الشاعر الإيطالي إرّي دي لوكا

رفع الشاعر الإيطالي إرّي دي لوكا، نشيدًا إلى البحر الأبيض المتوسّط، هذا البحر الذي كان وراء هلاك مئات المهاجرين غير الشرعيين من العرب والأفارقة الذين اختاروا البحر ملاذًا للوصول إلى أوربا في رحلة الموت الأخيرة، ولاقت قصيدته اهتمامًا كبيرًا، بوصفها صيحة مبدع غربي يؤمن بالإنسان مهما كانت جنسيته أو دينه.

وتناقلت التليفزيونات والمواقع والمنابر الإعلامية المختلفة قصيدة دي لوكا المهداة للمهاجرين الغرقى في المتوسّط بترحيب كبير، وترجمت من طرف أكثر من شاعر ومترجم إلى العربية، ولعل ترجمة الشاعر التونسي محمد الغزي، كانت النسخة الأكثر اقترابًا من روح النص الأصلي، وإن كانت مترجمة عن الفرنسية، وليس عن اللغة الإيطالية، التي كتبت بها من طرف صاحبها.

يقول الشاعر الإيطالي:

بَحْرَنا الذي ليْس في السّماواتِ

بحْرَنا الذي يعانقُ، بملحِه، ضفافَ الجزيرةِ والعالمِ/ لتكنْ أعماقُ محيطك مباركة

وهي تستقبل السفن مزْدحمة

تمْضي على غير هدًى فوق أمواجكَ.

البحّارةُ الصيّادون الذين يدْلجُون/ وشباكُهم بين كائناتكَ/ يعودُون عند انبلاج الصباح

ولا غنائم يظفرون بها

غير أولئك الغرقى الذين كتبت لهم النجاة.

في الفجر تصطبغ أنت بلوْنَ القمحِ،

وفي المغيب تأخذ لونَ العنبِ ومواسم قطافِهِ

بلى، نحن ملأناك غرقى أكثَرَ منْ

أيّ زمن/ من أزمنة العواصفِ

بحرَنا الذي ليْس في السماواتِ/ أنت أقْوَمُ من اليابسةِ/ حتى حين ترفعُ أمواجك عالية مثل الجُدران/ِ ثمّ تلقيها أرْضًا/ اِكلأْ بعين الرعاية حياة هؤلاء/ اِكلأْ بعين الرعاية المُسافرين

وقد تناثروا كأوراقِ الشجرِ على الجادّةِ

كنْ لهم خريفًا/ كن للأمّهات وللآباء

- قبل أن يأزفَ الرّحيل -

لمسة حبّ وعناقا وقبلة على الجبين...

وعرف دي لوكا روائيًا وشاعرًا منتصرًا للقضايا الإنسانية كافة، وحصل على العديد من الجوائز الأدبية في إيطاليا وخارجها، لعل أبرزها جائزة "فمينا" الفرنسية في العام 2002، وكان ولا يزال نصير البؤساء والفقراء والمهمشين، وكاتب الشوارع الخلفية والقضايا الإنسانية، ووصل به الأمر إلى المثول أمام محكمة إيطالية بتهمة "التشجيع على التخريب"، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى خمسة أعوام سجن، وجاء ذلك على خلفية مقابلة صحافية مع وسائل إعلام إيطالية قال فيها: "يجب تخريب خط سكة الحديد المنوي إنشاؤه ما بين مدينتي "تورينو" (إيطاليا) و"ليون" (فرنسا).

ولد دي لوكا في نابولي عام 1950 في عائلة متوسطة الحال، وصدرت له مؤخرًا ثلاث ترجمات بالعربية لثلاثة كتب هي: "اليوم ما قبل السعادة" و"جبل الرب" و"ثلاثة جياد".