / فبراير

النفط يرتفع بسبب التوترات في الشرق الوسط

GMT 04:15 2019 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

تضحية غريبة من شاب هندي لإعادة محبوبته

GMT 02:26 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

غادة عبد الرازق تكشف عن حقيقة زواجها مرة أخرى

GMT 13:23 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

وضع أول دليل لإعداد وصياغة التشريعات في دبي

GMT 14:34 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

شركة "تسلا" تُعلن نيتها إطلاق أول "بيك آب" كهربائية

GMT 21:25 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

راندا المهدي تحقق أنجازًا تاريخيًا في سباق "إيرون مان"

GMT 13:13 2013 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

عرض فيلم زبانا لسعيد ولد خليفة للمرة الاولى في فرنسا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice emiratesvoice emiratesvoice
emiratesvoice
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates