من غرفة صغيرة شرق بلدة عبسان القريبة من الحدود مع إسرائيل في خان يونس جنوب قطاع غزة، ينشط صحافيون شبان في طرح قضاياهم عبر أول إذاعة إلكترونية أطلقوها على موقع «فايسبوك». تقول إيمان ورش آغا مقدمة البرامج في إذاعة «صوت الفايسبوك»، عن أهداف الإذاعة التي أنشئت في شباط (فبراير) الماضي: «مللنا السياسة والإذاعات الحزبية، لدينا قضايا شبابية معقدة كثيرة نريد مناقشتها على الهواء مباشرة لإيجاد حلول لها، مثل البطالة والحريات الشخصية والزواج المبكر والانقسام» الفلسطيني. وتضيف إيمان ( 22 سنة) التي تسكن في بلدة بيت لاهيا: «جميعنا متطوعون لا أموال معنا ولا أحد يدعمنا مالياً، لدينا إرادة فولاذية ونريد إيصال رسالتنا. الدعم المعنوي من مستمعينا يتزايد في فلسطين والعالم العربي». ويقول الناشط عصام أبو خليل (25 سنة) مؤسس الإذاعة ومديرها: «بدأنا في بث تقارير صوتية قصيرة عن قضايا الشباب على شبكة فايسبوك ووجدنا تفاعلاً متزايداً ما شجعنا لإطلاق اذاعة». ويضيف: «هذا الأسبوع سجل على صفحة الإذاعة 230 ألف مستمع»، موضحاً أن الإذاعة ذات إمكانات «شبه معدومة» ولم تحصل على أي دعم مالي من جهات حكومية أو دولية. على جدار الاستوديو المتواضع، وضعت لوحة إعلانات ورقية عليها أسماء البرامج وأشهرها، كما يقول أبو خليل «حكاية مبدع» الذي يركز على قضايا الإبداع الشبابي وطاقات الشباب «المهدورة». وتشير دوجان أبو مسلم المتطوعة في الإذاعة إلى «وجود كثير من المعوّقات المتعلقة بضعف الإمكانات»، لكنها تصر على «تحقيق الهدف وإسماع صوت الشباب». يستقطب «صوت الفايسبوك» آلاف المستمعين والمتابعين في دول عربية وأجنبية، علماً أنه يبث برامج تفاعلية باللغات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية والتركية، إلى جانب العربية. ويوضح أبو خليل أن إفراد مساحات باللغات الأجنبية «منحنا التواصل مع الشباب في الجاليات العربية والفلسطينية في الخارج، وساعدنا لإيجاد حلول لمشاكل الشباب». ولا يخفي أن عدم توافر الدعم المالي يهدد بوقف الإذاعة، لكنه يستدرك: «لن نتوقف مهما كلف الأمر ولن نقبل المال المشروط، نريد دعماً مالياً من جهات محلية ودولية تريد مساندة قضايا الشباب». وتقول إيمان ورش آغا: «نبث برامج إذاعية من قلب الجامعات أو الأسواق باستخدام الجوال (الهاتف النقال)... نعمل على مدار الساعة ونثق بفرص النجاح». ويعمل في الإذاعة 35 شاباً وفتاة أكثر من نصفهم يحملون شهادات جامعية في الصحافة والإعلام، إلى جانب ستة متطوعين أجانب من أصول عربية يقيمون في فرنسا وإسبانيا وتركيا وألمانيا. وترى ميادة عودة، المتطوعة في قسم الأخبار، أن الإذاعة تشكل «نقلة نوعية لنؤكد أن الاحتلال والحصار لا يوقفان إبداع الشباب الفلسطيني ولا بد أن نبذل مجهوداً جباراً لننتصر على الحصار». وبجرأة لافتة، بثت الإذاعة حلقتي نقاش ساخنتين عن سقوط بعض الشباب في تعاطي مواد مخدرة، وظاهرة الزواج المبكر، فيما تعد ورش آغا حلقة إذاعية لمناقشة إجراءات شرطة حماس في ملاحقة شبان يرتدون سراويل «غير منضبطة». وفي المقابل تبث الإذاعة برامج ساخرة مثل «برنامج سياحة فكرية ونوادر». ويحرص مسؤولو الإذاعة الإلكترونية على إفراد مساحة لقضايا وطنية كالأسرى في سجون إسرائيل، وتبث الإذاعة برنامج «حكاية أسير» يقدمه الأسير السابق الرياضي محمود السرسك الذي خاض إضراباً عن الطعام لأكثر من 90 يوماً في سجنه قبل الإفراج عنه في تموز (يوليو) الماضي.