الاقتصاد الأميركي

تشهد مؤشرات الاقتصاد الأميركي تحسُّنًا كبيرًا، على الرغم من ارتفاع حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وزيادة مخاوف المستثمرين حول العالم من تأثير هذه الحرب على التجارة وأسواق المال العالمية، وكأن الأسهم الأميركية تُغرِّد خارج السرب.

وتوالت الارتفاعات خلال الأيام الماضية لمعظم المؤشرات في "وول ستريت"، وذلك لتحسن مؤشرات الاقتصاد الأميركي، وزيادة معدلات الإنفاق لدى المستهلكين، وارتفاع الثقة في مستقبل الاقتصاد خلال العام المقبل، كل ذلك أدى إلى زيادة إقبال المستثمرين والمتعاملين في "وول ستريت" على الشراء على الرغم من استمرار أسباب الحرب التجارية.

وشهد كل من مؤشر ستاندرد أند بورز 500، وداو جونز المتوسط الصناعي، ارتفاعات متعاقبة طوال الأيام الماضية - باستثناء جلسة واحدة - منذ بدء تطبيق الرسوم الجمركية المتبادلة على الصادرات الصينية والأميركية.

وارتفع مؤشر ستاندرد أند بورز بنسبة 4.8 في المائة، فيما انخفض مؤشر شانغهاي بنسبة 14 في المائة، وتراجع مؤشر كوسبي في كوريا الجنوبية بنسبة 6.3 في المائة، فيما فقد مؤشر داكس الألماني 2.9 في المائة من قيمته، وتراجع مؤشر نيكي الياباني بنسبة 0.07 في المائة، خلال الفترة ذاتها.

ويقول محللون "إن الأسهم الأميركية لا تعكس التحوطات الممكنة من فرض الحواجز التجارية مع الصين، على الرغم من تراجع أسهم المصانع الأميركية التي تعتمد على الصلب والألمنيوم في إنتاجها، بسبب التعريفات التي فرضها ترمب على صادرات الصلب والألمنيوم لمعظم شركاء أميركا التجاريين بمن فيهم الحلفاء مثل كندا والاتحاد الأوروبي، إلا أن باقي الأسهم شهدت ارتفاعات متتالية".

ويقول ميريل لاينش المحلل المالي ببنك أوف أميركا "إنه إذا تباطأت التجارة العالمية بسبب القيود التجارية أو التعريفات الجمركية، أو إذا ارتفعت أسعار السلع والخدمات، فسيؤدي ذلك لتراجع الإنفاق من قبل المستهلكين والمنتجين على حد سواء، وسيؤثر ذلك سلباً على النمو الاقتصادي في جميع الدول".

ويضيف أن زيادة تكلفة الواردات بنسبة 10 في المائة يؤدي إلى تراجع المبيعات العالمية وتقليل نمو الأرباح للشركات العالمية بنسبة تتراوح من 3 إلى 4 في المائة. ويقول إن صمود سوق الأسهم الأميركية وسط هذه التوترات التجارية جعل المستثمرين ينظرون إلى الأوضاع الحالية باعتبارها فرصة للشراء لتحقيق مكاسب مستقبلية، وذلك بدلا من أن يأخذوا الصراع التجاري كأنه إشارات تحذيرية، وهو ما أدى إلى ارتفاع الأسهم.

وكان مؤشر ستاندرد أند بورز انخفض بنسبة 0.07 في المائة عقب إعلان ترمب عن فرض رسوم جمركية إضافية على 200 مليار دولار من الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، إلا أنه عاود الصعود مرة أخرى في اليومين التاليين للإعلان بل وحقق مكاسب وصلت إلى 1 في المائة من قيمته.

ويقول مارك روزينبيرغ مدير تنفيذي بمؤسسة جيوكوانت، التي تستخدم الذكاء الصناعي لقياس تأثير التطورات الجيوسياسية على الأسواق، إن "الأسواق تعاملت مع الصراع التجاري بين الولايات المتحدة وشركائها على أنه كلام فقط وهذا سوء تقدير من الناحية السياسية"، مشيرا إلى أن ذلك "سيسبب تحطيما قويا للأسواق".

وتقدر مؤسسة غولدمان ساكس أن إجمالي الصادرات الأميركية للصين تمثل نحو 1 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وهو ما يجعل أميركا في وضع تفاوضي أفضل من الصين.