تنظيم “سلسلة بشرية” للمتظاهرين من شمال لبنان إلى جنوبه

نظّم عشرات آلاف اللبنانيين، أمس (الأحد)، سلسلة بشرية تمتد من شمال البلاد إلى جنوبها على طول الساحل اللبناني. جاءت في وقت يراهن فيه المحتجون على قدرتهم على قطع الطرقات الرئيسية، (الاثنين)، استكمالًا لمسار الاحتجاجات المتنامية منذ 12 يومًا في الشارع، في ظل انسداد أفق الحلول السياسية، والدعوات إلى فتح الطرقات، وهو ما يتخوف منه المتظاهرون.

وتصطدم الدعوات إلى فتح الطرقات بالمبادئ التي وضعتها الأجهزة الأمنية والعسكرية للتعامل مع الملف، إذ حسمت بأن “لا صدام مع المحتجين”، وهي تحاذر اللجوء إلى هذا الخيار، رغم دفع بعض القوى السياسية، وبينها “التيار الوطني الحر”، لفتح الطرقات الرئيسية بأي طريقة.

ويرى المحتجون أن فتح الطرقات سيعطي الحكومة متنفسًا لعدم الاستجابة لمطالبهم، بالنظر إلى أن قطع الطرقات “بات الخيار الوحيد بأيدي المتظاهرين للضغط على الحكومة”، ومن دونه سيتحول الاحتجاج في الساحات إلى احتجاج شكلي “غير مؤثر”. وعلى هذا الأساس، جرى التحشيد في الشارع لموجة جديدة من إقفال الطرقات الرئيسية اليوم، بدءًا من ساعات الصباح الباكر.

وفي ظل التحذيرات من تدهور في الوضع الأمني، أكدت مصادر أمنية لـ”الشرق الأوسط” أن الوضع الأمني حتى اللحظة “تحت السيطرة الكاملة”.

وفيما تراهن القوى الأمنية على التفاوض مع المحتجين لفتح الطرقات، يراهن المحتجون في المقابل على تجنب القوى الأمنية والعسكرية أي صدام، مستندين إلى تجربة إقفال جسر الرينغ في بيروت، حيث فشلت المفاوضات بفتح الطريق، قبل أن تتخذ قوى الأمن الداخلي قرارًا، بناء على تعليمات وزيرة الداخلية ريا الحسن، بتركهم وعدم فتح الطريق بالقوة، وهو الجسر الذي تواصل إقفاله حتى ليل أمس.

وتؤكد مصادر أمنية لـ”الشرق الأوسط” أن “همنا الوحيد هو عدم التعرض للمتظاهرين”، مشددة على أنه “لن تكون هناك مواجهة مع المتظاهرين”. وقالت مصادر عسكرية، بدورها، إن الجيش لا يستخدم القوة المفرطة، ويرفض استخدامها، مشددة لـ”الشرق الأوسط” على أن الجيش “لا يقبل الاصطدام مع أحد، ويطالب بفتح الطرقات منذ اليوم الأول لتسيير أمور الناس”، مشيرة إلى أن قيادة الجيش “تتفاوض مع المعنيين، وتتواصل معهم، وتحذرهم من الاستمرار بهذا الوضع، وتشدد على أن الحل لا يمكن أن يكون غير حل سياسي”، وهو ما تكرره أيضًا وزيرة الداخلية.

ويراهن كل من الطرفين، الحكومة والمحتجين، على تنازل الطرف الآخر، في وقت ترزح فيه البلاد تحت تأزم إضافي، يتمثل في إشاعات تتحدث عن وضع مالي هش. وقالت مصادر سياسية مواكبة إن هناك مخاوف من تهافت المودعين على سحب ودائعهم من المصارف. وتلفت في تصريحات لـ”الشرق الأوسط” إلى أن المصارف “تتخذ إجراءات احترازية لمنع سحوبات مالية مفاجئة”، مضيفة: “من دون إجراءات للسيطرة على الودائع Capital Control، تقضي بتقنين السحوبات ومنع التحويلات تحت سقف محدد، فإنه ستكون هناك مخاطر في ظل موجات الإشاعات المتنامية”.

وشددت المصادر في الوقت نفسه على أنه “لا أزمة بالنقد، ومصرف لبنان يزود المصارف بالليرة المحلية كي يتمكن المواطنون من الأنفاق”، مطمئنة إلى أن الالتزام الذي ستدفعه الحكومة لتسديد سندات الخزينة في الشهر المقبل، البالغة قيمته 1.5 مليار دولار “بات مؤمنًا، كما أن الحكومة قادرة على سداد التزاماتها المالية خلال العام المقبل بالتأكيد، ولن يكون هناك أي تقصير”.

وفي غضون ذلك، تواصلت الاحتجاجات في العاصمة اللبنانية والمناطق الأخرى، ونزل اللبنانيون إلى الساحات بكثافة، بعد تنفيذ “سلسلة بشرية” تمتد من الشمال إلى الجنوب على طول الساحل اللبناني.

وبدأت السلسلة البشرية بالتشكل من عكار، وتحديدًا من مفترق بلدة حكر الشيخ طابا، عند المدخل الجنوبي لبلدة حلبا، ووقف في أول السلسلة ناشطون وطلاب مدارس من بلدة مشحا العكارية، وتابعت حتى طرابلس، واستكملت بعدها في مناطق متفرقة في البترون والكورة وجبيل ومناطق أخرى، وصولًا إلى بيروت. وامتدت السلسلة في مناطق متقطعة أيضًا جنوبًا إلى مدينة صيدا، فيما شبك محتجون في صور أيضًا أيديهم، ورفعوا الإعلام اللبنانية.

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن عشرات آلاف اللبنانيين شاركوا في تشكيل السلسلة البشرية أمس. وأشارت إلى أن آلاف الأشخاص بدأوا منذ الصباح الانتشار على الطرق لهذه الغاية، ممسكين بعضهم بأيدي بعض، لينجحوا أخيرًا بتغطية مسافة تمتد على 170 كيلومترًا من صور جنوبًا إلى طرابلس شمالًا، مرورًا بساحة الشهداء في وسط بيروت. ونقلت الوكالة عن جولي تيغو بو ناصيف التي شاركت في التنظيم: “يمكنني أن أؤكد أن تشكيل السلسلة البشرية قد تمّ بنجاح”. وقالت بو ناصيف إن “الفكرة خلف هذه السلسلة البشرية هي أن نظهر أن لبنان من شماله إلى جنوبه يرفض الطائفية”. وعلى واجهة بيروت البحرية، أمسك رجال ونساء وأطفال بعضهم بأيدي بعض، وحمل بعضهم الأعلام اللبنانية مرددين النشيد الوطني، وفق ما قاله مصور في وكالة الصحافة الفرنسية.

ومن منطقة زيتونة باي في بيروت، قالت منظمة أخرى للحدث قدمّت نفسها باسم “بنت بيروت” للوكالة الفرنسية: “الفكرة خلف هذا النشاط هي أن نظهر أننا موحدون من شمال لبنان إلى جنوبه”.

قد يهمك أيضًا

الاحتجاجات في لبنان تدخل يومها الـ11وترقُّب لأنباء "حاسمة" وسعد الحريري يُحدد الخيارات الأنسب