مؤتمر الحوار الوطني في اليمن،

اختتم مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، الأربعاء، جلسته العامة الأولى، دون أن يحسم الخلاف بشأن تشكيل رئاسة الفريق، الذي سيبحث "قضية صعدة"، وسط فوضى وأحداث عنف، كادت أن تعصف بالحوار، الذي بدأ في 18آذار/مارس في العاصمة صنعاء، بمشاركة نحو 565 عضوًا يمثلون مختلف الأطياف السياسية، وبرعاية دولية، وإشراف أممي. وأصدر المشاركون في المؤتمر بيانًا في ختام الجلسة الأولى، التي شهدت نحو 25 اجتماعًا، ضم إيجازًا لما توصلوا إليه خلال الأيام الماضية من بدء أعمال المؤتمر، كما ضم توصيات من أهمها ترك المجال مفتوحًا أمام قيادات المعارضة الجنوبية في الخارج، للالتحاق بالمؤتمر، الذي كانت قد رفضت المشاركة فيه، وتمسكت بمطلب انفصال جنوب اليمن عن شماله. وفي حين قرر المشاركون في الحوار اليمني مواصلة أعمالهم في الـ13 من نيسان/إبريل الجاري، أبدوا استياءهم من مظاهر الفوضى والشد والجذب خلال انعقاد الجلسة العامة الأولى، واستهجنوا، حسب البيان الصادر عنهم، "التهديد بالانسحاب من الحوار، أو تعليق المشاركة من قبل بعض الأطراف"، معتبرين ذلك "لا ينسجم مع طبيعة هذا المؤتمر، الذي يُعد فيه جميع الشركاء مسؤولين مسؤلية مباشرة عنه، و لا يوجد فيه طرف يتميز عن الآخر، أو أنه يتملكه، حتى يهدد بتعليق العضوية أو الانسحاب". وشددوا على "ضرورة تنفيذ النقاط الـ20 التي كانت اقترحتها اللجنة التحضيرية للحوار للتهيئة له، وقدمتها للرئيس هادي قبل بدء المؤتمر"، بما فيها "الاعتذار عن حرب صيف 1994، وعن حروب صعدة"، كما طالبوا الحكومة بـ"معالجة مشكلة العمال اليمنيين في السعودية، الذين تضرروا من إضافات استحدثت في قانون العمل السعودي". وقرروا "ترك الباب مفتوحًا أمام التحاق قوى المعارضة الجنوبية في الخارج بمؤتمر الحوار، وكلفوا هيئة رئاسة المؤتمر مسؤولية التواصل مع هذه الأطراف"، التي يتصدرها نائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض، وقيادات أخرى، تصر على مطلبها في "فك الارتباط" مع شمال اليمن، واستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب البلاد، قبل العام 1990. وأوصى المتحاورون بـ"استكمال الشروط الضرورية باستعادة الدولة، وتصحيح أوضاع الأجهزة العسكرية والأمنية وتوحيدها"، مطالبين الحكومة بـ"الاهتمام بضحايا العنف، الذين سقطوا خلال الاحتجاجات ضد نظام الرئيس اليمني السابق خلال العامين الأخيرين". كما حثوا على "سرعة إصدار قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، على النحو الذي يحقق مضامين التسوية السياسية، التي تجري العملية السياسية في ضوئها في الوقت الحالي". وفي حين توافقوا على انتخاب رؤساء ونواب لثماني فرق، بقي موضوع تشكيل رئاسة فريق "قضية صعدة" عالقًا، لسبب الخلاف الدائر بين ممثلي جماعة الحوثي (الشيعية)، من جهة، وبقية المكونات السياسية الأخرى. وفي السياق ذاته، أقدم أحد أعضاء الحوار، من المكونات المستقلة، الأربعاء، على الاعتداء على أحد ضباط الأمن بالضرب، حينما اعترض الأخير على دخول قريب لعضو الحوار، وهو نجل شيخ قبلي بارز، إلى المكان الذي تقام فيه جلسات الحوار، عن طريق تزوير بطاقة له، ما أدى إلى فوضى عارمة، وتوترات طغت على أجواء الحوار، كادت أن تؤدي إلى مواجهات دامية. ومن المقرر أن تناقش فرق الحوار التسع الملفات المطروحة على طاولة الحوار، كلاً على حدة، وكان أعضاؤها قد قدموا تصورات لجدول أعمالهم خلال الشهرين المقبلين، حيث يتوزع أعضاء كل فريق على مجموعات عمل أصغر، تناقش على مدار ستة أشهر ملفات الحوار الشائكة، بما فيها إيجاد حلول بشأن الاختلاف القائم بشأن شكل الدولة، والعلاقة بين الشمال والجنوب، وكتابة الدستور الجديد، وأحداث العنف السياسي التي عمت البلاد خلال العقود الخمسة الماضية، وصولاً إلى انتخابات عامة في شباط/فبراير 2014. ورغم المخاطر، التي لا تزال تحف العملية الانتقالية في اليمن، يأمل المجتمع الدولي أن يتمكن مؤتمر الحوار الوطني في اليمن من وضع حد لتداعيات الأزمات السياسية، التي شهدتها البلاد خلال العقود الأخيرة، ويؤسس لمستقبل جديد للدولة، بموجب اتفاق نقل السلطة، الذي قدمته دول الخليج العربي، ووقعت عليه الأطراف اليمنية في الرياض أواخر العام 2011، بدعم دولي وإشراف من الأمم المتحدة.