الباحث الراحل عمار السنجري

أبّن أصدقاء الكاتب والباحث الراحل عمار السنجري رفيقهم، الذي غاب في 26 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي بالدموع والمشاعر الفياضة ، في الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات - فرع أبوظبي، بالتعاون مع معهد الشارقة للتراث، مساء الاثنين.

وأكد المشاركون في أمسية “السنجري في الذاكرة” أن رحيله خسارة كبيرة للتراث الإماراتي، وللصحراء العربية التي اهتم بها، وسعى إلى سبر أغوارها، مثلما اهتم بالترحال والرحالة والمستكشفين وسيرهم، وتتبع خط سيرهم.

وكشف الكاتب والمسرحي صالح كرامة أنه كان يجهز مع الراحل لتقديم فيلم وثائقي بعنوان: “ذاكرة شعب”، إذ أعطاه السنجري أرقام هواتف وأسماء شعراء كبار في العين ليستقي منهم معلوماته، كما خططا معًا لزيارة بعض المسنين الذين كانوا شهودًا على الفترة الماضية، وما شهدته المنطقة من تطورات، موضحًا أن السنجري كان صديق عمر بالنسبة له، وعملا معًا في “إدارة التراث” بالشارقة، ثم تشعبت بهما الطرق.
وأضاف أن الفقيد كان قد وعده بحضور الأمسية، التي استضافتها جمعية الصحافيين في أبوظبي يوم الأربعاء 28 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وتناولت النجم سهيل وتحديد المواسم الفلكية، وهو موضوع مرتبط بالتراث، ولكن المنية وافته يوم الإثنين، لذلك كتب كرامة مرثية لصديقه الراحل بعنوان: “في نعي سهيل”، قال فيها: “يمكن أن يتحول الموقف إلى طريقة أكثر مما هي عليه، عندما يسير سهيل نحو الأحسن، ويغادر مكانه وكأنه أصبح لا مجال لرؤيته بالعين، ماذا عندما يغادرك بأكمله كأنه يودع نفسه أولًا، ويعد العدة لكي يرحب بنسيانه، هذا ما كان عليه صديقي قبل أن يعد أن يأتي يومًا ليزور المكان، وعندما غادره أفل المكان بفقده للأبد”.
و استرجع رئيس معهد الشارقة للتراث، عبدالعزيز المسلم، وهو يغالب دموعه، جانبًا من ذكرياته مع الراحل عمار السنجري، والتي تعود إلى فترة الثمانينات، مشيرًا إلى أن بداية علاقتهما جاءت من خلال الكتابة، وكانت لقاءات فكرية في المقام الأول، قبل أن تكتسب طابعًا إنسانيًا في الـ15 سنة الأخيرة، فكانت لهما لقاءات مباشرة لا تهدأ.
وتحدث عن شغف الترحال الذي كان يملأ السنجري، وجمع بينهما حيث كانا يقومان بالتخطيط لرحلاتهما معًا، موضحًا أن الراحل كان مهتمًا بموضوع العرب في ما وراء الحدود، متلمسًا آثار العرب الأوائل في الدول المختلفة التي كان يزورها، وكان دؤوبًا في الاطلاع على الكتب التي تخص هذا المجال، وكذلك متابعة كتب الرحالة المختلفة. وذكر أن الرحلات الأولى التي جمعته بالسنجري كانت داخل الإمارات، مثل كلباء

وخورفكان ووادي الحلو الذي أحبه الفقيد، وكان يرغب في الإقامة فيه، حيث كان يفضل الابتعاد عن صخب المدينة، ويسعد بالوجود في الأماكن القروية والبلدات الصغيرة، كما قاما معًا بالسفر إلى دول أخرى، مثل تركيا وأذربيجان وغيرهما، كما كانا يخططان للسفر إلى مقدونيا، وهي الرحلة التي لم تنفذ. وأضاف: “كان القلم والورق والكتاب زادًا رئيسًا لعمار السنجري في السفر، إذ كان يجمع المعلومات عن المكان الذي سافر إليه، ويظل طوال الرحلة يذاكر، ويستخرج مزيدًا من المعلومات، ويسأل كثيرًا عن كل شيء”. وعن شخصية الراحل؛ قال المسلم: “كان من الصعب أن يفهمه الآخرون، ولكي تكون صديقًا له يجب أن تكون عارفًا بمفاتيح شخصيته، فهو يمكن أن يكون جادًا جدًا، أو هزليًا جدًا، كما كان كريمًا مع الجميع”.

كما تحدث، خلال الأمسية، عدد من أصدقاء عمار السنجري، وأيضًا زوجته التي انخرطت في البكاء، خلال كلمة قصيرة ألقتها، وعبرت عن شكرها لجميع من شارك في تأبين زوجها الراحل، طالبة منهم الدعاء له.
كما قدم الدكتور عادل الكسادي خواطر من واقع كتابات السنجري، مشيرًا إلى أن الراحل عرف بتواضعه وحبه لأصدقائه، ومهنيًا كان من الباحثين المهمين في مجال التراث، وأجرى العديد من اللقاءات مع الرواة في مناطق مختلفة، خصوصًا الهير، بينما ارتبط ارتباطًا وثيقًا بمدينة العين التي عاش معظم حياته فيها، وكانت تمنحه السكينة والطمأنينة. وفي نهاية الأمسية عُرض فيلم قصير عن حياة الراحل.