التصحر

أقرّت قمة باريس المناخية، التي عقدت تحت شعار "one planet summit"، الثلاثاء، بمشاركة ما يزيد عن 50 رئيس دولة وحكومة، من بينها دول عربية، 12 التزامًا تمثل خارطة طريق يُفترض أن تساهم في إيجاد تمويل عام وخاص، لمكافحة التغييرات المناخية، خصوصًا في الدول النامية. وافتتح القمة، التي نظمتها فرنسا بالاشتراك مع الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي، في بولونييه بيانكور، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قائلاً: "إننا على وشك خسارة المعركة في وجه التغييرات المناخية، فبعد عامين على توقيع اتفاق باريس المناخي، هناك مَن أبدى رغبته في الانسحاب"، في إشارة إلى الولايات المتحدة. كما لفت أيضًا إلى أن الأمور لم تتقدم بالسرعة الكافية.

وأوضح أن حديثه عن خسارة المعركة واقعي، مشيرًا إلى الدول المشاركة اليوم في القمة مهددة بالزوال في غضون العقد أو العقدين المقبلين، في حال لم تطبّق الجهود المطلوبة. وأكد أن الالتزامات المختلفة التي تُتخذ خلال القمة، ستكون موضع متابعة للتحقق من تطبيقها، والوقوف على مدى التقيد بضرورة تغيير المجتمعات والاقتصادات، وعدم الرضوخ للآثار السلبية للتغيير المناخي. وحرص ماكرون على عقد هذه القمة، التي تأتي بعد القمة المناخية الثالثة التي عقدت أخيرًا في ألمانيا، لتفعيل تطبيق اتفاق باريس المناخي، الذي مضى على توقيعه عامان، رغم إعلان الولايات المتحدة انسحابها منها وبث مزيد من التعبئة على المستوى الأوروبي للمضي قدمًا في تطبيقه.

وتهدف المشاريع التي أُقرّت إلى إرساء تحالف بين المسؤولين الدوليين والقطاعات الإنتاجية والمالية، لإظهار جدوى العمل الجماعي على صعيد مواجهة التغييرات المناخية. وتحدّد هذه المشاريع وسائل لتمويل برامج تساهم في تأقلم أنماط معيشتنا مع متطلّبات خفض الانبعاث الحراري، وإدراج القضايا المناخية في صلب النشاطات المالية الدولية. وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في افتتاح القمة، إنه من الضروري رأب الهوة في مجال مكافحة التغيير المناخي بين الدول المتطورة، وتلك النامية، مشددًا على أهمية التحقق من تأمين مئة مليار دولار سنويًا بحلول عام 2020، موعد دخول اتفاق المناخ حيّز التطبيق، لمساعدة الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها في مواجهة التغيير المناخي. ولفت إلى أن الحكومات وحدها ليست قادرة على تحقيق هذه المهمة، وتُعدّ مشاركة رأس المال الخاص جزءًا رئيسًا من الحل.

ويرى مسؤولون في منظمات غير حكومية، ناشطة في مجال البيئة، أن التمويل الموعود ليس سوى نقطة ماء مقارنة بالحاجات الفعلية، التي تُقدر بنحو 6 آلاف مليار دولار سنويًا، منها 4 آلاف لسد متطلّبات الدول النامية. ويأسف هؤلاء لكون 17% فقط من الضرائب التي تفرضها فرنسا على العمليات في السوق المالية الدولية، تذهب إلى الدول النامية، ولعدم اعتماد الدول الأوروبية ضريبة مماثلة لتلك الفرنسية، رغم المفاوضات القائمة بهذا الشأن منذ سنوات. وشارك في القمة، إضافة إلى رؤساء الدول والحكومات، 2000 شخص من منظمات بيئية ومالية دولية، من بينهم ممثلو المنظمات والهيئات الأميركية المناهضة لقرار الرئيس دونالد ترامب، الانسحاب من اتفاق باريس المناخي.

وسبق الجلسة التي عُقدت بعد الظهر، في حضور رؤساء الدول والحكومات، بعد تلبيتهم دعوة ماكرون إلى غداء أقامه على شرفهم في قصر الإليزيه، جلسات عمل صباحية تناولت من زوايا مختلفة سبل تمويل التغييرات المناخية.