خسارة 40 مليار جنيه سنويًا

القاهرة – محمد الدوي أكَّدَ تقرير صادر عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على أن مصر تحتل المركز الرابع كأكثر الدول ملاحقة دوليًا من قِبل المستثمرين، موضِّحًا أن مصر رغم أنها تجذب استثمارات غير مفيدة لاحتياجات الاقتصاد المصري، إلا أنها تقف عاجزة في حماية المال العام من الملاحقات الدولية لخسارتها 40 مليار جنية سنويًا بسبب الفساد. وأوضح التقرير الذي جاء تحت عنوان "مصر والتحكيم الدولي.. حماية للمستثمر ولا عزاء للمال العام"، والذي ناقش اتفاقيات الاستثمار الثنائية وصلتها بالتحكيم الدولي، وتأثيرها على الفساد في مصر.
وأوضح التقرير ان الاستثمار الأجنبي في مصر إما شراء لأصول تملكها الدولة وهو ما نتج عنه برنامج الخصخصة الذي تسبب في تفكيك الصناعة المصرية، وتشريد نسبة كبيرة من العمالة المصرية، أو الاستثمار في قطاع البناء والتشييد، والذي سيطر عليه بناء المنتجعات السكنية الفاخرة، وتُعَد أهم القطاعات المسؤولة عن القضايا المقدَّمة ضد مصر في محاكم الاستثمار الدولية.
وطالب التقرير إلى سرعة مراجعة أولويات الاستثمار في مصر، والتي قد تتمركز في جذب الاستثمار في القطاعات كثيفة العمالة، مع دراسة الاستثمار في العقود الماضية وأسباب فشل مصر في جذب الاستثمار المفيد والجاد، موضحا ان المستثمرون الأجانب تقدموا بعشر دعاوى قضائية منذ قيام "ثورة يناير" أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار "ICSID" فقط، ومن المؤكد أن الرقم الأصلي يفوق هذه القضايا المعروفة، لأن العديد من القضايا تظل سرية، طبقًا لقواعد المحاكم الدولية المختلفة المتخصصة في الفضّ في قضايا الاستثمار.
وعلى الرغم من الضرر الذي تعرضت له مصر طوال السنوات الماضية، سواء كان قبل أو بعد قيام الثورة، إلا أن مصر تظلُّ مستعدة لتكبيل القضاء المصري والسيادة السياسية المصرية في اتخاذ القرار، وذلك بالدخول في اتفاقيات استثمار ثنائية أو اتفاقات حرة للتجارة والاستثمار جديدة، فبموجب الاتفاقيات الثنائية التي وقَّعَت عليها مصر، يتم تحصين المستثمر الأجنبي ومنحه حماية فائقة، كما يتم فرض سلطات التحكيم الدولي على مصر.
وأكَّدَ التقرير ان مصر تستمر في إغفال الآثار الخطرة المترتبة على الدخول في تلك الاتفاقات الاستثمارية، وأهمها الحماية البالغة التي يحصل عليها المستثمر الأجنبي من خلال تلك الاتفاقيات، كقدرته على تخطي القضاء المحلي، وتقديم دعاوى ضد الدولة والمطالبة بالتعويضات أمام المحاكم المتخصصة في قضايا الاستثمار، حتى ولو ثبت الفساد في استثماره، كما أن المحاكم الدولية المتخصصة في قضايا الاستثمار تختلف عن المحاكم الدولية الأخرى في أنها تتخطى القضاء المحلي، ولا تأخذ أحكامه في الاعتبار، بل تختلف أيضًا في أن العديد من هذه المحاكم، حسب طبيعة اتفاقيات الاستثمار الثنائية، لها القدرة على تنفيذ الأحكام، وهو ما غرّم وسيظلُّ يغرم مصر المليارات.