عززت أسعار النفط من مسارها الصاعد للأسبوع الثاني على التوالي بإضافة أكثر من دولارين للبرميل على مستوى جميع مواقع البيع للنفوط القياسية مدعومة بعدد من العوامل الاقتصادية والسياسية وكذلك نفسية السوق التي لعبت دورا رئيسا في دفع المضاربين إلى الإقبال على شراء عقود النفط لتعويض مراكزهم الاستثمارية التي تأثرت جراء تراجع سعر صرف الدولار، حيث صعد خام برنت القياسي في بداية التعاملات الأوروبية ليوم أمس الجمعة إلى 113.29 دولارا للبرميل فيما ارتفع خام ناميكس القياسي في مستهل التداولات الإلكترونية في السوق الأمريكية إلى 92.46 دولارا للبرميل. وكانت التوقعات خلال بداية الأسبوع أن تتخلى أسعار النفط عن مسارها الصاعد لولا تناغم عدد من العوامل التي لها تأثير مباشرة على حركة الأسعار ومنها تزايد التوتر بين الغرب وإيران على خلفية برنامجها النووي والتهديدات الإسرائيلية بضرب المنشآت النووية الإيرانية ما قد يؤثر على حركة الملاحة في مضيق هرمز الإستراتيجي الذي يمرر أكثر من 17 مليون برميل يوميا إلى الأسواق العالمية، على الرغم من أن بعض الدول التي تستخدم المضيق لنقل نفطها بدأت تفتح منافذ جديدة بعيدا عن منطقة التوتر، بيد أن جل الأسواق البترولية لا تزال تنظر إلى أن أي عرقلة للملاحة في هذا المضيق سوف يخلق شحا في إمدادات النفط. ومن العوامل التي دعمت الأسعار توقف عدد من المصافي في الدول الآسيوية لأغراض الصيانة الدورية وهو ما شكل نقصا في المواد البترولية المكررة في عدد من الدول الآسيوية ذات الاقتصادات المتنامية، ورسم ملمحا جديدا إلى إمكانية بروز شح في النفط عندما تعود هذه المصافي إلى العمل بطاقتها الانتاجية القصوى. وأجمع المحللون في النشرات البترولية العالمية المتخصصة إلى أن السوق لا تزال في وضع جيد من ناحية الإمدادات ولا يوجد شح واضح المعالم في الوقت الراهن يوجب هذا التنامي في الأسعار، ودللوا بتراجع إنتاج الأوبك خلال الشهر الماضي بنسبة 1.2% إلى حوالي 28.4 مليون برميل يوميا، وكذلك انخفاض حركة نقل النفط حيث نقلت نشرة "أويل موفمنت" أن صادرات نفط دول الأوبك المنقولة بحرا سوف تنخفض في شهر اكتوبر القادم إلى 23.66 مليون برميل يوميا بنقص يصل إلى حوالي 120 الف برميل يوميًا عن شهر الحالي، وسيتم نقل حوالي 17.33 مليون برميل من منطقة الشرق الأوسط إلى أسواق الاستهلاك بالعالم. ونقلت النشرة أن حجم النفط المخزن في ناقلات النفط سيرتفع إلى 487.76 مليون برميل بزيادة نسبتها 1.3% عن مستوياته في شهر حزيران/يونيو الماضي. وتغذي التوقعات التي تشير إلى تحسن في نمو الاقتصاد العالمي وخروج منطقة اليورو من أزمة الديوان التكهنات التي تشير إلى تنامي أسعار النفط إلى قرب 120 دولارا للبرميل قبل نهاية العام الحالي وهو ما حمس المستثمرين في عقود النفط إلى توسيع استثماراتهم والتخلي عن المتاجرة بالعملة الأمريكية التي منيت بتقهقر في صرفها أمام العملات العالمية الأخرى. كما أن ارتفاع أسعار النفط حفز أسعار المعادن النفيسة للصعود حيث نما سعر الذهب إلى 1784 دولارا للأوقية قبل أن يتراجع إلى 1779 دولارا للأوقية وسط التداولات الأوروبية.