مبنى معهد مصدر

يعد تخصص ماجستير نظم وتقنيات الفضاء، الذي أطلقه معهد مصدر في مايو/أيار 2015، بالتعاون مع "الياه" للاتصالات الفضائية "الياه سات" المملوكة من شركة مبادلة، وشركة "أوربيتال أي تي كي" لتقنيات الفضاء، الأول من نوعه على مستوى المنطقة. وقد شهد حفل تخريج دفعة طلبة المعهد لعام 2017 الذي جرى مؤخرًا، تخريج أول مجموعة من طلبة تخصص نظم وتقنيات الفضاء، الذين يتطلعون لتوظيف ما اكتسبوه من مهارات ومعارف في دعم تحقيق طموحات الإمارات في مجال الفضاء.

ويندرج معهد مصدر اعتبارًا من هذا العام ضمن جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، وذلك بعد إجراء عملية اندماج استراتيجية من شأنها دعم بناء اقتصاد المعرفة في الإمارات. وضمت دفعة العام 2017 من طلبة معهد مصدر أكثر من 100 خريج، من ضمنهم 47 خريجًا إماراتيًا إلى جانب خريجين آخرين من 30 دولة، تخرجوا من البرامج الأكاديمية المتخصصة التي وضعها معهد مصدر، وتشمل هندسة وإدارة النظم، وعلوم الحوسبة والمعلومات، وعلوم وهندسة المواد، والهندسة الميكانيكية، وهندسة المياه والبيئة، وهندسة النظم الدقيقة، وهندسة القوى الكهربائية، والهندسة الكيميائية، والبنية التحتية الأساسية المستدامة، إضافة إلى برنامج الدكتوراه المتعدد التخصصات الهندسية، وكذلك أول دفعة من تخصص نظم وتقنيات الفضاء الذي يندرج ضمن سبعة من برامج الماجستير التسعة التي يوفرها المعهد. 

ويبلغ عدد خريجي معهد مصدر حاليا 580 خريجًا، التحق أكثر من 90% منهم بسوق العمل لبدء مسيرتهم المهنية أو بأحد برامج الدكتوراه لمتابعة تحصيلهم العلمي سواء داخل الدولة أو خارجها. وبحلول سبتمبر/أيلول 2016، بلغ عدد الطلبة المسجلين في معهد مصدر 456 طالبًا، يمثل الطلبة الإماراتيون 52% منهم. كما تمثل الإناث 51% من إجمالي عدد طلبة المعهد، و68% من إجمالي عدد الطلبة الإماراتيين. وتشمل الدفعة الحالية من طلبة معهد مصدر 149 طالب دكتوراه، 26% منهم إماراتيون. 

واستطاع معهد مصدر حتى يناير/كانون الثاني 2017 تسجيل 14 براءة اختراع أميركية، وإيداع أكثر من 100 براءة اختراع، إضافة إلى استلام أكثر من 140 كشف اختراع من طلبة وأساتذة المعهد، ليرسخ بذلك دوره الرائد في بناء رأس المال الفكري في دولة الإمارات. كما نجح المعهد في نشر أكثر من 1200 مقالة في مجلات علمية محكّمة، وأكثر من 27 فصلًا في كتاب، وتقديم أكثر من 700 ورقة بحثية في محاضر المؤتمرات.

أقمار صناعية

وقالت سمية المهيري، خريجة ماجستير هندسة وإدارة النظم، التي كانت تعمل لدى شركة "ايرباص للطيران والدفاع": التحقت بفريق عمل تخصص ماجستير نظم وتقنيات الفضاء عندما سمعت بإطلاقه في معهد مصدر كأول تخصص أكاديمي في مجال الفضاء، فقد استحوذ هذا التخصص، الذي يركز على تطوير أقمار صناعية صغيرة مكعبة الشكل يطلق عليها اسم "الكيوبسات"، على اهتمامي، الأمر الذي دفعني للالتحاق به. 

وعن هدفها من وراء الانضمام للبرنامج، أوضحت سمية: التحقت به سعيًا وراء اكتساب المعرفة والخبرة التي تمكنني من تصميم وبناء أقمار صناعية صغيرة وتوسيع نطاق معرفتي بالسياسات والقوانين التنظيمية الخاصة بشبكات الأقمار الصناعية في الإمارات".

وبعد قضاء عامين دراسيين ضمن البرنامج، أكدت سمية أنها تجاوزت تحقيق هدفها المنشود إلى اكتساب مهارات تقنية وهندسية عالية المستوى، حيث قالت: "أتطلع بعد تخرجي إلى الالتحاق مجددًا بعملي في شركة ايرباص لتطبيق العلم والمهارات التي اكتسبتها في مسيرتي المهنية. كما أود العمل مع هيئة تنظيم الاتصالات ووكالة الإمارات للفضاء بهدف تطوير القوانين التنظيمية المطبقة الخاصة بالاتصالات الفضائية في الدولة، خصوصًا وأنني ركزت في أطروحتي البحثية على هذا الجانب".

بدوره، التحق أيضًا محمد العواني، الملازم في القوات المسلحة الإماراتية، بتخصص نظم وتقنيات الفضاء ضمن برنامج ماجستير هندسة وإدارة النظم، إدراكًا منه أن ذلك يمثل خطوة مثالية لتعزيز تحصيله العلمي كحامل لشهادة بكالوريوس في علوم الحوسبة، وإتاحة المجال أمامه لخدمة وطنه في مجال علمي جديد. 

وحول الدافع وراء التحاقه بهذا التخصص في ضوء دخول الإمارات مرحلة جديدة من استكشاف الفضاء، قال "يركز معهد مصدر على محوري الابتكار والاستدامة، وهو ما يساهم في إعداد طلبة مؤهلين لتطوير تقنيات ونظم نوعية ومستدامة تسهم في تحقيق أهداف الإمارات في مجال الفضاء". 

وسوف يعود محمد بعد تخرجه للالتحاق بالقوات المسلحة ليقوم بتوظيف مهاراته ومعارفه الجديدة في التوصل إلى تطبيقات عملية وحلول ملموسة، حيث قال: "كضابط في الجيش، أتطلع دائمًا لخوص تحديات جديدة. وآمل أن أتمكن من المساهمة في تحقيق طموحات الإمارات الفضائية من خلال لعب دور في تطوير قطاع الفضاء ضمن القوات المسلحة في الإمارات. وأتطلع مستقبلًا إلى اكتساب الخبرة التي تمكنني من المشاركة في إدارة مشاريع الأقمار الصناعية الكبيرة في الدولة.

من جهتها، تمثل مريم المنصوري مثالًا آخر على طلبة تخصص نظم وتقنيات الفضاء الذين يمتلكون طموحات كبيرة في هذا المجال. وكانت مريم تعمل كمديرة مدرسة في إطار مجلس أبوظبي للتعليم عندما سمعت بإطلاق أول تخصص في الفضاء في الإمارات، لتحيي بذلك حلم طفولتها بأن تكون عالمة فضاء. 

وقالت مريم "منذ أن كنت طفلة، أردت دراسة الفضاء وتعلم كيفية حركة المركبات الفضائية، وقد منحني تخصص نظم وتقنيات الفضاء في معهد مصدر فرصة قيّمة لتحقيق حلمي". وخلال دراستها ضمن برنامج ماجستير هندسة وعلوم المواد، اطلعت مريم على نظم الأقمار الصناعية والملاحة، واستفادت منها في المشاركة ببناء القمر الصناعي الصغير (ماي سات-1) الذي جرى تطويره في معهد مصدر. 

وبعد نيلها شهادة الماجستير، تتطلع مريم إلى المساهمة في مد جسور التعاون بين الجهات الرئيسية المعنية بمبادرات الفضاء الوطنية وقطاع التعليم في الدولة، بهدف العمل على إعداد المواهب ابتداءً من المرحلة الابتدائية ووصولًا إلى الدراسات العليا. وقالت "أتمنى العمل مع معهد مصدر وشركة الياه سات ووكالة الإمارات للفضاء ومجلس أبوظبي للتعليم للمساهمة في تنمية المواهب الإماراتية الشابة وتأهيلهم ليكونوا قادرين على المشاركة في تحقيق أهداف الإمارات في مجال الفضاء".

بدورها، التحقت حنان المصعبي بتخصص نظم وتقنيات الفضاء ضمن برنامج ماجستير هندسة وإدارة النظم في معهد مصدر لتحقيق هدفين رئيسين. وأوضحت: "عندما قررت الالتحاق، كان لديّ هدفين هما إثراء معرفتي في مجال الفضاء، وخوض ميدان الابتكار في تحدٍ لنفسي وقدراتي، وقد أمضيت في المعهد عامين مليئين بالتحديات، غير أنني اكتسبت مهارات تؤهلني اليوم للعمل جنبًا إلى جانب مع خبراء الفضاء". 

وعن خططها، قالت حنان: "يعتبر الفضاء اللامحدود أفضل معلّم، فهناك الكثير ليتعلمه الإنسان من خلال سبر أسراره. سأعمل في المرحلة المقبلة على تطوير مهارات برمجية تساعد في تعزيز فهم واكتشاف أجسام فضائية جديدة، ما يستدعي مواصلة تحصيلي العلمي وإغناء معارفي في هذا المجال".

من جهة أخرى، تأمل بشرى النقبي، خريجة تخصص نظم وتقنيات الفضاء ضمن ماجستير هندسة وإدارة النظم، بأن تكون من ضمن المئة والخمسين مهندسًا اللازمين لإنجاز مهمة الإمارات لاستكشاف المريخ، فتشمل مخططات بشرى الالتحاق بوكالة الإمارات للفضاء كمهندسة فضاء، وذلك بهدف المساهمة في تعزيز دورها والارتقاء بها إلى مصاف وكالة ناسا، فضلًا عن كون ذلك يتيح لها تعزيز مهاراتها ومعارفها. 

وقالت بشرى: "كان فضولي هو الدافع وراء الالتحاق بتخصص نظم وتقنيات الفضاء، إذ دائمًا ما أسعى للاطلاع وتعلم أشياء جديدة. وقد ساعدني معهد مصدر في تنمية معرفتي عبر إتاحة المجال للمشاركة في ورشات عمل ودورات تدريبية وفعاليات مهمة، كما مكنني المعهد من تحسين مهارات التواصل والإدارة لدي من خلال العمل مع شركات رائدة في مجال الفضاء مثل "الياه سات" و "أوربيتال أي تي كي."

ومن جانبها، تأمل عزة البكر، خريجة تخصص نظم وتقنيات الفضاء ضمن برنامج ماجستير هندسة النظم الدقيقة، أن تحظى بعد التخرج بفرصة استكشاف الفضاء من خلال العمل مع الأوساط الأكاديمية أو قطاعات الأعمال. وكانت عزة قد خاضت في وقت سابق من هذا العام تجربة انعدام الجاذبية، وذلك في إطار الجائزة التي حصلت عليها في مسابقة وكالة الإمارات للفضاء والوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء. 

وبشأن تجربتها في معهد مصدر، قالت عزة: "إنها تجربة غنية توجت بأن أكون ضمن الدفعة الأولى من خريجي تخصص نظم وتقنيات الفضاء في معهد مصدر، ومن الذين شاركوا في تطوير القمر الصناعي المكعب (كيوبسات) في الإمارات الذي يحمل نظم وتقنيات للاستشعار عن بعد. وتتطلع عزة حاليًا إلى تطبيق ما اكتسبته من معارف والمشاركة في مشاريع تختص بتطوير تقنيات الفضاء والأقمار الصناعية في الإمارات. 

تم إعداد تخصص نظم وتقنيات الفضاء، الذي يندرج ضمن سبعة من برامج الماجستير التسعة التي يوفرها معهد مصدر، تماشيًا مع هدف الإمارات المتمثل في إرسال أول مسبار عربي غير مأهول إلى المريخ بحلول العام 2021، وسعي الدولة إلى تطوير قطاعات الفضاء والطيران والاتصالات والدفاع الوطنية. في ضوء التزام الإمارات بالوصول إلى المريخ في العام 2021، وتطوير قطاعاتها الوطنية ذات الصلة بالفضاء، سيكون بمقدور هؤلاء الخريجين المميزين من العلماء والمهندسين الرواد تحقيق إنجازات نوعية تعود بالنفع على الإمارات والعالم، وتكون مصدر إلهام للجيل المقبل من الشباب الإماراتي، وتحفيزهم على التطلع نحو النجوم.