د. موزة غباش

استطاعت د. موزة غباش من خلال تأسيسها لرواق عوشة الثقافي نسج خيوط العلم والثقافة، وتقديم منتج معرفي أثمر عن حراك ثقافي متصاعد، والذي أطلقت عليه اسم والدتها عرفاناً بالجميل ليكون الرواق قائماً على مبدأ التطوع لخدمة الثقافة الخيري والاجتماعي.

وتقول د. موزة غباش: "مرت خمسة وعشرون عاماً، وما زلت أتذكر بوضوح كيف وارينا أمي عوشة الثرى، وشيدنا في مكان ذكراها هذا الرواق الثقافي، الذي دخل يوبيله الفضي هذا العام، وكيف خططنا وأقمنا الأنشطة والفعاليات الثقافية عبر تقديم الأمسيات الشعرية والإصدارات للكتب والمحاضرات فيشمل كل محبي الأدب والثقافة لخدمة الوطن.

وتضيف: "خلال هذه السنوات الطويلة الماضية بذرنا العديد من الأفكار وحصدنا الكثير من النتائج، ونشعر اليوم بالرضا لأننا سلكنا طريق العلم والمعرفة، الطريق الصحيح الذي يفضي بأية أمة أو شعب إلى صدارة المجد والحضارة".

وتؤكد: "يأتي حبي وعشقي للمعرفة والقراءة بفضل تربيتي في كنف سيدة وصفت بأنها من طراز خاص، فهي الشاعرة والحكيمة المحبة للعلم والشغوفة بالمعرفة، والتي بدورها تربت تحت سقف والدها "حسين بن ناصر آل لوتاه"، الذي جلب المعلمين لأولاده من المملكة السعودية ليعلمهم القراءة والكتابة وعلوم الدين والتربية، ولم يستثن عوشة رغم أن المعلمين كلهم رجال وفي زمن كان يحظر فيه الاختلاط، لكنه كان الأب والمربي الحكيم الذي استنبط قيمة القراءة والمعرفة وعلمها لأولاده، لذلك ذكرياتي تمتد من عمر (2- 4) سنوات، وكان بيتنا زاخراً بالسياسة والثقافة، وكان مجلس والدي يرتاده الكثيرون من الشخصيات السياسية المهمة، فكان أشبه بمنتدى سياسي وثقافي، لكل هذه الأسباب جاءت علاقتي مبكرة جداً بالكتاب، الذي له دور مهم في صقل الوعي وتحرير العقل من الجهل والظلام".

وتوضح د. موزة غباش: "إن المشهد الثقافي يمشي متوازياً مع ما تطلقه الدولة من مبادرات تشجع على القراءة، ويظهر ذلك في الحراك الثقافي والمعرفي الذي ظهر فور مبادرة مهمة مثل "تحدي القراءة العربي"، الذي أطلقه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أيضاً يأتي دور المؤسسات الثقافية في الدولة في دعم وتنشيط المفاهيم الثقافية الإيجابية وتشجيع الحراك الثقافي من خلال تسليط الضوء على إبداعات وقامات ثقافية مهمة محلياً وعربياً، وتشجيع المواهب الشابة واستقطابها، فضلاً عن الاحتفاء بالإصدارات الثقافية بحضور كتابها، وقد أخذ الرواق على عاتقه تعميق الوعي الثقافي لرواده ومتابعيه وتحريك الجو الثقافي لإمارة دبي، والاهتمام بالطاقات الثقافية والفنية لإبرازها كوجوه ثقافية، كما أعطى أهمية خاصة للطاقات الشبابية لرعايتها ومنحها فرصة التألق".

وحول قراءاتها تقول د. موزة: "بدأت القراءة وتعلم القرآن الكريم عند المطوعة فاطمة بنت ثاني، رحمها الله، لكن والدتي أصرت على التحاقي مع أخواتي بمدرسة حكومية (الأحمدية)، لنبدأ رحلتنا مع العلم والمعرفة وتتشكل براعمها الأولى داخلنا، ثم بدأ يصل إلينا كل ما كان يكتب في مصر من مجلات وكتب وروايات لرواد الفكر أمثال محمود العقاد وطه حسين، وروايات كل من إحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ والقعيد، لكن كان أهمهم بالنسبة لي هو الأديب نجيب محفوظ ورواياته الغنية التي تطرح فلسفات مختلفة وتسلط الضوء على قيم المجتمع المصري، ثم كان عشقي للروايات الروسية المترجمة، والتي قرأتها جميعاً، كل هذا جعل لديَّ مخزوناً ثقافياً استطعت استرجاعه في كتاباتي".

وتكمل: "على الشباب أن ينظر إلى المستقبل ويعد له من خلال القراءات المتنوعة، وعدم إغفاله للماضي أو إهماله للحاضر.

لأن القراءة هي التي توسع الأفق وتشكل الوعي، لذلك على الجميع مسؤولية في إعداد جيل واعٍ وفي ظل دولة أبت إلا أن تكون الأولى في كل شيء".