الديدان الخيطية

تمكن فريق بحث دولي من إنشاء أكبر قاعدة بيانات عالمية عن وفرة النيماتودا أو الديدان الخيطية في التربة، وذلك اعتماداً على برامج الذكاء الاصطناعي لقياس كثافة النيماتودا وتركيبة المجموعات الوظيفية لأول مرة على مستوى العالم.
 
وقد ساهم الباحث المغربي الحسن مياد مع أكثر من سبعين باحثاً ينتمون لأكثر من 54 جنسية في إنجاز هذه الدراسة العلمية المنشورة في دورية "نيتشر" يوم 26 آذار (مارس) الماضي.
 
المجهول الذي كشفته الدراسة
وحسب هذه الدراسة التي دامت عامين ونصف العام منذ سنة 2017، يقدم فريق البحث مجموعة بيانات مكونة من 6825 عينة من نيماتودا التربة المميزة مكانياً من جميع القارات، وهي نسخة محدثة من مجموعة البيانات التي تم استخدامها في الأصل لإنشاء خريطة عالمية لوفرة نيماتودا التربة.
 
احتوت النسخة الأصلية من الدراسة المنشورة بتاريخ 24 تموز (يوليو) 2019 في دورية نيتشر، على 6759 عينة، وتم إضافة 66 عينة من إيرلندا على النسخة الجديدة للدراسة.
 
وقال الباحث الحسن مياد في حديث للجزيرة. نت، "هذا البحث يكتسب أهمية فائقة لعدة أسباب، أولاً لكونه الأول من نوعه، وثانياً لأن النيماتودا تتحكم بشكل مهم في تبادلات المواد الغذائية على مستوى التربة، وتحدد خصوبتها وتساهم في التبادلات الغازية للتربة مع الغلاف الجوي".
 
وأضاف مياد أنها "تساهم عن طريق ثاني أوكسيد الكربون الناجم عن التنفس في التغيُّرات المناخية بما نسبته 2.2 في المئة من مجمل ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من التربة، وهذا يدل على أن النيماتودا تلعب دوراً رئيسياً في دورة الكربون، الشيء الذي ظل مجهولا حتى نشر هذه الدراسة".
 
الأولى من نوعها
أشرف على هذه الدراسة العلمية كلٌّ من البروفسور توماس وارد كروثر، والدكتور يوهان فان دن هوجين من قسم علوم النظم البيئية في معهد البيولوجيا التكاملية زيورخ في سويسرا، والدكتور ستيفان جيسن من قسم البيئة الأرضية في المعهد الهولندي للبيئة في نيدرلاند (هولندا)، حيث تم دعم هذا المشروع من طرف العديد من الهيئات والمؤسسات العالمية في العديد من الدول.
 
ويشير مياد إلى أن "نموذج الخرائط التي تم إنشاؤها على المستوى العالمي، يسمح بالتنبؤ بكثافة النيماتودا على مستوى التربة، خاصة في المناطق التي لا نستطيع الولوج إليها، وهذه الخرائط تعتبر الأولى من نوعها نظراً لكونها تأخذ بالحسبان العلاقة الرابطة بين عوامل المناخ والتربة وكذلك عوامل أخرى مميزة للأوساط البيئية".
 
وأوضح مياد الباحث في مختبر التكنولوجيا الحيوية وتثمين الموارد الطبيعية في كلية العلوم في جامعة ابن زهر في المغرب أننا "بحاجة إلى تصميم للعينات التي توفر تمثيلاً عالمياً شاملاً للمجتمعات التي تعيش بهذا الوسط، لإنشاء منظور عالمي قوي للكائنات الموجودة بالتربة وأدوارها".
 
نتائج غير متوقعة
على مستوى النتائج التي خلصت إليها الدراسة، يقول مياد "ما لم يكن متوقعاً هو كثافة النيماتودا التي تعيش في المناطق الاستوائية، أما المناطق الأقل كثافة فكانت من نصيب الغابات المجاورة للبحر المتوسط، والمناطق القطبية الجنوبية خاصة، وكذلك الصحارى، وفي بعض العينات تمت ملاحظة ما لا يقل مئة نيماتودا في كل مئة غرام من التربة".
 
كما يوضح أن النماذج الإحصائية سمحت بتحديد العوامل المحددة لوفرة النيماتودا، في العوامل المناخية خاصة الرطوبة ودرجة الحرارة، غير أن أهم هذه العوامل هي تلك المرتبطة بالتربة وأهمها نسبة المادة العضوية ونسبة الكربون العضوي إلى جانب الرقم الهيدروجيني (PH) الذي يعبّر عن قاعدية أو حمضية التربة.
 
وأكد مياد للجزيرة.نت أن تجميع هذه المعطيات حول كثافة النيماتودا، سمح بتحديد الكثافة والكتلة الإجمالية، حيث يقدر عدد النيماتودا في العالم بما يقارب أربعمئة بليون مضروبة ببليون من النيماتودا (Nematodes)، وهذا يعادل 80 في المئة من الكتلة البشرية على المستوى العالمي، ولأول مرة يتم تحديد هذا الرقم الذي له آثار قوية على التبادلات الغازية مع الغلاف الجوي.
 
وقد أشارت نتائج الدراسة أيضاً إلى أنه باعتماد قاعدة المعطيات نفسها للنشاط الاستقلابي للنيماتودا تم تقدير كمية ثاني أوكسيد الكربون المطروحة بحوالي 0.11 جيغا طن، أي ما يناهز حوالي 15 في المئة من الكربون الصادر عن استهلاك المحروقات على مستوى العالم. 

قد يهمك ايضا:

"كليوتشيفسكوي" يطلق عمودًا من الرماد ارتفاعه 6 كيلومترات في كامتشاتكا

بركان "ميرابي" في إندونيسيا يُطلق عمودًا مِن الرماد بارتفاع 5 آلاف متر