صورة من راديو إنزامبا

روى الصحافي جين بابتيستا بريها، الذي غطى أخبار الانقلاب في بورندي، العام الماضي، أحداث محاولة القبض عليه، لكنه هرب قبل وصول أعضاء جناح الشباب العسكري من الحزب الحاكم، وأضاف "لم أنم في منزلي مرة أخرى منذ تلك الليلة، وكان كل صحافي مستقل مطلوب بعد الانقلاب". وبعدها بأسبوع أوضح بريها أنه كان يسير مع صديق في العاصمة بوجومبورا، وفتح الحرس الرئاسي النار عليه، وأصابوا بريها وقتلوا صديقه، فهرب بريها بعد فترة وجيزة عبر الحدود إلى روندا للتمويه، وتبعه العديد من الصحافيين الآخرين هربًا من العنف والقمع المتصاعد.

وتجمع بريها الذي أعيد توطينه في كيغالي مع صحافيين آخرين في المنفى، لملء الفراغ الإخباري لتشكيل "راديو إنزامبا"، وهي محطة راديو إلكترونية مستقلة في المنفى، تبث من خلال "الفيس بوك"، و"تويتر"، "واتس اب". وأرسل "راديو إنزانمبا" من خلال شبكة من المخبرين معلومات هامة لمن يعيشون في بورندي، ولفتوا الانتباه الدولي لارتفاع معدلات القتل على أيدي الشرطة وعملاء المخابرات، وكانت البلاد في قبضة العنف السياسي لمدة 18 شهرًا، عقب محاولة مثيرة للجدل من الرئيس بيير نكورونزيزا، للحصول على ولاية ثالثة في منصبه بالمخالفة لدستور البلاد.

وأثار الانقلاب الفاشل حملة مكثفة من قبّل وسائل الإعلام المستقلة، ودمرت القوات الحكومية أبراج الراديو، واقتحمت استوديوهات التلفزيون في الفترة التي تسبق الانتخابات المثيرة للجدل، وفاز نكورونزيزا بالانتخابات، وتم استهداف الصحافيين والناشطين المشتبه في تعاطفهم مع المعارضة، وسعى النظام لتعزيز قوته. وأعلن تيري فيركولون مدير مشروع أفريقيا الوسطى في المجموعة الدولية، لمعالجة الأزمات أنه تم سحق المشهد الإعلامي، وأصبحت محطات الراديو الدينية والتجارية الهوائيات غير الحكومية الوحيدة الباقية. وتابع فيركولون "تساعد الهواتف المحمولة ومخيمات اللاجئين على الحفاظ على التواصل بين الأجهزة التأسيسية في بورندي التي تبعد عن بعضها يومًا بعد يوم، فضلًا عن ربط مخيمات اللاجئين والعاصمة والمناطق الريفية، وتربط بين بورندي وبقية العالم".

وظل باتريك ميتبارو الصحافي في "راديو إنزامبا"، ورئيس التحرير السابق في إذاعة Isanganiro يتحدى الرقابة الحكومية، مضيفًا "من خلال إغلاق محطات الراديو المستقلة يعتقد نكورونزيزا أنه يمكنه قمع الحقيقة، ولكن أدرك الأمر بشكل خاطئ في هذا العصر الحديث مع وجود منصات وسائل الإعلام الاجتماعية في جميع الأنحاء". وعلى الرغم من عدم إمكانية قياس مدى الوصول إلى وسائل إعلامية مستقلة مثل "راديو إنزامبا" و SOS Burundi، أوضح فرانسوا بيزيمانا الصحافي في إنزامبا، "هناك الكثير من المتابعين من داخل الحكومة والجيش، لأن الجميع يريدون معرفة ما يحدث أو من الذي قُتل".

وأعلنت ميرسي، الطالبة في جامعة بوجومبورا، والتي لم تكشف عن اسمها بالكامل، أن الحكومة اعتقلت شقيقها وأنه أقتيد إلى مقر قيادة الجيش في سبتمبر/ أيلول العام الماضي، لعدة أسابيع، لكن أسرته لم تعلم مكانه أو ما إذا كان حيًا، حتى أطلق "راديو إنزامبا" تقرير بأنه تعرض للتعذيب حتى الموت في مكتب الاستخبارات الوطنية، وجثته موجوده في إحدى المستشفيات، وأضافت ميرسي "بعد زيارة المشرحة وجدنا جثته وتم تمييزها بكونها غير معروفة على الرغم من أن القتلة يعرفون من هو"، وأخبرت محطة الراديو أيضا عن مقابر جماعية في بورندي، وكشفت أماكن وهويات أشخاص تم دفنهم وبينت المسؤولين عن القتل.

ويعتبر الحزب الحاكم في بورندي "راديو إنزامبا"، من المنصات المعادية للحكومة والذي تدعمه روندا، والتي يعتقد نكورونزيزا أنها تدرب المتمردين الذين تعهدوا بالإطاحة به، فيما تنفي روندا ذلك، ولكن لا يخفي أن رئيس روندا "بول كاجامي"، الذي يستعد لترشيح نفسه لولاية ثالثة من تلقاء نفسه من منتقدي نكورونزيزا، ويقول المراقبون الإقليميون أن كاجامي من نقاد بورندي، لكن حكومته تؤكد على الخط الدقيق الذي يجب أن يسير عليه الصحافيون، وتابع بيزيمانا "الناس يواجهون السجن إذا تم ضبطهم يسمعوا راديو إنزامبا، ونحن نستخدم أكواد بالنسبة لمسؤولي الحكومة أو الجيش، ولدي جروب على الواتس أب من 87 من ضباط الجيش، الذين ينتظرون أخبارنا على مدار الساعة، ويسمحوا الأخبار فورًا بعد سماعها، أنهم نفس الأشخاص الذين يعطونا الأخبار والمعلومات، إنهم من يدعمنا في هذا النضال".

وشعر بريها بالقلق على سلامته عندما وجد ملجأ في روندا، لأنه يعلم أن قوات الأمن البورندية ربما تأتي للبحث عنه، ولذلك يحرص على الغياب عن الأنظار ولا يذهب إلى المطاعم والحانات، لكنه يجلس أمام الكمبيوتر في غرفة الأخبار في إنزامبا ويشاهد صور من قُتلوا لمعارضة نكورونزيزا قائلًا  أعرف العديد من هؤلاء الناس الذين قُتلوا، بعضهم من الأصدقاء المقربين، أتمنى أن يحصل هؤلاء على العدالة يوما ما".